مكارم الأخلاق في الإسلام وأهميتها
يقول معروف الرصافي هي الأخلاق تنبتُ كالنبات.. وتنمــو باعتنــاء الوالــدات تزيد رياضها بالريّ حسنًا.. إذا…
Read moreرفع الإسلام شأن المرأة ومكانتها على مدى الزمان، نتحدثّ عن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنهما، عاشت حياة فريدة وكانت لها مواقف عظيمة، وبركة كبيرة وعلم سديد نافع بحفظ أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وساهمت في صنع الحضارة الإسلامية العظيمة.
ولدت في مكة بعد بعثة النبي ﷺ، من أبوين مسلمين في بيت مسلم فلم تعرف غير الإسلام دينًا، أبوها أبو بكر الصديق الذي قال عنه المصطفى ﷺ: «ما وطئ الأرض بعد الأنبياء خير من أبي يكر»، صاحب رسول الله ووزيره في حياته وخليفته بعد وفاته، أما أمّها فـ “أم رومان” التي بشّرها النبي ﷺ بالجنة، وكان رسول الله ﷺ كثير التردد على بيتهم.
شبّت عائشة وأنبتها الله نباتاً حسناً، فكانت تبدو أكبر من عمرها، وبعد وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، جاءت خولة بنت حكيم إلى النبي ﷺ تسأله أن يتزوج، فسألها: «وَمَن؟»، قالت:
(إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا)، فقال: «وَمَنِ البِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّب؟»، فذكرت له البكر: “عائشة”، والثيّب: “سودة بنت زمعة”، فوافق رسول الله، وتزوّج السيدة سودة بنت زمعة لتربي بناته وترعاهنّ، وتزوّج عائشة رضي الله عنها:
رؤيا الأنبياء حقّ ورؤيا الأنبياء وحي، وزواج عائشة -رضي الله عنها- كان بأمرٍ وترتيب من ربّ العالمين.
تزوجت عائشة رضي الله عنها من النبي محمد صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى للهجرة النبوية، وذلك بعد هجرة النبي من مكة إلى المدينة. حسب الروايات التاريخية الإسلامية، تم العقد عليها قبل الهجرة بثلاث سنوات تقريباً، ولكن الزواج تم بعد الهجرة.
كان عمرها عند الزواج موضوع نقاش واختلاف بين العلماء والمؤرخين، حيث تُشير بعض الروايات إلى أن عمرها كان حوالي ست أو سبع سنوات عند العقد وتسع سنوات عند الزواج، بينما تشير روايات أخرى إلى أنها كانت أكبر سناً. هذا الاختلاف يرجع جزئياً إلى طريقة تسجيل الأعمار في ذلك الزمان واختلاف المصادر التاريخية.
عقد رسول الله على السيدة عائشة قبل الهجرة إلى المدينة المنوّرة، ثم بنى بها بعد الهجرة بحوالي سنتين، وكان رسول الله ﷺ يقدرّ صغر سنّها، تروي رضي الله عنها فتقول:
(كان يوم عيد يلعب السودان بالدّرق والحراب، فإما سألت رسول الله ﷺ، وإما قال: «تشتهين أن تنظري؟»، قلت: نعم، فأقامني وراءه، خدّي على خده، وهو يقول: «دونكم، بني أرفدة»، حتى إذا مللتُ قال: «حسبك؟»، قلت: نعم، قال: «فاذهبي».
قالت عَائِشَةَ ـرضي الله عنهاـ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ بِخَزِيرَةٍ -نوع من أنواع الطعام- قَدْ طَبَخْتُهَا لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ، أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَطَلَيْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ، فَوَضَعَ بِيَدِهِ لَهَا، وَقَالَ لَهَا: «الْطَخِي وَجْهَهَا»، فَمَرَّ عُمَرُ، فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ)، فَظَنَّ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: «قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: (فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ).
وعن عائشةَ، رضيَ اللَّهُ عنها، أنَّها كانَت معَ النَّبيِّ ﷺ في سفَرٍ قالت: (فسابقتُهُ فسبقتُهُ على رجليَّ، فلمَّا حَملتُ اللَّحمَ سابقتُهُ فسبقَني، فقالَ: «هذِهِ بتلكَ»).
كانت الوحيدة التي تزوجها رسول الله ﷺ وهي بكر، أما بقية زوجاته فكنّ قد تزوّجنَ سابقاً والزواج من المطلقات والأرامل أمرٌ طبيعي في المجتمع الإسلامي، وليس كما هو الحال اليوم فقد أصبح هناك عُقَدٌ في هذه المسألة.
كان النبي ﷺ يقسِمُ بين نسائهِ فيعدلُ، ويقولُ: «اللَّهمَّ هذا قَسمي فيما أملِكُ ، فلا تلُمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ»، يعني أن ما لا يملكه هو ميل القلب، فقد كان يحبّ عائشة رضي الله عنها، وكانَ النّاسُ يَتَحَرّوْنَ بهَدَايَاهُمْ يَومَ عَائِشَةَ، فَاجْتَمعت زوجات رسول الله وطلبن من رسول الله أنْ يَأْمُرَ النّاسَ أنْ يُهْدُوا إلَيْهِ حَيْثُ ما كَانَ، فَذَكَرَتْ ذلكَ أُمّ سَلَمَةَ للنبيّ ﷺ، فأعْرَضَ عَنّها، وفي المرة الثالثة، َقالَ: «يا أُمّ سَلَمَةَ لا تُؤْذِينِي في عَائِشَةَ، فإنّه واللّهِ ما نَزَلَ عَلَيّ الوَحْيُ وأَنَا في لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنّ غيرِهَا».
أرسلن يومًا إليه فاطمة الزهراء -أحبّ بناته-، وكان في بيت عائشة لتقول له: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ)، فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»، فقالت: «بَلَى»، فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ».
سأل سيدنا عمرو بن العاص فقال: يا رسولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ أحبُّ إليكَ؟، قالَ: «عائشةُ»، قال: (فمِنَ الرِّجالِ)، قالَ: «أبوها».
كان النبي ﷺ حين يخرج في غزواته يقترع بين أزواجه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها، وفي غزوة بني المصطلق كانت عائشة مع رسول الله ﷺ، وبينما هم في طريق العودة إلى المدينة، مشيت عائشة مبتعدة عن الجيش حتى قضت حاجتها، ثم عادت إلى راحلتها، فافتقدت عقد لها، فعادت تلتمسه.
فأقبل الموكلون براحلتها، فساروا دون أن يدركوا أنها ليست في هودجها؛ فقد كانت خفيفة الوزن، وبعد فترة عادت عائشة لتجد الجيش قد رحل، فانتظرت في موضعها، ظنًا منها أنهم سيفتقدونها فيرجعون لها -وهذا تصرّف حكيم-، ثم غلبها النوم فنامت.
كان صفوان بن المعطل السلمي قد تأخر عن الجيش، فمهمّته كانت جمعُ ما قد يسقط من الناس أثناء رحيلهم -وهذا كان من عادة الجيوش وقتها-، فرأى السيدة عائشة فعرفها فأناخ راحلته وتأخّر عنها حتى ركبت، وانطلق بها حتى بلغا الجيش وهو في المدينة، فرآهما عبد الله بن ابي بن سلول وكان في جمع من المنافقين:
(عائشة مع صفوان؟! والله ما تركها حتى أصاب منها وأصابت منه).
الإسلام شديد في مسألة التكلم بالأعراض، فعقوبة من قذف مؤمنة في عرضها:
بدأ ينتشر قول ابن أبي سلول بين الناس، وأصحبوا يتناقلونه وعائشة لا تدري بأمره شيئاً؛ فقد مرضت مرضاً شديداً استمر شهراً، سوى أنها لاحظت أن رسول الله قد تغيّر عليها؛ فقد كان يلاطفها بشكل أكبر سابقاً.
ثم بدأ يسقط في هذا الأمر بعض المؤمنين أصحاب الصلاح، منهم:
فلما شُفيت عائشة خرجت مع “أم مِسْطَح” ليلاً لقضاء الحاجة، فتعثرت أم مسطح فقالت: (تعس مسطح)، فغضبت عائشة وقالت لا تقولي هذا عن رجل شهد بدرا، فقالت أم مسطح أما سمعتي ما قال؟! قالت وما قال؟ فعندها علمت عائشة بحديث الافك، فعادت إلى البيت وهي تبكي حتى كاد بكاؤها يقطّع كبدها.
ثم إن رسول الله ﷺ دعا “علي بن أبي طالب” و”أسامة بن زيد” – رضي الله عنهما – يستشيرهما، فأما أسامة بن زيد فقال: (يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيرًا)، وأما علي بن أبي طالب فقال:
(إن تسأل الجارية تصدقك -أي خادمة عائشة-)، فدعا رسول الله ﷺ بريرة، فقال: أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك؟ قالت بريرة: (لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله).
قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: «يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟ فوالله، ما علمتُ على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرًا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي».
فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: (يا رسول الله، أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك)، فقام سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج- وكان رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد:
(كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله)، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: (كذبت لعمر الله، لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين)، فتثاور الحّيان – الأوس والخزرج – حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله ﷺ قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله ﷺ يخفضهم حتى سكتوا وسكت.
دخل رسول الله ﷺ فسلّم ثم جلس، ثم قال: «أما بعد، يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه».
قالت عائشة: فلما قضى رسول الله ﷺ مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي وأمي: أجيبا رسول الله فيما قال، قالا: والله، ما ندري ما نقول، فقلت:
(إني والله لقد علمت، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال: {فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ واللهُ المُسْتعَانُ على مَا تَصِفون}).
قالت عائشة: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيًا يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله ﷺ في النوم رؤيا يبرئني الله بها.
قالت: فوالله ما رام رسول الله ﷺ ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه الوحي، ثم سُرّي عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: «يا عائشة، أما الله – عز وجل – فقد برأك»، ثم تلا قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سورة النور:11] (العشر الآيات كلها).
كانت عائشة رضي الله عنها تتعلم من رسول الله ﷺ، وبصغر سنها وذكائها وسرعتها على الحفظ وكثرة سؤالها أصبحت أعلم نساء رسول الله ﷺ، بل من طبقة كبار الصحابة في العلم.
قال عُروةُ بن الزبير ابن أخت عائشة: (يا أمَّتاه، لا أعجَبُ مِن فقهك؛ أقول: زوجة نبيِّ الله وابنةُ أبي بكر، ولا أعجبُ مِن عِلمِك بالشِّعر وأيامِ الناس؛ أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلمَ الناس، ولكن أعجبُ مِن علمِك بالطبِّ؛ كيف هو؟ ومن أين هو؟)، فضربَت على منكبِه، وقالت:
(أيْ عُريَّة، إن رسول الله ﷺ كان يَسقَمُ عند آخر عمره وكانت تَقدَم عليه وفودُ العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، وكنتُ أعالجُها له).
يقول سيدنا معاوية بن أبي سفيان لما دخل عليها في خلافته، والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة، ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «مَا أُشكلَ عَلَيْنَا أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه ﷺ حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ، إلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا».
وكانت من الفصاحة والبلاغة ما جعل الأحنف بن قيس يقول: (سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم، وَالْخُلَفَاءِ هَلُمَّ جَرًا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ، أَفْخَمَ، وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَةَ رضي الله عنها).
لما مرض النبي ﷺ مرضه الأخير، كانت رغبته أن يُمرّض في بيت عائشة، فاستأذن زوجاته فأذنَّ له لمعرفتهنَّ بمكانة عائشة لديه، فكانت حبيبة رسول الله ﷺ ورفيقته في الدّرب إلى آخر حياته.
وفي فترة مرضه تلك، لم يستطع رسول الله الصلاة بالناس فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فقالت عائشة: (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ)، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، خافت عائشة أن يتشاءم الناس بأبيها، ولكن رسول الله أراد أن يبين للناس أنّه من يستحق أن يكون لهم إماماً.
وفي يوم الوفاة: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، وعائشة مسندة النبي ﷺ إلى صدرها، فرأته ينظر إلى عبد الرحمن فعرفت أنه يحب السواك، فأخذته فلينته.
ثم حضرت النبي الوفاة، فتذكر عائشة ذلك قائلة: (فَمَاتَ فِي بَيْتِي وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي).
عاشت عائشة رضي الله عنها تعلم المسلمين بعد رسول الله ﷺ في خلافة أبيها أبي بكر الصديق، ثم لمّا حضرته الوفاة أشرفت على مرض أبيها، فكانت تعزي نفسها ببيت شعر قائلة:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فنهاها أبو بكر عن ذلك وقال لها: (لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةُ، وَلَكِنْ قُولِي {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ})، فعادت وأنشدت:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة الأرامل
فقال أبو بكر: (ذَاكَ رَسُوْلُ الله ﷺ).
توفيت السيدة عائشة زمن خلافة سيدنا معاوية، عام 58هـ وعمرها 66عاماً، ودفنت في البقيع.
يقول عمرو بن عبيد: (لا يحزن عليها إلا من كانت أمّه)، فمن كان من المؤمنين فهي أمه ويحزن عليها.
رحمها الله قدوة لنا ولبناتنا، خلدها الله في سيرة الخالدين، قدوة للعالمين.
تنتمي عائشة إلى بني تيم وهم بطن من قريش، ولدت في مكة بعد بعثة النبي ﷺ، من أبوين مسلمين في بيت مسلم فلم تعرف غير الإسلام دينًا، أبوها أبو بكر الصديق
كون السيدة عائشة رضي الله عنها لم تنجب فليس فيه ما يشكل، فكم من شخص تزوج ومكث مع زوجه سنوات ولم يولد له، فأمر الإنجاب بيد الله تعالى
يمكننا أن نعرف العلوم التي نبغتفيها امالمؤمنين عائشة، من حديث عروة بن الزبير، قال عُروةُ بن الزبير ابن أخت عائشة: (يا أمَّتاه، لا أعجَبُ مِن فقهك؛ أقول: زوجة نبيِّ الله وابنةُ أبي بكر، ولا أعجبُ مِن عِلمِك بالشِّعر وأيامِ الناس؛ أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلمَ الناس، ولكن أعجبُ مِن علمِك بالطبِّ؛ كيف هو؟ ومن أين هو؟)، فضربَت على منكبِه، وقالت: (أيْ عُريَّة، إن رسول الله ﷺ كان يَسقَمُ عند آخر عمره وكانت تَقدَم عليه وفودُ العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، وكنتُ أعالجُها له).
الذي اتهم السيدة عائشة بالزنا هو عبد الله بن ابي بن سلول وكان في جمع من المنافقين: (عائشة مع صفوان؟! والله ما تركها حتى أصاب منها وأصابت منه).
عائشة ام المؤمنين لانها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإن زوجات نبينا - صلى الله عليه وسلم - يعتبرن أمهات للمؤمنين جميعًا رجالا ونساء، والدليل عموم قول الله تعالى:" النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ {الأحزاب:6}
سبب حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة يعود إلى عدة عوامل، منها ذكائها، فهمها العميق للدين، شخصيتها المحببة، وتفاعلها الإيجابي معه. كما كانت مصدراً للراحة والدعم له.
نعم، هناك مواقف تاريخية تُظهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غضب من عائشة في بعض الأحيان، ولكن هذا الغضب كان في إطار العلاقة الزوجية الطبيعية وتم حله بالتفاهم والحوار.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
السلام عليكم ورحمة الله
بداية احيي الاستاذ طارق على ما قدّم …. ارجو جوابا على سؤال واحد وهو :
كيف ومن أيّ مصدر علم الاستاذ انّ عائشة رضي الله عنها وُلدت ما بين 613م و 615م؟