الأمة الإسلامية ولّادة للرجال الأبطالعبر التاريخ، سواء في فترات قوتها وعزّتها أم في فترات ضعفها وهوانها، نحن الآن أمام المجاهد البطل عبد القادر موسى كاظم الحسيني: هو قائد فلسطيني، ولد في القدس واستشهد في قرية “القسطل” القريبة منها، وذلك بعد أن قاد معركة ضد العصابات الصهيونية لمدة ثمانية أيام.
من هو عبد القادر الحسيني ؟
مولده ونشأته
ولد في القدس عام (1907م) واعتاد منذ طفولته على تحمل المصاعب الآلام، فقد أمه بعد عامٍ ونصف من ولادته، واحتضنته جدته لأمه مع بقية أشقائه السبعة، تربى منذ نعومة أظفاره في بيت علم وجهاد؛
فوالده شيخ المجاهدين في فلسطين موسى كاظم الحسيني، شغل بعض المناصب العالية في الدولة العثمانية متنقلًا في عمله بين أرجاءها، فعمل في اليمن والعراق ونجد وإسطنبول بالإضافة إلى فلسطين.
ونظراً لخدماته أنعمت عليه الدولة العثمانية بلقب (باشا)، وعندما انهارت الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، ووقعت فلسطين في قبضة بريطانيا كان موسى كاظم (باشا) الحسيني يشغل منصب رئاسة بلدية القدس، كما تم انتخابه رئيسًا للجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الفلسطيني.
تعليمه
درس القرآن الكريم في زاوية من زوايا القدس، ثم أنهى دراسته الأولية في مدرسة (روضة المعارف الابتدائية) بالقدس، التحق بعدها بمدرسة (صهيون) الإنجليزية، وأتم دراسته الثانوية بتفوق ثم التحق بكلية الآداب والعلوم في الجامعة الأمريكية في بيروت، لكنه طُرد منها نظرًا لنشاطه الوطني ورفضه لأساليب التبشير التي كانت مستشريه في الجامعة.
فتوجه إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة ودرس في قسم الكيمياء، وفي حفل التخريج أعلن أن الجامعة لعنة لأنها تبث الأفكار والسموم في عقول الطلاب، وطالب الحكومة المصرية أن تغلقها، مما حدا بالجامعة الأمريكية بسحب شهادته في اليوم الثاني، فأدى هذا الأمر إلى قيام تظاهرة عظيمة من قبل رابطة أعضاء الطلبة التي أسسها الحسيني وترأسها أيضًا.
وانتهى الأمر بقرار من حكومة إسماعيل صدقي بطرده من مصر، فعاد أدراجه إلى القدس عام (1932م) منتصراً لكرامته وحاملاً لشهادته التي أرادوا حرمانه منها.
عبد القادر الحسيني في العراق
في خريف عام (1938م) جُرح عبد القادر في إحدى المعارك، فأسعفه رفاقه إلى المستشفى الإنجليزي في الخليل، ثم نقلوه خفية إلى سورية، فلبنان، ومن هناك نجح في الوصول إلى العراق بجواز سفر عراقي.
وفي بغداد عمل عبد القادر مدرسًا للرياضيات في إحدى المدارس العسكرية، كما أيد ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام (1941م)، وشارك مع رفاقه في قتال القوات البريطانية، اعتقل ورفاقه في بغداد بتهمة اغتيال “فخري النشاشيبي” وقضوا في الأسر العراقي ثلاث سنوات.
أفرجت الحكومة العراقية عنه في أواخر سنة (1943م)، بعد أن تدخل الملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية، فتوجه إلى السعودية وأمضى فيها عامين بمرافقة أسرته.
عبد القادر الحسيني في مصر
عاد الحسيني إلى مصر عام (1946م) للعرض على الأطباء ومداواة جروحه إثر معاركه الكثيرة، وأثناء وجوده في مصر عمد إلى وضع خطة لإعداد المقاومة الفلسطينية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
راح ينظم عمليات التدريب والتسليح للمقاومين، وأنشأ معسكرًا بالتعاون مع قوى وطنية مصرية ليبية مشتركة بالقرب من الحدود المصرية الليبية، وشاركت عناصره في حملة المتطوعين بحرب فلسطين، وكذلك في حرب القناة ضد بريطانيا.
أنشأ معملاً لإعداد المتفجرات، إضافة إلى إقامته محطة إذاعية في منطقة “رام الله” درة المقاومة الفلسطينية وقامت بتشجيع المجاهدين على الجود بأنفسهم وقوتهم في سبيل نصرة الحق والحرية.
كما قام الحسيني بتجنيد فريق مخابرات، مهمته جمع المعلومات والبيانات وخفايا وأسرار العدو الإسرائيلي لضربه في عقر داره، ناهيك عن تكوينه لفرق الثأر التي طالما ردعت وأرهبت اليهود وقللت من عمليات القتل الممنهجة التي أذاقوها للفلسطينيين.
جهاد عبد القادر الحسيني في فلسطين
لم يكن لليهود دولة ولا جيشًا رسميًا، عندما قامت بريطانيا ببيعهم (20) طائرة عسكرية، وذلك في الشهر الأول من عام 1948م، تمهيًدا منها لتسليمهم فلسطين الحبيبة بشكل كامل، وفي الشهر التالي استطاع عبد القادر الحسني العودة سرًّا إلى القدس بعد (10) سنوات قضاها في المنفى.
بدأ الحسيني بقيادة قوات الجهاد الإسلامي بعمليات عسكرية ردًا على إرهاب مجرمي “الهاجاناه” اليهودية، وكانت الدول العربية تنظر إلى هذه الأحداث دون دعم حقيقي لهذا الجهاد، أما دول الغرب وخاصة أمريكا تساند القوات اليهودية وترسل لهم عربات مجنزرة.
معركة القسطل
في الشهر الثاني من عام 1948م هاجمت “الهاجاناه” اليهودية قرية “القسطل” غربي القدس، واستطاعت أن تستولي عليها وتطرد سكانها منها، واسم هذه القرية هو ترجمة لكلمة “القلعة” باللغة الإنكليزية، فهي منطقة شديدة التحصين.
كانت السيطرة على قرية “القسطل” جزء من الخطة اليهودية، الرامية إلى احتلال الجزء الأكبر من فلسطين، قبل انتهاء الانتداب البريطاني في (15-5-1948م)، وتسليم فلسطين إلى الأمم المتحدة التي قررت تقسيمها إلى دولتين، وبينما كانت القوات اليهودية مدرّبة ومسجلة من بريطانيا والولايات المتحدة، كانت القوات الفلسطينية قوات شتات لا دعم لها.
عبد القادر الحسيني في معركة القسطل
أخذ القائد عبد القادر الحسيني المبادرة، وقاد مجموعة من المجاهدين بلغ عددهم (56) وتحرك معهم إلى القدس، وطلب من اللجنة العسكرية العليا التابعة لجامعة الدول العربية المساندة، ولكنه قوبل بالرفض وطلب منه عدم القيام بتصرفات فردية، فأجابهم بقوله:
(إنني ذاهب إلى القسطل، وسأقتحمها وأحتلها ولو أدى ذلك إلى موتي، والله لقد سئمت الحياة وأصبح الموت أحب إليّ من نفسي من هذه المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة، إنني أصبحت أتمنى الموت قبل أن أرى اليهود يحتلون فلسطين، إنّ رجال الجامعة والقيادة يخونون فلسطين).
كانت بعض القوات العربية متمركزة في “رام الله” فطالبها بالتحرك، فلم تسانده برجال ولا مال ولا سلاح، وتذرّعت أنها لن تفعل شيئًا حتى يحدث الانسحاب البريطاني، لأن أي تدخل عسكري سيضع القوات العربية في مواجهة بريطانيا، فاستنجد الحسيني بالمتطوّعين من الحركات الإسلامية في فلسطين ومصر، وحاصر “القسطل”،
رسالة عبد القادر الحسيني للجامعة العربية
وهاج النمر الغاضب من جديد وصاح بصوت مجلجل قائلًا: (نحن أحق بالسلاح المُخَزَّن من المزابل، إن التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين، وإنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم). ثم قال لصديقه “قاسم الريماوي”: (ليسقط دمي على رأس “عبد الرحمن عزام” أمين الجامعة العربية، وطه الهاشمي وإسماعيل صفوت قادة القوات العسكرية التابعة للجامعة العربية،
الذين يريدون تسليمنا لأعدائنا كي يذبحونا ذبح النعاج، لكننا سنقاتل بدمائنا وأجسادنا وسنرجع إلى فلسطين لنحقق إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة)، ثم قفل عائدا إلى “القسطل“، وجعل يردد قول أخيه القائد الشاعر عبد الرحيم محمود الذي استشهد في معركة الشجرة:
بقلبي سأرمي وجوه العـداة فقلبي حديد وناري لظى
وأحمي حماي بحد الحسـام فيعلم قومي بأني الفتى
أخوفا وعندي تهون الحياة؟! أذلا وإني لـربي أبى؟!
تذكر جريدة المصري: أنّ أحد المجاهدين المرافقين لعبد القادر الحسيني، رأى وسمع سخرية المسؤولين في الجامعة العربية وعلى رأسهم “طه الهاشمي”، فأجابه الحسيني بقوله:
(والله يا باشا إذا ترددتم وتقاعستم عن العمل فإنكم ستحتاجون بعد 15 مايو إلى عشرة أضعاف ما أطلبه منكم الآن، ومع ذلك فإنكم لن تتمكنوا من هؤلاء اليهود، إني أشهد الله على ما أقول، وأحملكم سلفا مسؤولية ضياع القدس ويافا وحيفا وطبرية، وأقسام أخرى من فلسطين).
ولكن أعضاء اللجنة لم يهتموا لقوله وسخروا من حماسه واندفاعه، فاستشاط عبد القادر غضبا، ورمى بدبارة كان في يده في وجوههم وقال: (إنكم تخونون فلسطين، إنكم تريدون قتلنا وذبحنا).
وفاة عبد القادر الحسيني
تجمع مع الحسني من المتطوعين (500) مجاهد، فبدأ بهم هجومه على “القسطل”، وانتهت المعركة بمقتل (150) يهودي وجرح (80)، وتحررت “القسطل” ولكن بعد استشهاد البطل العظيم “عبد القادر الحسيني” رحمه الله تعالى.
وفي اليوم التالي: تحركت القوات اليهودية ترافقها “الهاجاناه”، واستعادت من جديد “القسطل” بينما الدول العربية تتفرج، ثم ارتكبوا مذبحة “دير ياسين” قرب القسطل.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
ولد في القدس عام (1907م)، والده شيخ المجاهدين في فلسطين موسى كاظم الحسيني،
ما دراسة عبد القادر الحسيني؟
درس القرآن الكريم في زاوية من زوايا القدس، ثم أنهى دراسته الأولية في مدرسة (روضة المعارف الابتدائية) بالقدس. التحق بعدها بمدرسة (صهيون) الإنجليزية، وأتم دراسته الثانوية بتفوق ثم التحق بكلية الآداب والعلوم في الجامعة الأمريكية في بيروت، لكنه طُرد منها نظرًا لنشاطه الوطني ورفضه لأساليب التبشير التي كانت مستشرية في الجامعة.
فتوجه إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة ودرس في قسم الكيمياء، وفي حفل التخريج أعلن أن الجامعة لعنة لأنها تبث الافكار والسموم في عقول الطلاب، وطالب الحكومة المصرية أن تغلقها، مما حدا بالجامعة الأمريكية بسحب شهادته في اليوم الثاني ، فأدى هذا الأمر إلى قيام تظاهرة عظيمة من قبل رابطة أعضاء الطلبة التي أسسها الحسيني وترأسها أيضًا.
ما هي المعركه التي استشهد فيها عبد القادر الحسيني عام 1948؟
عام 1948، استشهد عبد القادر الحسيني في معركة في قرية القسطل بالقدس. كانت المعركة تجمع بين مقاتلي تنظيم الجهاد المقدس الفلسطيني وقوة صهيونية بقيادة اسحق رابين. استمرت المعركة لمدة ثمانية أيام وكان الحسيني قائدًا للمقاومة فيها. استشهد الحسيني في هذه المعركة وعمره 40 عامًا، وكان يعتبر في أوج عطائه الجهادي.