الصّوفيّة حركة اشتقت اسمها من الصوف على معنى الزهد والتنزه عن الدنيا وكثرة العبادة وعشق المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي أنواع منها:
صوفية تحمل عقائد مشوّشة: تداهن الحاكم الظالم تفتي له بما يرى بلا وعي ولا تفكير ولا تقوى.
صوفية تحمل عقيدة سليمة: ترفع راية الحق عالياً فوق كل راية، وتختار الجهاد طريقاً لمواجهة الظلم والاستعمار، يقدّمون علمهم لنشر الدعوة، ويقدمون خيرة شبابهم جهاداً في سبيل الله.
قصتنا اليوم مع الصوفية الجهادية، ونبدأها مع الشيخ المجاهد محمد بن علي السنوسي مؤسس الحركة السنوسية.
الحركة السنوسية في ليبيا
دعوة إسلامية ظهرت في ليبيا في القرن 13هـ – 19م: عمّت مراكزها الإسلامية شمال إفريقيا والسودان والصومال ومكة المكرّمة وبعض بلاد الإسلام الأخرى.
عندما شعر مؤسسها بضعف المسلمين وتأخرهم دينياً وسياسياً واجتماعياً.
في وقت انتشرت فيه الكثير من حركات الصوفية الخارجة عن جادة الصواب: التي خدّرت الأمة وخدّرت الدّين، فأراد أن يعدل كل هذا بطرح جديدٍ ووعيٍ فريد.
مؤسس الحركة السنوسية
الشيخ محمد بن علي السنوسي ولد عام 1202هـ الموافق لـ 1787م، في الجزائر في بيت علم وتقى، وعرف منذ صغره بحبه للعلم ومرافقته للعلماء والصالحين.
توفي والده وعمره سنتين، وتكفّلت بتربيته عمّته فاطمة الفاضلة ذات الصلاح والتقوى والعلم فربته على ذلك، وأتم حفظ القرآن الكريم برواياته السبع وهو في سن الرشد.
أهمية السفر لطالب العلم
السفر فرصة لطالب العلم للالتقاء بالعلماء من مذاهب وملل متنوعة، فالسفر مفتاح للعلوم وبوّابة للاطلاع على الثقافات والعادات والتجارب الإنسانية والسياسية الخاصة بأهل كل بلد، فهو فرصة غير عادية لتفتيح الذهن ومعرفة أحوال الأمم.
تطلع السنوسي للمزيد فرحل إلى “فاس” في المغرب التي هي مركز العلماء، والتحق بمسجد “القرويين” لمدّة 7 سنوات فتأسس عنده العلم بأصوله، واتجه إلى التصوف الحق البعيد عن الانحرافات، فجمع بين العلم والروحانية.
بدأ الناس يتعرفون عليه حتى أصبح مدرساً في الجامع الكبير بـ “فاس”، ومنها توجه إلى جنوب الجزائر طالباً للعلم ومدرساً واعظاً، ثم إلى طرابلس التي لم يطل البقاء فيها، وارتحل إلى الأزهر الشريف في مصر مركز العلماء.
بعد مصر توجّه لأداء فريضة الحج عام 1240هـ -1825م فغيّرت هذه الرحلة حياته، حيث استقرّ في مكة وتتلمذ على يد علماء هم تلاميذ لأئمة العلم الكبار من أمثال: شيخ الإسلام ابن تيمية، وحجة الإسلام الغزالي، وتلاميذ الإمام محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة السفلية.
جمع الشيخ بين:
صوفية المنهج
أصولية أهل المغرب
سلفية العقيدة
فقه وحديث الإمام أحمد بن حنبل: رغم أن مذهبه كان مالكياً لكنه كان يخالفه إذا رأى الحقّ في غيره فالحق أحق أن يتبع.
السنوسية والجهاد
اطلع في مواسم الحج من ضيوف الرحمن على أخبار العالم الإسلامي وصار فهمه أعمق وأوسع، فكان يحثّ الناس على مقاومة الاستعمار وخاصّة الفرنسي في الجزائر.
أسس في مكة “زاوية” كانت فيما بعد مركزاً للحركة السنوسية، فكان يربي ويعدّ فيها شباب الجيل بالعلم والعبادة والجهاد في سبيل الله وعلمهم العمل في المهن والصناعات وعدم التكسّب بالعلم الشرعي، فبدل مفهوم الزاوية الخاصة بالعبادة والانعزال عن الحياة.
مكث في مكة 15 سنة ثم ارتحل إلى الجزائر للمشاركة في الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي، لكن مخابرات المستعمر سدّوا في وجهه الطريق فتحول إلى طرابلس في ليبيا، ومن هناك أمدّ شيخ المجاهدين عبد القادر الجزائري بالمال والسلاح والرجال، ثم تنقل واستقر في برقة.
بدأ ينشر زواياه في الطرق الاستراتيجية، ولم يصادم الخلافة العثمانية ولكنه لم يناصر ظلم سلاطينها وأمرائها.
السنوسية والقيادة
رزق الشيخ بولدين: محمد المهدي، ومحمد الشريف، فربّاهما وأخذا منهجه.
سافر الشيخ إلى الحجاز لـ 8 سنوات ثم عاد إلى ليبيا وتوفي فيها عام 1859م
اجتمع كبار العلماء في الحركة واتفقوا على مبايعة ابنه الأكبر محمد المهدي
الصوفية ووحدة الأمة
اهتم بنشر الدعوة بين القبائل ووحدهم في وجه المستعمر
ارتبطت الحركة السنوسية بفكرة الوحدة الإسلامية الجامعة التي دعا إليها السلطان العثماني عبد الحميد الثاني
إعداد أتباع الحركة للجهاد: في الحجاز وليبيا والجزائر، ثم اتجه إلى السودان الغربي وحارب الفرنسيين قرب بحيرة تشاد وتوفي أثناء هذه المعركة.
السنوسية والجهاد ضد الاستعمار
تولّى قيادة الحركة أحمد الشريف ابن أخيه محمد الشريف الذي توفي سابقاً، وكان مرافقاً لعمه في جهاده.
خاضت السنوسية الجهاد ضد الاحتلال الإيطالي في ليبيا عام 1911م
لما كانت الحرب العالمية الأولى وقفت السنوسية إلى جانب الحكومة العثمانية وحلفائها الألمان ضد الإنكليز فصارت السنوسية تحارب على جبهتين،
برز اسم جديد وهو إدريس المهدي السنوسي ابن عم أحمد الشريف الذي قاد الحركة في الجهاد في ليبيا بعد معاهدة العثمانيين مع الإيطاليين التي أوقفت حربهم في ليبيا.
خاض السنوسيين الحرب مع الإيطاليين حتى أجبروهم على توقيع هدنة، ما لبث أن نقضها الإيطاليون الفاشيون وأشعلوا الحرب ضد الإسلام ومراكز الحركة السنوسية التي لم تتوقف عن الجهاد.
عمر المختار بطل صوفي
ظهر البطل عمر المختار الذي كان صوفياً من اتباع الحركة السنوسية
قاد الحرب ضد الإيطاليين معتمداً أسلوب الكر والفر وحرب العصابات التي أوجعت العدو الذي كان يحارب بتكتيك الجيوش النظامية
وصلت معاركه إلى 260 معركة في 18 شهر
كان عمر المختار يقسّم جنوده حسب قبائلهم لزيادة الحماس عندهم
وقع أسيراً بيد الطليان وحُكم عليه بالإعدام وجمع الناس ليشهدوه، فحضر أكثر من 20 ألف ظهر أمامهم الشيخ ثابت الخطى إلى الإعدام وصدح بالشهادتين واستشهد عام 1931م جنوب بنغازي.
السنوسية في الحرب العالمية الثانية
عقد الشيخ إدريس السنوسي اجتماعاً في داره في الإسكندرية حضره 40 شيخ من المهاجرين الليبيين في مصر.
انتهى الحاضرون لتفويض الشيخ بمفاوضة الحكومة المصرية والإنكليزية لتكوين جيش سنوسي يشترك في استرجاع الوطن ليبيا من الإيطاليين.
أسس الشيخ الجيش وهزم الإيطاليون في الحرب العالمية ورجع الشيخ واستقبله الليبيون استقبال الفاتحين، وأصبح أميراً على ليبيا.
رحم الله علماء الحركة السنوسية؛ الذين استطاعوا أن يجمعوا بين الصوفية الروحية، والعلم والجهاد في سبيل الله.
الصوفية الحقّة
سليمة العقيدة وسليمة المنهج.
لا تعتزل الدنيا والحياة.
لا تتبع الأوهام والشركيات والبدع.
تعرف أن الآخرة خير من الدنيا، ولا تتردد في الجهاد.
تُجاهد المُحتلّين ولا تُناصر الطغاة.
تتحلى بالروحانية العالية والأخلاق السليمة.
تعشق وتتبع الرسول صلى الله عليه وسلم.
تعبير عن الإسلام الحق: إسلام التوحيد، إسلام الاتباع، إسلام الجهاد، إسلام العقل.
وفي الختام
يقول المجاهد الشهيد عمر المختار: (لَئِن كَسرَ المِدفَعُ سِيفي؛ فَلن يَكسِرَ الباطل حَقّي).
وأخيراً يمكنكم الإستفادة والإطلاع على المزيد من المقالات:
الصّوفيّة حركة اشتقت اسمها من الصوف على معنى الزهد والتنزه عن الدنيا وكثرة العبادة وعشق المصطفى ﷺ.
ما أنواع الصوفية؟
- صوفية تحمل عقائد مشوّشة: تداهن الحاكم الظالم تفتي له بما يرى بلا وعي ولا تفكير ولا تقوى. - صوفية تحمل عقيدة سليمة: ترفع راية الحق عالياً فوق كل راية، وتختار الجهاد طريقاً لمواجهة الظلم والاستعمار.
ما هي الحركة السنوسية؟ ولماذا ظهرت؟
دعوة إسلامية ظهرت في ليبيا في القرن 13هـ – 19م: عمّت مراكزها الإسلامية شمال إفريقيا والسودان والصومال ومكة المكرّمة وبعض بلاد الإسلام الأخرى. وظهرت عندما شعر مؤسسها بضعف المسلمين وتأخرهم دينياً وسياسياً واجتماعياً.
من هو مؤسس الحركة السنوسية؟
مؤسسها الشيخ محمد بن علي السنوسي ولد عام 1202هـ الموافق لـ 1787م، في الجزائر في بيت علم وتقى، وعرف منذ صغره بحبه للعلم ومرافقته للعلماء والصالحين.
من هو عمر المختار؟
- عمر المختار كان صوفياً من اتباع الحركة السنوسية. - قاد الحرب ضد الإيطاليين معتمداً أسلوب الكر والفر وحرب العصابات. - وصلت معاركه إلى 260 معركة في 18 شهر. - كان عمر المختار يقسّم جنوده حسب قبائلهم لزيادة حماسهم. - وقع أسيراً بيد الطليان وحُكم عليه بالإعدام.
ما هي صفات الصوفية الحقة؟
- سليمة العقيدة وسليمة المنهج. - لا تعتزل الدنيا والحياة. - لا تتبع الأوهام والشركيات والبدع. - تعرف أن الآخرة خير من الدنيا، ولا تتردد في الجهاد. - تُجاهد المُحتلّين ولا تُناصر الطغاة. - تتحلى بالروحانية العالية والأخلاق السليمة. - تعشق وتتبع الرسول صلى الله عليه وسلم. - هي تعبير عن الإسلام الحق: إسلام التوحيد، إسلام الاتباع، إسلام الجهاد، إسلام العقل.