لماذا تميل السلطات إلى العنف؟ إذا كان هناك متسع لاستيعاب الأمور، وخاصة إذا كان الطرف الآخر يعرض رأيه بكل هدوء وبسلمية!
رغم أن غاندي ليس هو أول من بدأ فكرة اللاعنف، لكنه بالتأكيد من الشخصيات الرئيسية التي حولتها إلى التنفيذ فحققت أهدافها، لذا كان لزاما علينا أن نتحدث عن السلمية برحلة مع قصة غاندي.
من هو غاندي؟
هو الزعيم الروحي للهند، وذلك خلال حركة استقلال الهند عن بريطانيا المستبدة، وكان رائدًا في منهجية مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل، هذه القيادة وهذه المنهجية هي التي أدت إلى استقلال الهند.
لقب مهاتما غاندي
عرف غاندي في الهند وفي جميع أنحاء العالم بالاسم الذي أطلقه الهنود عليه “المهاتما غاندي”: أي الروح العظيمة التي كانت تسري في الهند.
نشأة غاندي
ولد غاندي عام 1869م في “غوجارت” في الهند، وتزوج صغيرًا وعمره 13 سنة فقط، كان من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، فتربى على السياسة منذ نعومة أظفاره، لما بلغ سن (19) وتخرج من الثانوية سافر إلى بريطانيا لدراسة الحقوق، ومن خلال ذلك: (تعرف على بريطانيا وأهلها، وطريقة الحكم فيها، والرأي العام المعارض للحكومة).
في عام 1891م عاد إلى الهند لممارسة المحاماة، لكنه لم يحقق نجاحًا يذكر، فعاد من “بومباي” إلى “راجكوت” وعمل فيها كاتبًا للعرائض التي يقدمها الناس إلى المحاكم التي يديرها الإنكليز، فتعرض خلال عمله هذا البسيط لغرور المسؤولين البريطانيين، ولذلك أصبح كارهًا لعمله ولهاذا الاستبداد والطغيان.
غاندي في جنوب افريقيا
سنحت لغاندي فرصة للعمل في جنوب إفريقيا؛ وافق على هذا العرض ولم يتردد، وبدأ من جنوب إفريقيا مرحلة جديدة من الكفاح السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية.
كانت جنوب إفريقيا يحكمها البريطانيين الذين استقلوا فيها كأقلية وحكموا سكانها الأصليين، فعاش غاندي فيها (21) سنة: قاد حملات مدافعًا عن حقوق الهنود، ثم أصدر صحيفة “الرأي الهندي”؛ ولذلك تم اعتقاله عدة مرات.
وفي عام 1893م كان قد بلغ من العمر (24) سنة، وبحكم عمله الجيد قطع تذكرة قطار من الدرجة الأولى، ولم يكن يعلم بوجود قانون يمنع السود والهنود من ركوب هذه الدرجة، فقام أحد الركاب البيض بالتبليغ عنه، فجاء المسؤولون وطردوه بالقوة من العربة، هذا الشعور بالإذلال والمهانة والعنصرية جعله يثور.
نضال غاندي السلمي
نصح البعض غاندي باللجوء إلى الكفاح المسلح، لكن غاندي رفض ذلك رفضًا قاطعًا، فقد كان يرى أن النضال السلمي هو التكتيك الوحيد للوقوف في وجه بريطانيا الدولة العظمى آنذاك، واستمر بنضاله ومعه الألوف فواجهتهم الحكومة بالاعتقالات في السجون والجلد والمهانة وحتى الرصاص، ولكنه ظل صامدًا هو ومن معه.
بفضل هذا الصمود الذي قدمه غاندي؛ تحركت جنوب إفريقيا وتحرك العالم ضد حكومتها، فرضخت لبعض مطالبه بشروط، هذا الأمر جعله يحقق مكاسب أهمها:
عودة الثقة للجالية الهندية المهاجرة إلى جنوب إفريقيا فصار لها كيان خلصهم من عقد الخوف والنقص، فأسس لهم حزبًا اسمه المؤتمر الهندي “بناتال” يدافع عن حقوق العمال الهنود.
كان في جنوب إفريقيا قانون يمنع الهنود من حق التصويت، ويفرض عليهم أنْ يسجلوا في سجلات خاصة، فاستطاع غاندي أن يلغي هذا القانون.
حاولت الحكومة البريطانية إيقاف الهجرة من الهند إلى جنوب إفريقيا لكنه استطاع ثنيها عن تحديد الهجرة.
كما أبطل قانونًا لا يعترف بعقود الزواج لغير المسيحيين، والهنود لم يكونوا مسيحيين.
هذه المكاسب كان شرطها أن يترك غاندي جنوب إفريقيا، وفعلًا غادرها إلى الهند عام 1915م، لكن أخباره كانت قد سبقته إلى الهند وحتى إلى بريطانيا.
غاندي في الهند
كان غاندي يكره الحضارة الغربية لأنها بلا قلب، وكان يعتبر أن سبب نكبة الهند هو احتلال الحضارة الغربية لها، وخلال (5) أعوام أصبح غاندي قائدًا للحركة الوطنية الهندية، وقاد حركة عصيان مدني ضد بريطانيا وعندما شعر أنها ستصل لصدام أوقفها، متمسكًا بمبدأ اللاعنف الذي انتهجه.
سياسة اللاعنف عند غاندي
السياسة التي اتبعها غاندي المتمثلة بالتوعية وشرح مشكلته بدون عنف، تتجسد بعدة أشكال منها: (الاعتصام، ومظاهرات، والعصيان المدني)، ففكرة اللاعنف تقوم على أنْ سلطة الحاكم تعتمد على موافقة الرعية،
والحاكم يصبح عاجزًا دون انصياع قطاعات رئيسية من الشعب، ومصيره الفشل إذا لم يحظ بشرعية الشعب وإذا أصر الشعب على رفضه، أما إذا سكت الشعب فعندها يسيطر الحاكم الظالم.
ومبدأ اللاعنف صار فلسفة تدعى “ساتياغراها“، فلسفة تقوم على عدد من المبادئ والأسس الدينية والسياسية والاقتصادية:
اللاعنف هو الحقيقة والحق والصلابة والتصميم من أجلها.
اللاعنف لا تعني الاستسلام للمحتل وإنما المقاومة السلبية التي تهدف لإلحاق الهزيمة به.
اللاعنف عندما يعي الناس بعمق الخطر المحدق فإنهم سيواجهونه.
اللاعنف فلسفة تعني تثوير السياسة بالأخلاق، وقهر البغض والكره بالحبّ، والعنف بالمعاناة والصبر.
اللاعنف ليس عجزًا، وإنما قرار بأنني لن أعاقب عدوي ولكني لن أغفر له.
اللاعنف إبراز لظلم المحتل، وتأليب الرأي العام ضده للقضاء عليه بالكامل أو على الأقل محاصرته.
سفر غاندي إلى بريطانيا
كان غاندي على علم بتأثير الصحافة البريطانية في الرأي العام، فسافر إلى بريطانيا ليقاوم الطغيان من داخله، وصل بلباسه التقليدي الذي لا يؤمن له الدفء من بردها القارس، ثم عمل على زيارة مدينة “لاكشير” التي فيها معظم معامل النسيج،
والتي كانت تحصل على منتوج الهند من القطن بسعر زهيد، ثم تصنعه وتعيده ليباع بأسعار باهظة الثمن، فكانت خسارة الهند مضاعفة، لذلك دعا غاندي الهنود لعدم تصدير القطن، وتعلم حرفة النسج اليدوي، وحتى ارتداء “الخادي” اللباس القطني الخشن، ومقاطعة القماش البريطاني.
استجاب الهنود لدعوة غاندي؛ مما اضطر معامل النسيج في “لاكشير” البريطانية إلى إعلان التوقف عن العمل، وتسريح الآلاف من العمال البريطانيين الذين نقموا على غاندي، فذهب للقائهم وطلب منهم الاصغاء له لدقائق معدودة، فقال لهم:
أنتم تقولون أنّ (3) ملايين عامل عاطل عن العمل هنا منذ عدة أشهر، ولكن لتعلموا أنه في بلدي الهند هناك (300) مليون عاطل عن العمل لمدة ستة أشهر في كل سنة.
تقولون إنكم تمضون أيامًا لا تتناولون فيها سوا الخبز والزبدة، لكن أولئك الناس في الهند غالبًا ما تمضي أيام بطولها دون أن يجدوا ما يأكلوه.
بهذا الخطاب المؤثر حاز غاندي على إعجابهم؛ فتحول الموقف لهتاف باسم غاندي، وسأله أحد الصحفيين البريطانيين بسخرية عن لباسه التقليدي الذي لا يستر من جسمه شيئًا، فأجابه غاندي مبتسمًا:
(لأنني أمثل العراة والجائعين بسبب الاحتلال البريطاني -وكان يصطحب معه عنزته-، فأشار إليها وقال: أصبحت العلاقة بين الهند وبريطانيا علاقتي مع هذه العنزة، تجرها معها لتحلب لبنها).
مسيرة الملح
فرضت بريطانيا على الهند ضريبة اسمها (ضريبة الملح)، فالملح يصنع في بريطانيا ويباع في الهند، فقام غاندي بحركة عدم التعاون التي قامت بمسيرة رهيبة أطلق عليها مسيرة الملح عام (1930) ، فتبعه الآلاف لمسافة (400) كيلو متر وصل بهم إلى البحر، أحرجت هذه المسيرة بريطانيا ففاوضت غاندي.
استقلال الهند
قاد “محمد علي جناح” نضال المسلمين داخل الهند؛ للاستقلال عن الهند وعن بريطانيا، فقام غاندي بالاجتماع مع محمد علي وعرض عليه أن يشكل ومن معه الحكومة الهندية مقابل ألا يستقل عن الهند، فرفض محمد علي لعلمه أنّ هذا الحل مؤقت ولن يستمر بعد غاندي، فبدأ الهنود بالهجوم المسلح على المسلمين بتهمة الخيانة ومحاولة تقسيم الهند.
وفي النهاية استطاعت الهند الحصول على الاستقلال من بريطانيا عام 1947م، ولكنهم فصلوا عنها باكستان الشرقية (بنغلادش) وباكستان الغربية (باكستان)، فلم يشارك غاندي في احتفالات الاستقلال بسبب الحزن الذي أصابه نتيجة هذا التقسيم.
وحصلت اضطرابات عنيفة في الهند بين المسلمين والهندوس عام 1948م، ووصل عمر غاندي (78) عامًا فبدأ بصومه الأخير وأعلن أنه لن يوقفه حتى يتوقف الهندوس والمسلمون قتالهم، فاستجاب له الجميع بسبب حبهم له، ثم أعلن أنه سيزور باكستان واصفًا لهم بأبناء البلد الواحد.
اغتيال غاندي
قبل أن يقوم غاندي بزيارة باكستان جاء “جوتسى” الهندوسي المتعصب في أحد الاحتفالات فاغتاله، وكانت هذه المحاولة السادسة التي تعرض فيها غاندي للاغتيال، وقال غاندي قبل وفاته جملته الشهيرة:
(يتجاهلونك، ثم يحاربونك، ثم يحاولون قتلك، ثم يفاوضونك، ثم يتراجعون، وفي النهاية ستنتصر).
واعتبر غاندي في الهند أبو الأمة، واعتبر يوم ميلاده الثاني من أكتوبر عطلة وطنية فيها، وصار عالميًا اليوم الدولي لـ (اللاعنف).
اللاعنف في الاسلام
سياسة اللاعنف في الإسلام تتمثل بقوله عزّ وجل: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34]، ولكن نظرية اللاعنف لا تنجح دائمًا،
ففي القضية الفلسطينية حيث الصراع مع محتل صهيوني ليس عنده مبادئ ولا قيم، فهنا ليس صراع مصالح وحدود وإنما صراع فكر ووجود، يقول تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:193].
وختامًا يقول غاندي: (إنّ اللاعنف هو أعظم قوة للبشرية، إنها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعه الإنسان).
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
كان غاندي هو الزعيم الروحي للهند، وذلك خلال حركة استقلال الهند عن بريطانيا المستبدة، وكان رائدًا في منهجية مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل، هذه القيادة وهذه المنهجية هي التي أدت إلى استقلال الهند.
ما معنى لقب “المهاتما غاندي”؟
معناه الروح العظيمة التي كانت تسري في الهند.
كم عاش غاندي في جنوب افريقيا؟
عاش غاندي في جنوب افريقيا (21) سنة.
ما معنى اللاعنف عند غاندي؟
- اللاعنف هو الحقيقة والحق والصلابة والتصميم من أجلها. - اللاعنف لا تعني الاستسلام للمحتل وإنما المقاومة السلبية التي تهدف لإلحاق الهزيمة به. - اللاعنف عندما يعي الناس بعمق الخطر المحدق فإنهم سيواجهونه. - اللاعنف فلسفة تعني تثوير السياسة بالأخلاق، وقهر البغض والكره بالحبّ، والعنف بالمعاناة والصبر. - اللاعنف ليس عجزًا، وإنما قرار بأنني لن أعاقب عدوي ولكني لن أغفر له. - اللاعنف إبراز لظلم المحتل، وتأليب الرأي العام ضده للقضاء عليه بالكامل أو على الأقل محاصرته.
متى استقلت الهند؟
استطاعت الهند الحصول على الاستقلال من بريطانيا عام 1947م،
من أقوال غاندي؟
- (يتجاهلونك، ثم يحاربونك، ثم يحاولون قتلك، ثم يفاوضونك، ثم يتراجعون، وفي النهاية ستنتصر). - (إنّ اللاعنف هو أعظم قوة للبشرية، إنها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعه الإنسان).
السلام عليكم ورحمة الله. ارجوا من الدكتور مراجعة معلوماته حول حقيقة شخصية غاندي ومواقفه التي كشفتها مصادر أجنبية وهندية وخاصة المقربين منه وقد تعظيم هذا الشخص والحقيقة غير ذلك ويكفي أنه حول الهند من دولة إسلامية إلى هندوسية ! فهل هذا شخص يشاد به أو بشخصه ؟ ناهيك عن عن ميوله المنحرفة والتي اثبتتها الادلة . والله المستعان أن اصبحنا في زمن يشاد بأمثال هؤلاء ومن كمسلمين وينظر إليهم كقدوة وكأنه لا يوجد في امواتنا ولا احياءنا من نتأسى بسبرته . انا لله وانا اليه راجعون.
السلام عليكم ورحمة الله.
ارجوا من الدكتور مراجعة معلوماته حول حقيقة شخصية غاندي ومواقفه التي كشفتها مصادر أجنبية وهندية وخاصة المقربين منه وقد تعظيم هذا الشخص والحقيقة غير ذلك ويكفي أنه حول الهند من دولة إسلامية إلى هندوسية !
فهل هذا شخص يشاد به أو بشخصه ؟ ناهيك عن عن ميوله المنحرفة والتي اثبتتها الادلة .
والله المستعان أن اصبحنا في زمن يشاد بأمثال هؤلاء ومن كمسلمين وينظر إليهم كقدوة وكأنه لا يوجد في امواتنا ولا احياءنا من نتأسى بسبرته .
انا لله وانا اليه راجعون.