دراسة أحداث هيأت لنزول الرسالة في مكة المكرمة
تعتبر السيرة النبوية مصدرًا هامًا للتعرف على تاريخ الإسلام وتراثه، وتعد مرجعًا مهمًا للعلماء والدعاة…
اقرأ المزيد{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281]. مما لا شك فيه أنّ الحياة على هذه الأرض ستنتهي وأن البشر والحجر والشجر إلى زوال، وأن الله سيبعث من في القبور، وأنّ العباد مصيرهم إما إلى جنة عرضها كعرض السماء والأرض، أو إلى نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى.
وقد اتفق العُلماء على أنّ أحداث يوم القيامة تبدأ: (بالبعث، ثُمّ النشور، ثُمّ الحشر، ثُمّ الحساب وفي الحساب يكون تطاير الصُحف والكُتب والميزان، ثُمّ الصراط)، وقد اختلف العُلماء في الحوض هل يكون قبل الصراط أو بعده بناءً على الأدلة الواردة فيهما.
لم يظهر من علامات الساعة الكبرى أي علامة، لأنها إذا ظهرت تتابعت كخرزات العقد، وهي تقسم إلى نوعين:
هم قوم من ذرية آدم عليه السلام، قام ذو القرنين ببناء سدّ عليهم ، وقد بدأت الفتحة في سدهم تتسع في زمن النبي ﷺ: دخل النبي ﷺ ذات يوم في بيته بيت زينب وهو يقول ﷺ: «ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا؛ وحلق بين إصبعيه».
هذا السدّ سينهدم في آخر الزمان ويكتسح قوم يأجوج ومأجوج الأرض، حتى يصلوا إلى الشام فيأمر الله المسيح عيسى بن مريم عليه السلام أن يذهب إلى الجبال مع المؤمنين، ويصل قوم يأجوج ومأجوج إلى بحيرة طبريا فيشربونها، ثم يسيطرون على الأرض ولا يبقى إلا أصحاب عيسى عليه السلام الذين معه أو مستخفٍ بإيمانه،
ثم يقولون: قتلنا من في الأرض فلنقتل من في السماء، فيأخذ أحدهم حربة فيرميها إلى السماء فترجع وعلى رأسها الدم، فيقولون: قتلنا الله -تعالى الله سبحانه-، فيفتن ضعاف الإيمان ويكفرون.
عندها يلح المسيح عليه السلام والمؤمنون بالدعاء، فيستجيب الله سبحانه ويرسل على قوم يأجوج ومأجوج “النغف” في رقابهم، وهو مخلوق صغير كالدود في أنف البعير، فيموت به قوم يأجوج ومأجوج جميعًا، ومن كثرتهم يصيب الأرض النتن وتنتشر الأمراض فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله تعالى،
فيرسل الله تعالى طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله عز وجل مطرًا فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة -المرآة-، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردّي بركتك».
يبدأ انتشار الضلال من جديد بعد وفاة المسيح عيسى بن مريم بسنين قليلة، ويظهر الكفر والشرك بين الناس، عندها تبدأ علامات الساعة التي تقطع التوبة وتعلن عن النهاية، وأولها خروج الدابة أو طلوع الشمس من مغربها، أيهما ظهر أولًا فتتبعه الأخرى مباشرة.
قال تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل:82]، جاء في صحيح مسلم حديثها وفيه:
اسمها الجساسة، كثيرة الشعر، من كثرة شعرها لا يعرف رأسها من دبرها، وتتميز بأنها لم تولد من أبوين، وإنما أخرجت من الأرض إخراجًا، يعطيها الله سبحانه القدرة على الكلام فتحدث الناس فتفهمهم ويفهمونها، ثم تختم الناس فتميز الكافر عن المؤمن.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لا تقوم السَّاعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت، فرآها الناس؛ آمنوا أجمعون، فذاك حين {لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا}» [البخاري ومسلم].
تبقى هذه العلامة ثلاثة أيام متتالية، ثم تعود إلى دورتها الطبيعية، ويعيش الناس بعدها أجيال، المؤمن مؤمن والكافر كافر، حتى يأذن الله سبحانه وتعالى بفناء البشرية.
يعيش الناس أجيال لا يعلم مقدارها إلا الله بعد ظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها، ثم يأذن الله سبحانه بفناء البشرية، فيرسل من اليمن ريحًا طيبة: ألين من الحرير، فلا تدع أحدًا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته»، ويقول ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله».
وفي صحيح مسلم: «يبعث الله ريحًا طيبة، فتأخذ المؤمنين من تحت آباطهم، فتقبض روح كل مسلم، ويبقى سائر الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر -يعني: تبقى الفاحشة علنًا في الشوارع- وعليهم تقوم الساعة».
هي آخر علامات الساعة الكبرى وهي نار تخرج من عدن تسوق الناس إلى محشرهم؛ أي تقوم بإرغام الناس إلى أرض المحشر ألا وهي الشام، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنّ النبي ﷺ قال: «ستخرج نار قبل يوم القيامة من حضرموت -وفي رواية: من عدن- تحشر الناس، قالوا: فيم تأمرنا يا رسول الله؟ قال: عليكم بالشام».
بعض علامات الساعة الصغرى ظهر وبعضها لم يحن وقت ظهوره، وليس هناك زمن يربطها فهي متباعدة، وقد أخبرنا رسول الله ﷺ عن فتن وأحداث ستأتي بعده تدل على اقتراب الساعة، وهي أصناف منها:
قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر:68]،
قال رسول الله ﷺ: «كيف أنعم؟! وصاحب القرن قد التقم القرن واستمع الإذن، متى يؤمر بالنفخ فينفخ»، فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي ﷺ فقال لهم: «قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا».
عن ابن عمر رضي الله عنه : قرأ رسول الله ﷺ هذه الآيات يومًا على المنبر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، ورسول الله يقول: هكذا بإصبعه يحركها، «يمجد الرب جل وعلا نفسه، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم»، فرجف برسول الله ﷺ المنبر، حتى قلنا: ليخرّنَّ به.
كم المدة بين النفختين؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ما بين النفختين أربعون»، قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يومًا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت.
في أي يوم تقوم الساعة؟
يوم الجمعة: قال ﷺ: «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمس يومُ الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة».
ويقصد به البعث من الموت ويكون بعد النفخة الثانية، يخرج الناس من قبورهم مرددين قول الله تعالى {يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:52].
كيف يتم البعث؟
جاء وصف البعث أنه كما ينبت النبات: ( ثم ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا وهو “عجب الذنب” -آخر عظم في العمود الفقري-، ومنه يركّب الخلق يوم القيامة).
أرض المحشر والمنشر أرض جديدة ينشئها الله سبحانه وتعالى { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} إبراهيم [48].
قال رسول الله ﷺ: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقُرصة النّقي -ملساء-، ليس فيها مَعْلم لأحد».
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلًا»، قلت: يا رسول الله، الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض، قال ﷺ: «يا عائشة، الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض»، {لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37].
دنو الشمس من رؤوس الخلائق كل على حسب عمله: عن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- مرفوعاً: «تُدْنَى الشمسُ يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار مِيل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق،
فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حِقْوَيْهِ، ومنهم من يُلْجِمُهُ العرقُ إلجامًا»، قال: وأشار رسول الله ﷺ بيده إلى فيه.
عذاب مانعوا الزكاة: قال رسول الله ﷺ: «من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته، مثل له ماله يوم القيامة شجاعًا أقرعً له زبيبتان -ذكر الحية شديد السم- يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني بشدقيه-،
ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:180].
كيف يحشر المتكبرين؟
قال ﷺ: «يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذّر في صور الرجال، يغشاهم الذّل من كل مكان».
ولا تكون إلا لرسول الله ﷺ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟
فيأتون الأنبياء واحد تلو آخر فيعتذر الانبياء، حتى يصلون إلى النبي ﷺ فيقول: (أنا لها، أنا شافعها المشفع، فأنطلق، فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي).
ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: يا رب! أمتي يا رب! أمتي، فيقال: يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وبصرى»، [أخرجه الشيخان].
يوم الحساب أو يوم الجمع يجتمع فيه البشر والبهائم والجن بمشهد عجيب ، {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الزمر:69]،
ترى تطاير الصحف {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة].
أما عن شدة الحساب: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «ليس أحد يحاسب إلا هلك، قالت: قلتُ: يا رسول الله، جعلني الله فداءك، أليس يقول الله عزَّ وجل: {فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حساباً يسيراً}، قال: ذاك العرض يُعرضون، ومن نوقش الحساب هلك».
ما الذي يسأل الناس عنه يوم القيامة؟ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».
الهدف من الميزان حساب أعمال العباد حيث توزن أعمالهم، ويتبين من إلى الجنة ومن إلى النار، فمن ترتفع دفة حسناته يذهب إلى الجنة، ومن ترجح كفة سيئاته فإلى النار.
هل هناك من تتساوى حسناته وسيئاته؟
نعم وهؤلاء يسمون بأصحاب الأعراف، يوضع لهم مكان بين الجنة والنار، فكلما التفتوا إلى أهل النار تعوذوا، وكلما التفتوا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها، حتى يأذن الله فيدخلون الجنة.
من مشاهد الميزان:
«إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة».
قال ﷺ: «يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسع وتسعون سجلًا كل سجل مد البصر، ثم يقال: أتنكر من هذا شيئًا؟ فيقول: لا يا رب، فيقال: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل ويقول: لا.، فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة – وهي الورقة الصغيرة – فيها:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب وما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة» رواه الحاكم في مستدركه.
ما المقصود بالحوض؟
هو الحوض النبي ﷺ الذي يصب فيه نهر عظيم يسمى الكوثر، قال عنه رسول الله ﷺ «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا»، «أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما: من ذهب، والآخر من ورق» [رواه مسلم].
من هم المبعدون عن حوض النبي ﷺ: قال ﷺ: «ليردنَّ علي أقوامٌ أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا لمن بدّل بعدي».
ما هو الصراط؟
هو جسر يربط بين أرض المحشر والجنة يمر من فوق النار، يجتازه جميع العباد {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا} [مريم:71]، سئل رسول الله ﷺ ما الجسر؟
فقال: «مدحض مزلة، فيه خطاطيف وكلاليب وحسك، فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم» [رواه مسلم].
ما المقصود بالجنة؟ هي الجزاء العظيم والثواب الجزيل، الذي أعده الله لأوليائه وأهل طاعته
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قلنا يا رسول الله، الجنة ما بناؤها؟ قال: «لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، ولا يبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم» [رواه أحمد]،
وصدق الله حيث يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان:20]، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17].
ما المقصود بالنار؟ هي العقاب العظيم والعذاب الأليم، الذي أعده الله لأعدائه وأهل معصيته، {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [آل عمران:192]، {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيم} [التوبة:63]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله ﷺ إذ سمع وجبة، فقال النبي ﷺ: تدرون ما هذا؟ قال قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفًا، فهو يهوي في النار الآن، حتى انتهى إلى قعرها».
روى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( إِذَا صَارَ أَهْلُ الجَنَّةِ إِلَى الجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ لاَ مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ)
فتفنى الأكوان، وتبدل الأرض غير الأرض والسموات، ويحق الله الحق بكلماته، ويحكم بين الخلائق بالقسط، ويسكن أهل الجنة الجنةَ وأهل النار النار، خالدين مخلدين.
ويكون في الجنة فضل ، فينشئ الله خلقا آخر فيسكنهم فضل الجنة روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: ( لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العَالَمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ، قَدْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلاَ تَزَالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ، حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ ) .
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
اسماء الجنة وصفتها والأعمال الموجبة لها و الموت والبرزخ في القرآن والسنة
اتفق العُلماء على أنّ أحداث يوم القيامة تبدأ بالبعث، ثُمّ النشور، ثُمّ الحشر، ثُمّ الحساب وفي الحساب يكون تطاير الصُحف والكُتب والميزان، ثُمّ الصراط، وقد اختلف العُلماء في الحوض هل يكون قبل الصراط أو بعده بناءً على الأدلة الواردة فيهما.
يوم الحساب أو يوم الجمع يجتمع فيه البشر والبهائم والجن بمشهد عجيب ، {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الزمر:69]، ترى تطاير الصحف {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة].
يعرف يوم القيامة باليوم الآخر، ويبدأ هذا اليوم من حين الحشر إلى أن يدخل الناس الجنّة أو النّار، أو إلى الأبد، وسُمي بذلك؛ لأنه آخر يومٍ في الدُنيا، ولأنّه مُتأخرٌ عنها، أو لأنّه آخر وقتٍ مُحدد، ويعرّف الإيمان به بأنّه التصديق الذي لا شكّ فيه بنهاية الحياة الدُنيا في وقتٍ حدده الله -تعالى- بعلمه
قال الله تعالى: تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)