الإمام أحمد بن حنبل للدكتور طارق السويدان mp3 صوتية
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - الأئمة الأربعة

أحمد بن حنبل هو رابع الأئمة الأربعة، وفي الفقه الإسلامي هو صاحب المذهب الحنبلي.

اشتُهر بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وكان معروفاً بعلمه الغزير وحفظه القويّ.

يقول عنه الإمام الشافعي: (خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل).

الأئمة الأعلام

سلسلة يعدها ويقدمها الدكتور طارق السويدان.. تتحدث عن نفر من العلماء وهبوا أنفسهم لهذا الدين تعلماً، وتعليماً، وجهاداً، وصدعاً بالحق.. كانوا أئمة هدى قادوا الأمة وسطروا صفحات مضيئة عبر تاريخنا الإسلامي.. دعونا نستمع في هذه الحلقة إلى سيرة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.

 

 

الإمام أحمد بن حنبل – تعريف

يحدثنا الدكتور طارق السويدان في هذه الحلقة عن أهم سمات شخصية الإمام أحمد بن حنبل في تحصيله لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثباته أمام فتنة عظيمة كادت تتسبب بتحريف الإسلام لولا موقفه الصامد فيها.

ثم ينتقل بنا الدكتور إلى نسب الإمام أحمد بن حنبل العربي الرفيع، وليعرفنا على أبويه وجدّه، ويبتدئ بعدها بقصة ولادته ونشأته ودور أمّه العظيم في تربيته الأخلاقية والعلمية، فهيا بنا للمتعة والفائدة.

 

الامام أحمد بن حنبل –  رحلة في طلب العلم

كان يعمل في لقط الحبّ، وكانت أمه تعمل في الخياطة، ومع ذلك كرّس حياته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب مقولة: (مع المِحْبَرة إلى المَقبرة).

ومن الذين تلقى على أيديهم الحديث الحافظ المحدث أبو بكر بن عياش، ولكن الثروة الكبرى كانت من الإمام هشيم بن بشير، فلمّا مات بدأت مرحلة جديدة في حياة الإمام وهي السفر لطلب العلم، وأول ما خرج من بغداد توجه إلى الكوفة، فتلقى عن ثلاثة من كبار الأئمة والعلماء فيها: يحيى بن آدم، وعبد الرحمن بن محمد، ووكيع ابن الجراح.

بعد رحلاته في الكوفة ذهب إلى البصرة، فالتقى بثلاثة من كبار الفقهاء والمحدثين وهم: إسماعيل بن علية، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، ثم انتقل بعدها إلى واسط فتلقى فيها العلم من رجل عظيم هو يزيد بن هارون، وبعد ذلك بدأت الرحلة إلى خارج العراق، فتوجه إلى مكة المكرمة.

 

الإمام أحمد بن حنبل – الصعوبات والتحديات في تحصيل العلم

يحدثنا الدكتور طارق سويدان في هذه الحلقة عن المسيرة العلمية للإمام أحمد بن حنبل التي تحدى بها كل الظروف المحيطة والقاسية.

انطلق الإمام أحمد بن حنبل من الحجاز إلى صنعاء وتلقى العلم من شيخه: عبد الرزاق الصنعاني، والتقى بمحدث آخر في صنعاء وهو: إبراهيم بن معقل بن منبه الصنعاني.

وصل الفقر والجوع بالإمام أحمد في صنعاء إلى أن يرهن نعله عند خبّاز في مقابل إعطاءه الخبز، ومع ذلك: ما فتر ولا وَهَن، ولا ضَعُف في طلبه للعلم.

من شيوخ الإمام أحمد بن حنبل

يستعرض الدكتور طارق السويدان نبذة عن العلماء الذين تعلم الإمام أحمد ابن حنبل على أيديهم، والذين بلغ عددهم 414 شيخًا حسب ما ذكره الإمام ابن الجوزي، ومنهم: هشيم بن بشير، ويزيد بن هارون، وإسماعيل بن علية، وتحدث عن الشهادات العظيمة من كبار العلماء لابن علية في حفظه العجيب، وكثرة عبادته وزهده.

ثم ينتقل لشيخه أمير المؤمنين في الحديث سفيان بن عيينة صاحب المكانة الذي قيل فيه: “لولا مالك وسفيان لضاع علم الحجاز”، وكان له مجموعة من الحكم منها قوله: (أول العلم الاستماع ثم الإنصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر)، ويختم بالإمام عبد الرزاق الصنعاني والإمام الشافعي أعظم شيوخه في الفقه.

 

الإمام أحمد بن حنبل – الأسرة وحلقة العلم

بلغ الإمام أحمد بن حنبل مكانة رفيعة في العلم، لكنه لم يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ سنَّ الأربعين -العُمر الذي بعث فيه النبي-، جلس يُحدِّثُ في مسجد بغداد الكبير، وجاء إليه طلاب العلم من كل حدب وصوب، ويذكر أن عدد طلاب حلقته بلغ 5,000، ومن يكتب منهم 500.

تزوج الإمام أحمد بن حنبل لمّا بلغ سنّ الأربعين؛ بسبب تفرغه للعلم، وكانت أول من تزوجها العباسة بنت الفضل وولدت له: صالح، بعدها تزوج ريحانة التي أنجبت: عبد الله، وأخيراً حُسْن التي ولدت له: زينب ثم توأمين هما الحسن والحسين فماتا بعد ولادتهما، ثم وَلدت الحسن ومحمداً، ثم وَلدت بعد ذلك سعيداً.

 

الإمام أحمد بن حنبل – الأخلاق

يتكلم الدكتور طارق السويدان عن زهد الإمام أحمد بن حنبل فيما عند الناس رغم ما كان به من حاجة، ويقصّ علينا عنه العديد من القصص منها: قدّم المأمون مبلغاً من المال لأحد العلماء ليقسمه على أهل الحديث؛ فقد أراد منهم أن يتفرّغوا للعلم، فما بقي أحد إلا أخذ عدا أحمد بن حنبل.

الإمام أحمد نموذجٌ فريدٌ في خُلقه وأدبه في علاقاته الاجتماعية، كان من حرصه على مشاعر الإمام إسماعيل بن إبراهيم أنه كان ينهى الناس أن يدعونه: إسماعيل بن عُلَيّة؛ فكان يقول: (قل إسماعيل بن إبراهيم فقد بلغني أنه يكره أن يُنسب إلى أمّه).

 

الإمام أحمد بن حنبل – الأراء السياسية

يحدثنا الدكتور طارق عن أراء الإمام أحمد بن حنبل فيما يتعلق: بمسألة الخلافة والحكم والسياسة، وكذلك مسألة الخروج على الحاكم، وما يجب للحاكم من طاعة.

بداية رأيه في الخلافة كمعظم الفقهاء في أنها لا يجوز أن تكون إلا في شخص من قريش، وأنه لا يجوز الخروج على الحاكم الفاسق أو الظالم، كما يُقرُّ بالخلافة للخلفاء الراشدين على ترتيبهم، ووقف محايداً في مسألة الخلاف بين الصحابة، والإمام أحمد بن حنبل كان يؤيد الدولة العباسية وخلفاءها، ولا يرى الخروج عليها، وهذا موقف انفرد به الإمام أحمد عن الأمة الأربعة.

 

الامام أحمد وفتنة خلق القرآن الكريم

يحدثنا الدكتور طارق السويدان عن نشأة فتنة “خلق القرآن”، وأول من قال بها، وكيف تعامل معها الخليفة هارون الرشيد، وبالمقابل كيف قويت بفعل طائفة المعتزلة حتى تبنّاها الخليفة المأمون ثم بدأ بحمل العلماء وإكراههم عليها، فأصدره أمره بأن العلماء اللذين لا يستجيبون: لا يتولون القضاء ولا المناصب، ولا تقبل لهم شهادة.

وكيف انقسم علماء الأمة إلى ثلاثة: فبعضهم أذعن لأمر المأمون، وبعضهم حاول أن ينجوا بقول وسط، والآخرين ثبتوا وواجهوا هذه الفتنة وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل.

 

الإمام أحمد بن حنبل والمحنة في زمن المأمون

وقف الإمام أحمد بن حنبل صامداً ومعه الإمام محمد بن نوح أمام الفتنة، وفي الطريق إلى المأمون أقبل عليه خادم المأمون وهو يقول: (يعزّ علي يا أبا عبد الله، إنَّ المأمون قد سل سيفاً لم يسله قبل ذلك، وإنه يقسم بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف)، فماذا حصل؟ استمع للحكاية كاملة بهذا المقطع.

 

الإمام أحمد بن حنبل والمحنة زمن المعتصم

أوصى المأمون أخاه المعتصم باتباع رأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن، فلم يكن المعتصم رجل علم فأوكل ذلك إلى وزيره أحمد بن دؤاد الذي حمل الناس على رأيه بقوة السلطان وعنف الامتحان، فخاض الإمام أحمد المناظرات أمام المعتصم، ولما عجزوا عن المواجهة بالبرهان، طلبوا من المعتصم قتل الإمام أحمد بن حنبل.

نتابع في هذه الحلقات مناظرات الإمام أحمد، وما تعرض له من سجن وتعذيب وأذى، وكيف صبر ولم يخضع، وعناية الله سبحانه وتعالى له، ثم انتصاره في هذه المواجهة غير المتكافئة.

 

الإمام أحمد بن حنبل والمحنة زمن الواثق

كان الواثق رجل علم ولكنه شديدُ الخصومة، لذلك لم يضرب الإمام أحمد كما فعل المعتصم، خوفاً من زيادة منزلة الإمام عند الناس، فقال الواثق: «لا تجمعن إليك أحداً، ولا تساكني في بلد أنا فيه»، فأقام ابن حنبل مختفياً حتى مات الواثق.

ثم يروي الدكتور طارق سويدان قصص الأئمة الذي وقفوا في وجه هذه الفتنة ومن أبرزهم:

  • الإمام أحمد بن نصر الخزاعي: حاول القيام بثورة لكن الواثق ضرب عنقه وعلّق رأسه في بغداد أياماً.
  • الإمام نُعَيم بن حمّاد: وفاته المنية في سجن سامراء وألقي في حفرة دون كفن.
  • الإمام يوسف بن يحيى البويطي: صاحب الإمام الشافعي، حُمل مقيَّداً مغلولاً حتى مات في أصفاده.
  • وأخيراً الإمام أبو عبد الرحمن الأذرمي: الذي حاجج شيخ المعتزلة الوزير ابن أبي دؤاد وهزمه أمام الواثق، فأطلقه وأمسك عن التمادي في القول بخلق القرآن.

 

الإمام أحمد بن حنبل زمن المتوكل

قام الخليفة المتوكل بإنهاء فتنة “خلق القرآن”، فقال فيه قاضي البصرة: «الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق قاتلَ أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز ردَّ مظالم بني أمية، والمتوكل محا البدع وأظهر السنة».

ثم كان اللقاء بين الإمام أحمد بن حنبل والخليفة المتوكل، وسُرّ الخليفة وأكرم الإمام أحمد، إلا أن الإمام لم يسقط أمام هذا العزّ والعطاء كما لم تسقطه المحن والفتن.

 

مكانة الإمام أحمد بن حنبل

لولا موقف الإمام أحمد بن حنبل الصامد في الفتنة لانحرفت العقيدة، لذلك لما انتهت فتنة خلق القرآن اِرتفعت مكانة الإمام بين الناس وصار قبلة لهم وإماماً.

يروي الدكتور طارق سويدان مقتطفات من سيرة الإمام أحمد بن حنبل، فيما يتعلق بعبادته لله تعالى وإقباله عليه ودعائه له، ومواقف من ورعه وحرصه على المال الحلال، بالإضافة إلى أقول العلماء فيه.

 

فقه الإمام أحمد بن حنبل

مذهب الإمام أحمد بن حنبل هو مذهب أهل الحديث، فشيوخه الذين أخذ عنهم كانوا جميعاً من أهل حديث، كما أن كتابه الشهير “المُسند” كتابُ حديث، فهو يعتبر أكثر الأئمة الأربعة تمسّكاً بإطلاق الأحكام بناءً على الأحاديث ويعتبر في هذا أعلى من الإمام مالك بن أنس.

يقوم مذهب الإمام أحمد على الأصول الآتية: (القرآن الكريم ثم السنة الشريفة ثم أقوال الصحابة ثم القياس عند الضرورة ثم الإجماع بشكل ضيّق)، لذلك يصفه البعض بالشّدة في مسائل العبادات، لكنه من أيسر المذاهب فيما يتعلق بمصلحة الناس وتعاملاتهم، ثم ينتقل الدكتور إلى الحديث عن مؤلفات الإمام أحمد وأعظمها كتابه “المُسند”.

 

تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل

يتحدث الدكتور طارق سويدان عن أبرز تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل وهم:

  • عبد الملك الميموني: صحبه 27 عاماً.
  • أبو بكر المروذي: يثق به الإمام وكان يخدمه وصاحبه في كل الأحداث.
  • مُهنئ بن يحيى: صاحب الامام 43 عاماً.
  • أبو بكر الأثرم: أكثرهم تشبّهاً بالإمام.
  • إبراهيم بن إسحاق الحربي: إمام وفقيه وأديب وشاعر وزاهد.
  • صالح بن أحمد بن حنبل: عالم نقل عن الإمام أدقّ تفاصيل حياته وعمل قاضياً لأصفهان.
  • عبد الله بن أحمد بن حنبل: رتّب المسند وأضاف إليه 10 آلاف حديث.

 

بقي بن مخلد صاحب الإمام أحمد

أخذ بقي بن مخلد العلم من شيوخ الأندلس، ثم سأل عن أعلم الناس بالحديث فأرشدوه إلى الإمام أحمد بن حنبل، ولكنّه كان فقيراً لذلك سافر ماشياً واستمر في سفره 5 سنوات، ثم إنه وصل أيّام المحنة وكان الإمام في الإقامة الجبرية، ولكن ذلك لم يمنعه من طلب العلم، فما هي الحيلة التي اتخذها ليتلقّى العلم من الإمام أحمد؟ تعرّف عليها في هذا المقطع.

 

الفقه الحنبلي والحفاظ عليه

قام الإمام أبو بكر الخلال بجمع فقه الإمام وترتيبه، ورحل في سبيل ذلك حتى ألّف كتابه “الجامع الكبير” في 20 مجلداً، ثم جاء الإمام الخرقي فألف أشهر كتب المذهب “المختصر”، ثم شرحه الإمام ابن قدامة المقدسي بكتابه القيم “المُغني”، وبعدها حمل الراية الإمام ابن تيمية مع تلميذه الإمام ابن القيم.

 

مرض الإمام أحمد بن حنبل ووفاته

كانت حياة الإمام أحمد بن حنبل حافلة بالخير لهذه الأمة، فأيقظت شعور الإعتزاز بالإسلام عامّة وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم خاصّة والدّقة في مسائل العقيدة، ولكن الموت حقّ فمرض الإمام وجاءه الناس أفواجاً يودّعونه، وأشهد على وصيّته الناس، وكان يغمى عليه ويفيق مراراً، ثم توفي وعمره 77 سنة.

رحم الله الإمام أحمد بن حنبل وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وجعلنا من المقتدين به كإمام علم في تاريخ أمتنا.

 

سيرة الإمام أحمد بن حنبل فيديو

وختاماً: لا تنسى مشاركة هذه المقاطع مع الأصدقاء.

كما يمكنكم الاستماع لمزيد من السلاسل الصوتية: الإمام أبو حنيفة النعمان و الإمام مالك بن أنس والإمام الشافعي

والمزيد عبر موقع الدكتور طارق السويدان