معرفة قدراتك الشخصية
الإنسان يمكنه معرفة قدراتك الشخصية من خلال ركائز ثلاث: درجة تكيفه الاجتماعي: أي كيفية تعامله…
Read moreفرض الله تعالى للأولاد حقوقاً على والديهم بصفة عامة، وعلى الأب بصفة خاصة، ومنها التنشئة الإسلامية السليمة، فمن التكاليف الملقاة على الأب: الاهتمام بالأولاد لإقامة الدين مصداقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [سورة الطور:21].
ولا يقل دور الأب عن دور الأم في تربية الطفل، فهو الذي يوجهه وينظم حياته حتى يتمكن الطفل من الاعتماد على نفسه، واتخاذ المواقف المناسبة حيال ما يحدث معه، فيما لو تكامل عمل الأب مع الأم بمسؤوليتهما ونجحا فيها.
ولا يقتصر دور الأب في تربية الأبناء على الإنفاق، بل يجب عليه أنْ يربيهم على أخلاق الإسلام وآدابه، دل على ذلك عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [سورة التحريم:6]، وقوله ﷺ: “ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته؛ إلا حرم الله عليه الجنة” [رواه البخاري ومسلم].
الآباء كالأمهات ركيزة مهمة في تنمية نشأة الطفل، حيث يتطلع الأطفال إلى آبائهم لوضع القواعد وتنفيذها، كما أنهم يتطلعون إلى آبائهم لتوفير الشعور بالأمان الجسدي والعاطفي، حيث إنّ مشاركة الأب في تربية الطفل يعزز النمو الداخلي له والقوة.
ولا يقتصر دور الأب بالعمل خلال النهار على توفير لقمة عيش الأسرة والبيت ثم العودة للبيت حتى يستريح بعيداً عن الأبناء، إنما للأب دور أساسي في حياة الطفل وتشكيل شخصيته حتى مع وجود انشغالات الأب التي تمنعه أحياناً من قضاء وقت كاف مع الأبناء؛ لذلك عليه دوماً ترتيب وتنظيم وقتك بشكلٍ يتناسب مع تقديم كامل الاهتمام والوقت للأبناء، كونهم بحاجة له دوماً.
وأحياناً قرب الأب من أبنائه يعد مفتاحاً لحل الكثير من مشاكل الأبناء النفسية والسلوكية، وشعورهم بوجود الأب قربهم يجعلهم أكثر ثقةً بالنفس وقوة حتى يواجهوا الحياة وتجاربها.
على الأب العمل من أجل تعزيز ثقة الطفل بذاته من خلال الكلام الإيجابي عنه، ومدحه عند قيامه بأمر إيجابي، ودعمه النفسي لممارسة هواياته ونشاطاته، كما يستطيع الأب تدريب الابن على إبداء رأيه أمام الناس، لكي يكسر لديه حاجز الخوف من مخاطبة الناس، ولكي ينمي لديه مهارة التعبير عن أفكاره ومشاعره، كما يعلمه الانضباط الذاتي للسلوك، ويحدث هذا من خلال مراقبة أفعال وأقوال الوالدين، وألا يأتي أحداهما بسلوك مخالف للقيم الدينية ومنافي للآداب الاجتماعية.
يجب على الآباء أنْ يحرصوا على الاستماع والإنصات لكل ما يقوله لهم طفلهم، وأنْ يشعروه بأهمية الشيء الذي يقوله مهما كان بسيطاً، وذلك لكي يشعر الطفل بأهميته وباهتمام أسرته البالغ به، ولكي يكونوا كذلك الحضن الدافئ، والملجأ الحنون الذي يلجأ إليه الطفل في حال تعرضه لأي مشكلة في المدرسة أو مع أصدقائه أو في حياته.
على الأب أنْ يُعلِّم أولاده حبّ العمل والنشاط وعدم الخمول؛ وذلك بتحميلهم عددًا من المسؤوليات المناسبة لهم، ولا يجعلهم يتكففونه في حاجياتهم الأخرى، بل يبحث لهم عن أعمال تناسبهم لسد فراغهم، وتزيد في سيولتهم المالية؛ حتى يقوموا لأنفسهم بأنفسهم.
كما يلتزم الآباء بوضع القواعد التربوية التي تخص أصول تربية الطفل: (كمنعه مثلاً من أخذ النقود من أحد، أو تناول الطعام في منزل الآخرين بشكل همجي، أو الخروج من المنزل دون استئذان الأب أو الأم).
هناك عدة طرق لمشاركة الأب في تربية الأبناء بشكل فاعل ومؤثر أهمها:
على الأب أنْ يخصص وقتاً للعب مع الطفل يومياً ولو لربع ساعة، ويبدي اهتمامه له ويسأله عن أحواله عند عودته من المدرسة ولا يتجاهله، والاستماع إليه مهما كان الأمر بسيطاً جداً، وأنْ يشجعه بين الحين والآخر على حسن السلوك، وأن يمنحه مكافأة مثل: زيادة مصروفه أو شراء لعبة يحبها.
على الأب أنْ يقضي وقتاً مع طفله يقومان فيه بأعمال مشتركة، كالمشاركة في الغذاء واللباس وحضور البرامج المفيدة معاً، واللعب معه، ومشاركته في الرسم والتلوين وقراءة القصص، وأخذه في نزهات ورحلات وزيارات اجتماعية أو الذهاب إلى السوق أو الحديقة وغير ذلك.
على الأب أنْ يؤسس علاقة مع طفله قائمة على التواصل المتبادل والاحترام، وإشعاره بالثقة وتقدير ما يفعله ومناقشته وحواره وإعطائه فرصة للتعبير عن ذاته واحترام أسئلته والتجاوب معها.
على الأب أن يمارس دوره بشكل يجعل الطفل يؤمن بعدالته وعطفه، وهذا يتطلب منه أن يراقب دائما تصرفاته وأعماله، كما عليه أن يدرك أنْ أفضليته على ابنه إنما تعود لعلمه وقابليته لمد يد العون إليه لا إلى قدرته وقوته، وليستخدم قوته في طريق الخير لطفله، وعليه أنْ يتعامل مع طفله بشكل يجعله ينتظر لقاءه بفارغ الصبر لا أنْ يفر منه ويكره لقائه.
وعندما يخطئ الطفل يمكن أنْ يختار عقابه بنفسه دون ضرب، فعندما يجد الطفل أنه مخير بالعقاب؛ سيشعر بتأنيب الضمير ويتراجع عن أخطائه، فالعقاب المعنوي أفضل بكثير من العنف أو الحرمان أو الشتائم والضرب.
على الأب أنْ يظهر اهتمامه لطفله وحبه له، ويخبره أنه يحبه ويحضنه ويقبله، ويحرص على إظهار مشاعر الحب لأطفاله، وذلك لأن الطفل بحاجة ماسة لكي يشعر بمحبة والديه له وبتعلقهم به.
إليكم بعض النصائح لتعزيز دور الأب في تربية الأبناء:
إنّ عدم الاتساق ما بين أسلوب الأب والأم في التربية قد يضر بأطفالهم، خاصة إذا كان الأب في بعض الأحيان صارمًا للغاية، ولكنه يستسلم في أوقات أخرى لنفس السلوك أو ببساطة لا يبدو أنه يهتم بما يفعله أطفاله، فعندها سيواجهون صعوبة بالغة في معرفة ما هو متوقع منهم وكيفية التصرف.
يجب على الأب الاتفاق والتوافق مع الأم على ضرورة بقاء أحدهما حليماً هادئاً في لحظة غضب الطرف الثاني، وفقدان سيطرته على الابن، إذ يجب أن يبقى أحدهما مصدر أمان وحماية للابن، وإلا سينهار الطفل ويكتئب نفسياً.
من هنا، لا بد من الاتفاق بين الزوجين على أسلوب تربية الطفل وطريقة التعامل مع أخطائه، إذ عندما يسمع الطفل أن الأم تقول للأب: لا تضربه، ولا تصرخ عليه، فإنه سيشعر بأنه في حماية والدته، ولن يحترم والده وسيعانده، لأن والدته في صفه دائماً، كذلك الأمر عندما يرى الطفل أن الأهل في شجار دائم، وأنهما لا يحترمان بعضهما بعضاً، فإنه سيُكمل أيضاً بعدم احترام الوالدين، وستُطبَع في ذهنه هذه الفكرة وسيكبر عليها.
بعض الآباء لا يلجؤون إلى البحث عن حل لمشكلة ما تواجههم مع أطفالهم؛ بحجة أن هذه المشكلة لا حل لها، أو لأنهم ببساطة يتقبلونها فيتحملون شهورًا أو سنوات من المعاناة والإحباط، وعلى سبيل المثال: (مشكلات معارك الواجب المدرسي والنوم، ونوبات الغضب وبعض المشكلات السلوكية الأخرى)، الأمر يتطلب بعض الجهد،ومعظمها يمكن حلها وتغييرها أو إصلاحها، وقد تحتاج إلى مساعدة المتخصصين بالسلوك والتربية أو قراءة بعض المقالات أو الكتب عن هذا الأمر.
على الأب الاطلاع على أحدث طرائق التربية، وذلك من أجل الحصول على نتائج أفضل، كأن يشترك في الورشات والندوات العلمية التي تعنى بالمسائل التربوية، ويمكن للمرأة أيضاً أن تدعو الأب للمشاركة في الدورات التدريبية المهتمة بجانب تربية الطفل.
حاول بداية الكلام معها بشكل مباشر أو عن طريق وسيط قريب ممن تحترمه، وركز على الأمور الإيجابية الموجودة فيها، وبأنها أحياناً قد تتغيب عن بعض واجباتها التربوية مع الأبناء.
الإساءة البدنية أو اللفظية للطفل، أو عدم الثقة بالطفل، أو تجنب الطفل وإهماله.
وذلك بتعزيز المهارات الاجتماعية للطفل، وبتعليمه مهارات جديدة حياتية، وبتعزيز الثقة في نفس الطفل، وإبعاده عن شبح الاكتئاب.
إنّ وجود الأب في حياة أبنائه يعني الحماية والرعاية والأمان، كما يعني القدوة والسُلطة والسند، فالأبناء يحتاجون إلى الشعور بالحماية والرعاية المختلفة عما يجدونه لدى الأم.
الأب هو الراعي الأساسي للأسرة، كما هو السند والدرع الواقي للزوجة نفسها ثم للأبناء، وهم بحاجة للاطمئنان والشعور بالأمان من جانب الأب، كما يحتاجون إلى رعاية الأم المُتمثلة في الحب والحنان والدفء والعطاء، ورعايتهم من ناحية المأكل والملبس والنظافة والراحة.