أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها
المرأة المسلمة لها مكانة عظيمة في ديننا، ولدينا نماذج وقدوات مضيئة من النساء، نساءٌ خالدات…
اقرأ المزيداللهُ هو الغنيّ الوهّاب الرّزاق، يُعطي ويمنح بغيرِ حساب، يُقدّر الرزق لعلمِه بالأسباب، دعونا نتعرّف على بعضِ الإحصاءات في العالم اليوم:
فكان الانشغالُ بالرزق أمر طبيعيّ، فهيا بنا نتعرّف على قوانينِ وأسباب وموانعِ الرزق، من خلالِ هدي كتاب الله وسنةِ رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام.
لا شكَّ أن الرزق مكتوب ومقدّر لكل مخلوق، وقد أمَر الله تعالى القلم عند بداية الخلق بأن يكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة وكل ذلك موجود في اللوح المحفوظ، فإن عِلم الله وسع كل شيء ما كان وما سيكون وما لم يكن، ومن بين ذلك أعمال الإنسان ورزقه وأجله وكل ما يتعلق به من أمور، لكن هذا العلم لا يعني إجبار الإنسان وسلب حريته في العقيدة والعمل.
قال تعالى في كتابه الكريم: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}، فصحيحٌ أن الرزق مكتوب معلوم وهو من القضاء والقدر، لكن هذا الرزق مقترن بمجموعة من الشروط والأسباب التي يجب على الإنسان العمل بها مع التوكل على الله.
هذا ما سنناقشه في السطور القادمة.
لطالما شغلت قضية الرزق عقول الناس جميعاً وكانت همّهم الأول، ونرى كيف أن المرء يسعى ويزاحم الآخرين في سبيل تأمين رزقه وحاجاته، لذلك أولى الإسلام اهتماماً كبيراً لهذا الجانب،
فالانشغال في الرزق أمرٌ طبيعي، لكن له حدودٌ شريعة يجب الوقوف عندها، وعلينا أن نتعلم شكر الله على نعمه وأرزاقه، ومن أسماء الله الحسنى التي تجلّت فيها صفات الرزق: (الرزّاق – الوهّاب – الفتّاح – المُقيت – الغنيُّ – المغني).
قد يأخذ الرزق أشكالاً مختلفة، فهو نعمة بالنسبة للمؤمنين الذين يوظّفونه في طاعة الله وطلب مرضاته، وفي نفس الوقت فإن الرزق قد يأتي على هيئة عقابٍ لأهل الضلال الذين يوسع الله عليهم في الدنيا ويمهلهم إلى الآخرة.
عندما سُئل الإمام أحمد بن حنبل، أيكون المرءُ زاهداً وعنده ألف دينار؟ أجاب إجابةً عجيبة حيث قال: (نعم، بأن تكون الدنيا في يده وليست في قلبه)، فقالوا وما علامة ذلك؟ فقال: (علامة أن الدنيا ما زالت في يك ولم تصل إلى قلبك أنها إذا زادت لم تفرح وإذا نقصت لم تحزن).
أمر الله عباده بالسعي والأخذ بالأسباب مع التوكل عليه في النتائج، فالرزّق مقدّر في وقته المناسب، بغض النظر عن الطريقة التي سيأتي من خلالها، لذا فإن استعجال الرزق قد يوقع الإنسان في الخطأ، فبدل أن يصبر على رزقه ويأكله حلالاً يستعجله ويأخذه حراماً، وهو في الحالتين قد كُتب له.
يزعم البعض أن رزقهم آتٍ لمجرّد أنهم يتضرّعون إلى الله ويدعونه، لكن هذا من صور الجهل والتواكل، ولطالما ربط الإسلام الرزق بالسعي والعمل مهما كان بسيطاً،
فعندما أمر الله سيدتنا مريم أن تهزّ جذع النخلة وهي امرأة ضعيفة على وشك الولادة، كان يعلم أن فعلها هذا لا تأثير له، لكنه يحثّ على العمل الأخذ بالأسباب، كذلك الأمر عندما أمر موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه حتى انشق.
قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، لذلك فالرزق يحتاج إلى بذل الجهد والمحاولات وعدم اليأس من كرم الله، إلى جانب الدعاء والتوكّل على الله.
أرسل عابد الحرمين الفضيل بن عياض إلى الإمام مالك يقول له: (أراك انشغلت بتعليم الناس عن العبادة، ولو تفرّغت للعبادة لكان خيرًا لك)، فأجابه الإمام مالك مصححًا لهذا المفهوم برسالة يقول فيها:
(إنّ الله وزّع الأرزاق: فمنهم من حبب الله له الصدقة، ومنهم من حبب الله له العلم، ومنهم من حبب الله له العبادة، ومنهم من حبب الله له الجهاد، وكلّ ميسّر لما خلق له).
فالرزق مفهوم واسع يشمل كل ما أعاطه الله للإنسان:
الرزق بيد الله وحده، يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء، وبرز هذا في قوله تعالى: ﴿اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ﴾، وعندما يُحبس الرزق عن أحدٍ من العباد فلابدّ أن هناك حِكمة وراء ذلك، سواءً كان هذا المنع لمصلحة المرء أم عقاباً له.
كما أنّ هناك بعض الأسباب التي توجب العقاب على الإنسان، وتكون من موانع الرزق منها:
الرزق مكفولٌ فلا همّ: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الروح الأمين قد ألقى في رُوعي، أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقَها)، وفي الحديث: (يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك يا بن آدمَ من مالك، إلا ما أكلتَ فأفْنيتَ، أو لبِستَ فأبليتَ، أو أعطيتَ فأمضيتَ).
عطاءُ من لا يخشى الفقر: غنِم المسلمون في غزوةِ حُنين الكثير، فجاء رجلٌ أعرابيّ إلى النبي ﷺ يسأله، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: ما سُئِلَ رسُولُ اللَّه ﷺ عَلَى الإِسْلامِ شَيئاً إِلا أَعْطاه، وَلَقَدَ جَاءَه رَجُلٌ فَأَعطَاه غَنَماً بَينَ جَبَلَينِ، فَرَجَعَ إِلى قَومِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمداً يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لا يَخْشَى الفَقْرَ،
وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى يَكُونَ الإِسْلامُ أَحَبَّ إِلَيه منَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، فهناك من الناس من لا يقتنعُ إلا بالفكرِ والمنطِق، وهناكَ من الناس من يشترى بالمال، وهناكَ من تُحركهُ العواطف والروحانيات، إذن الكثير من الناس يُحركهم الجود والكرم ويزرع في نفوسِهم معاني الحب والتقدير للمُعطي.
أعطاني حتى صار أحبّ الناس إليّ: ورثَ صفوان بن أمية بن خلف الكُرهَ والعداوة للإسلام مِن أبيه الذي قُتلَ في غزوة بدر، فحاربَ الرسول ﷺ بكل طاقتِه، في غزوةِ أُحد وفي غزوةِ الأحزاب،
وكانَ من الذين شَاركوا في عمليّة القِتال في داخلِ مكة المُكرمة، ثم كانَ خروجُ رسول الله ﷺ إلى حُنين، واحتاجَ إلى الدروعِ والسلاح، وكان صفوان بن أُمية من تجار السلاح المعروفين في مكة، فاستقرضهُ بالثمن.
وخرج صفوان مع المسلمين إلى حُنين ليرعى أسلحته، وانكسر المسلمون في أول الأمر، ثم أُتبع الانكسار بانتصار مهيب، وجمع المسلمون غنائم لم يسمع بها العرب قبل ذلك،
ووجد رسول الله ﷺ صفوان ينظر إلى شِعْبٍ من شِعاب حُنين، قد مُلِئ إبلاً وشياه، وقد بَدَتْ عليه علامات الانبهار والتعجُّب، فقال له ﷺ: «أَبَا وَهْبٍ، يُعْجِبُكَ هَذَا الشِّعْبُ؟»، قال صفوان: نَعَمْ، قال الرسول ﷺ: «هُوَ لَكَ وَمَا فِيهِ»!!
أذهلت المفاجأة صفوان ولم يجد إلا أن يقول: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله!! وكان بعدها يقول: والله لقد أعطاني رسول الله ﷺ، وأعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى صار أحبَّ الناس إليَّ!!
يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ
وختامًا: حين تنضج ثمار الشجرة تسقط لتعطي غيرها، وحين يفيض الماء في الوادي يعطي الحياة لكل ما حوله، بني هذا العالم على العطاء؛ فحين يسفر الصباح ينزل إلى الدنيا ملكان: (يدعو الأول للمنفقين بالخلف، ويدعو الثاني للمسكين بالتلف).
عنوان يوضع كل يوم لأننا وحدنا من بين الكائنات من منحه الله الحرية أن يعطي أو أنْ يمنع، فلا الشجرة تملك أن يحبس ثمرها، ولا الماء بيده ألا يروي ويهب الحياة، جعل الله سلامة نظام الكون في العطاء، واضطراب هذا الكون في المنع والإمساك، وعلّق الأمر به مباشرة فجعل العطاء تجارة معه سبحانه لئلا يختلّ هذا النظام.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
الوعي ومفهومه وفوائده و ما هو الإبداع؟ وما هي مهاراته وأنواعه؟
يجيب الإمام مالك برسالة يقول فيها: (إنّ الله وزّع الأرزاق: فمنهم من حبب الله له الصدقة، ومنهم من حبب الله له العلم، ومنهم من حبب الله له العبادة، ومنهم من حبب الله له الجهاد، وكلّ ميسّر لما خلق له).
1-تقوى الله تعالى والتوكل عليه.
2-المحافظة على الصلاة.
3-دوام الاستغفار.
4-صلة الرحم.
5-كثرة الصدقة.
6-الإكثارُ من الحجِ والعمرة والمتابعةُ بينهما.
7-الدعاء.
1-الذنوب والمعاصي.
2-التواكلُ وعدم الأخذِ بالأسباب.
3-حفظُ النعم وعدم الإسراف فيها وتضييعها.
4-أكلُ المالِ الحرام.
قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.
الزوج الصالح أحد أنواع الرزق، ويجب أن يبذل المرء جهده في البحث عنه والأخذ بالأسباب مع الدعاء والتوكل على الله.
يتطلب الرزق بذل الجهد والسعي المستمر دون اليأس من كرم الله، مع الدعاء والتوكل على الله تعالى.
يتأخّر الرزق لحكمة أرادها الله لنفع عباده أو لرفع ضررٍ عنهم.
رزق الإنسان مكتوبٌ ومقدّر، ولكن على الإنسان السعي في طلب الرزق، ومن موانع الرزق:
1-الذنوب والمعاصي.
2-التواكلُ وعدم الأخذِ بالأسباب.
3-حفظُ النعم وعدم الإسراف فيها وتضييعها.
4-أكلُ المالِ الحرام.
يشمل الرزق كل ما أعطاه الله للإنسان من نعم ماديّة ومعنوية مثل:
ما رزقنا الله من الحواس والجوارح.
دوامُ الصحّة والعافية.
اِمتلاك القدرات العقلية والمواهب الفريدة.
وجود الزوج والأولاد.
الصحبة الصالحة.
نيل المحبّة والقبول بين الناس.
التوفيق على العبادة والطاعة.
المال.
بالطبع الرزق مكتوب، لكنه مقترن بشروط السعي والتوكل على الله ويتغيّر مع تغيّرها.
إن زيادرة الرزق ونقصانه بيد الله، إذ قال تعالى: {اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ}.
الدعاء والتوكل على الله في طلب الرزق واجب، لكن يجب ان يقترن بالسعي والعمل والأخذ بالأسباب.