الحضارة مفهومٌ ضاربٌ في القدم منذُ تاريخِ وجودِ الإنسان على هذه الأرض؛ إذ لا حضارة بلا إنسان، ولا إنسانَ من غير تاريخ، ولكلِّ حضارةٍ تاريخها المُحدد، ولكلّ إنسانٍ حضارته، كما تُعدّ الحضارة الوجهُ الآخر للإنسان؛ وبها يُظهرُ مقدار قوّته، وضعفه، وتقدّمه.
صناعة الحضارة من المواضيع الفكرية التي من شأنها الصعوبة، ولكن الدكتور طارق السويدان عمل على تبسيط هذه المادة وتقسيمها لخماسيات، تناولت المحاور الآتية: مفهوم الحضارة، ومقومات الحضارة، وكيف كنا حضارة، وكيف نرجع للحضارة من جديد.
يبدأ الدكتور هذه السلسلة بذكر 5 تعاريف للحضارة، فما هي هذه التعاريف؟ ومن أصحابها؟ كونوا معنا..
إذا تأملنا في تعاريف الحضارة نجد أن الذي يجمع بينها هو أن الحضارة هي فكر بالدرجة الأولى، فالمشكلة الجذرية التي نعيشها اليوم هي أن الأمة تخلت عن هويتها وفكرها وراحت تسعى وراء الأشكال، وبهذه الطريقة لن تصل إلى الحضارة أبداً، لأن الحضارة فكر باتفاق جميع علماء الاجتماع ثم يأتي الإنتاج.
والقرآن الكريم من إعجازاته أنه لخّص للبشر قوانين، بعض هذه القوانين مرتبط بالكون وبعضها بالآخرة، وهناك القوانين التي تحكم البشر في حياتهم الدنيا، دعونا نتعرّف على بعضها.
في الآيات القرآنية الآتية مجموعة من القوانين تحكم الحضارات البشرية، تعالوا بنا نستخرجها:
العلم مرتبط بالإيمان قضية مُسلّمة عندنا نحن المسلمين، لكنها ليست كذلك عند غيرنا، وما نهضت أوروبا إلا لمّا تَخلّت عن الدين، أمّا نحن! ضَعُفنا وانهرنا لمّا تخلينا عن ديننا، لأنه كان منهجياً في تعامله مع العلم.
فما هي العلاقة بين العلم والدين؟ وما هي القواعد الناظمة لهذه العلاقة؟
ثم ما هي العلاقة بين الوحي والعقل؟ ومتى يحكم كل منهما؟
هدف التشريع إقامة العدل بين الناس، ولكن مفهوم العدل عندنا مختلف عن غيرنا من حضارات، فهو لا يخضع لفكر البشر فقط بل للإحسان –أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك– وهو مرتبط بالتربية وغرس تقوى الله في النفوس، ويمكننا الارتكاز فيه على قاعدتين:
محمد قطب يقول: (لو تتبعت النيل وبدأت من منابعه في أدغال إفريقيا، لوَجدت أناساً عُراة يعيشون في حياة بدائية يعتبرهم الناس متخلفين حضارياً، ولو أكملت مع النيل إلى المصبّ ستجد أناساً عُراة ولكنهم يُعتبرون حضاريين)؟! فما هي المقومات الأخلاقية الحقيقية للحضارة؟
مطلوب من المسلمين أن يكونوا أمة قوية؛ ولكن ليس لاستعباد الناس والاستيلاء على ثرواتهم، فسيدنا أبو عبيدة بن الجراح أعاد لأهل حمص الجِزية التي أخذها منهم عندما اضطر للانسحاب، وانسحب جيش المسلمين من سمرقند؛ لأن أهلها اشتكوا أنهم لم يُخيّروا قبل أن يبدأ القتال.
ليتحقق ذلك اليوم: لابدّ من (مقوّمات فردية عملية، ومقومات جماعية) نعيد من خلالِ بنائِها الحضارة الإسلامية، دعونا نتعرف على هذه المقومات من خلال هذه الحلقة.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
مسألة رفعة الأمة وعودة حضارتها بدأت؛ ولكن هناك من سيسمع ولا يعمل، وهناك من سيعمل ويساهم، ولا يستويان عند الله تعالى، {ولينصرن الله من ينصره} معنى أن ننصر الله عزّ وجل هو تطبيق ذكره من مقومات، ثم هناك قاعدة جعلها الله لهذه الأمة {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}، ولنعلم أنه {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا} أي عندما صار كل ما حولهم يدعو إلى اليأس جاءهم النصر.
معرفة ما حصل سابقاً من انحدار للأمة؟ وكيف نتجنّبه؟ وأين نحن اليوم؟ وكيف ننهض من جديد؟
كل الأمم مرّت بفترة طويلة من الصعود، وفترة قصيرة من الانهيار إلا أمة الإسلام، والذي أسقط الامبراطوريات القديمة أمام المسلمين اجتماع أمرين اثنين:
ثم يتنقل الدكتور طارق السويدان ليحدثنا عن دراسة للمنحنى الحضاري للأمة الإسلامية، في فترة الصعود؛ التي بدأت بالهجرة إلى المدينة وانتهت مع نهاية الخلفاء الراشدين.
بدأ انهيار الأمة الحضاري في فترة الحكم العثماني، ولذلك الانهيار أسباب ومؤشرات:
ولكن: ما الذي جعل الأمة تبقى لا تنتهي كالأمم الأخرى؟ وما الحال التي وصلت لها مع بداية هذا القرن؟
بعد سقوط الحكم العثماني على يد جمعية الاتحاد والترقي، بدأت تظهر حركات محلية: (السنوسية – المهدية – محمد بن عبد الوهاب..)، ثم لأول مرة بدأت تظهر حركات جماعية تشمل الأمة، بدأها الإمام حسن البنا في مصر وأنشأ حركة الإخوان المسلمين 1928م، ثم بعد حين ومن غير اتصال يخرج عام 1941م الإمام أبو الأعلى المودودي في شبه القارة الهندية.
فما هو الطرح الفكري الذي قدمته الحركتان؟ وما أثر ذلك على الأمة اليوم؟
إذا أردنا فهم ما يجري من صراع الحق والباطل: هناك طبقة هلامية سائدة تعيش على تقليد الآباء، وعلى الشهوات والرغبات، يأتي الحق ليحاول توجيهها، ويأتي الباطل فيزدادان على حسابها، وهنا القاعدة: لا ينتصر الحق إذا كان مختلطاً بالباطل، ولكن عندما يتميز عنه يحدث الانتصار، فكلما ازداد التميز اقترب النصر.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشّرنا بأن الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ستعود من جديد، فكونوا جزءً من هذه النهضة ولا تكونوا متفرجين ولا محبطين قال تعالى: {كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِىٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ}.
وختاماً: لا تنسى مشاركة هذه المقاطع مع الأصدقاء..
كما يمكنكم الاستماع لمزيد من السلاسل الصوتية: إدارة الوقت و النجاح في الحياة
والمزيد عبر موقع الدكتور طارق السويدان