نزول المسيح وفتنة يأجوج ومأجوج
نزول المسيح وفتنة يأجوج ومأجوج من علامات الساعة الكبرى، التي لم يظهر منها شيء، فإن…
اقرأ المزيدأُمتنا الإسلاميّة غنية بالرجالِ العظام، المبدعين والقدوات في كلّ مَيدان، نقفُ لنتعرّف على أحدِ هؤلاءِ القامات، إنّهُ “الفضيل بن عياض” إمام الحرم، شيخ الإسلام، قدوة الأعلام، أحد أعلام أهل السنة في القرن الثاني الهجري، مبدعٌ من مبدعيها.
إنّ التعرّف على حياةِ هذا العالِم الجليل ومعرفة أسباب نبوغُه وعِلمه، هو استشفافٌ لنموذجٍ فريد لرجل أنجبهُ الإسلامُ العظيم. فمن هو؟ وكيفَ نشأ وتعلّم؟ وما أسبابُ نبوغه في علمه؟
الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر، أبو علي التميمي الطالقاني الفُنْدِيْني، الزاهد المشهور.
وُلِدَ في سمرقند (في أوزبكستان) سنة (107هـ)، وقدم إلى الكوفة وهو كبير، وارتحل في طلب العلم، ثم انقطع مجاورًا للحرمين المكي والمدني.
كان الفضيل “شاطرًا” -لصّ سارق- يقطع الطريق بين “أبيورد” و”سرخس”.
وكان سبب توبته: أنه عشق جارية، فبينما هو يرتقى الجدران إليها، سمع تاليًا يتلو القرآن {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}؟ قال: يارب قد آن، (في قلبه أصالة دينية، كحال أغلب أمة سيدنا محمد ﷺ)، فرجع فآوا الليل إلى خربة، فاذا فيها رفقةٌ، فقال بعضهم:
(نرتحل)، وقال قوم: (حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا)، قال: (ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقومٌ من المسلمين هاهنا يخافونني؟، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع! اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام).
فترك بلده وسافر إلى البيت الحرام، وقضى بقية عمره بين مكة والمدينة يتعبّد الله.
تغييرُ الحال باستطاعة كلّ إنسان، إذا عقد العزم بنفسه، واتخذ قراره، ومهما كانت معاصيه كثيرة ممكن أنْ يصل إلى أعلى درجات القرب من الله تعالى.
وللعلم فإن مجلس الخليفة “هارون الرشيد” كان مجلس علماء وفقهاء، وليس كما يصوّر لنا اليوم، أنه مجلس خمور ومُجون وغناء.
(عشرة لا يدخلون بطونهم إلا حلالاً، ولو استَفُّوا التراب والرماد، وعدّد منهم: “سفيان”، “وإبراهيم بن أدهم” و”الفضيل بن عياض”، و”ابن الفضيل بن عياض” و.. وذكر بقية العشرة)، لم يكتف الفضيل بالورع وإنما ورّث ابنه هذه الخصلة الحميدة.
و”عبد الله بن المبارك” هو عالم أهل المشرق والمغرب، وهو من يشهد لقاطع الطريق كيف تغير.
(حزينة، بطيئة، مترسلة، كان إذا مرَّ بآية فيها ذكر الجنة، يرددها ويسأل الله الجنة)، وكانت صلاته في الليل ساعة أو أكثر من ذلك، ويلقى له الحصير في مسجده، فيصلي من أول الليل ساعة فإذا نعس ألقى نفسه على الحصير قليلًا فإذا غلبه النوم نام، ثم يقوم.
يقول “إبراهيم بن الأشعث”: (ما رأيت أحدًا كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله تعالى، أو ذُكِرَ عنده الله، أو سمع القرآن، ظهر به من الخوف والحزن، وفاضت عيناه وبكى، حتى يرحمه من يحضره، كان دائم الحزن، شديد الفكرة، ما رأيت رجلًا يريد الله تعالى غير الفضيل،
كنا إذا خرجنا معه في جنازة، لا يزال يعظ ويذكر، ويبكي كأنه يودع أصحابه ويموت، حتى يبلغ المقابر فيجلس مكانه بين الموتى ويبكي ثم يقوم كأنه رجع من الآخرة يخبرنا عمّا فيها).
– سأله أحدهم ما الخلاص؟ فقال: من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
– يقول “ابن عياض”: (لم يتزين الناس بشيء، أفضل من الصدق وطلب الحلال)، فقال “ابنه علي”: (يا أبتي إن الحلال عزيز)، فقال: (يا بني إن قليله عند الله كثير).
– أرسل مرةً إلى “عبد الله بن المبارك” يحثه على ترك الجهاد والتفرّغ لعبادة الله، فأرسل إليه “عبد الله بن المبارك” هذه الأبيات الجميلة:
يقول الفضيل: لما دخل عليّ “هارون” قلت: (يا حسن الوجه قد كُلِّفت أمرًا عظيمًا، أما إني ما رأيت وجهًا أحسن منك، فإن قدرت ألا تُسَوِّدَ هذا الوجه بلفحة من النّار فافعل!).
فقال “هارون”: (عظني)، فقال: (بماذا أعظك؟ هذا كتاب الله بين الدفتين، انظر ماذا عمل بمن أطاعه؟ وماذا عمل بمن عصاه؟ إني رأيت الناس يغوصون على النار غوصًا شديدًا، ويطلبونها طلبًا عظيمًا، أما والله لو طلبوا الجنة بمثل ما طلبوا النار أو أيسر لنالوا الجنة).
فقال له هارون: (عد إليّ)، فقال: (يا أمير المؤمنين لو لم تطلبني لم آتك، وإن انتفعتَ بما سمعت عدتُ إليك).
توفى الفضيل في محرم سنة (187هـ) رحمه الله تعالى.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
قصص الصحابة و الأئمة الأربعة وقصص التابعين والمبدعون
كان يعشق جارية، فبينما هو يرتقى الجدران إليها، سمع تاليًا يتلو القرآن {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}؟ قال: يارب قد آن، (في قلبه أصالة دينية، كحال أغلب أمة سيدنا محمد ﷺ)، فرجع فآواى الليل إلى خربة، فاذا فيها رفقةٌ، فقال بعضهم: (نرتحل)، وقال قوم: (حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا)، قال: (ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقومٌ من المسلمين هاهنا يخافونني؟، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع! اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام).
فترك بلده وسافر إلى البيت الحرام، وقضى بقية عمره بين مكة والمدينة يتعبّد الله.
قال عنه الخليفة "هارون الرشيد": (ما رأيت في العلماء أهيب من "مالك"، ولا أورع من "الفضيل").
يقول الفضيل: لما دخل عليّ "هارون" قلت: (يا حسن الوجه قد كُلِّفت أمرًا عظيمًا، أما إني ما رأيت وجهًا أحسن منك، فإن قدرت ألا تُسَوِّدَ هذا الوجه بلفحة من النّار فافعل!).
فقال "هارون": (عظني)، فقال: (بماذا أعظك؟ هذا كتاب الله بين الدفتين، انظر ماذا عمل بمن أطاعه؟ وماذا عمل بمن عصاه؟ إني رأيت الناس يغوصون على النار غوصًا شديدًا، ويطلبونها طلبًا عظيمًا، أما والله لو طلبوا الجنة بمثل ما طلبوا النار أو أيسر لنالوا الجنة).
فقال له هارون: (عد إليّ)، فقال: (يا أمير المؤمنين لو لم تطلبني لم آتك، وإن انتفعتَ بما سمعت عدتُ إليك).
أرسل مرةً إلى "عبد الله بن المبارك" يحثه على ترك الجهاد والتفرّغ لعبادة الله، فأرسل إليه "عبد الله بن المبارك" هذه الأبيات الجميلة:
يا عابدَ الحَرَمينِ لوْ أبصرْتَنا لَعلمْتَ أنّك في العبادةِ تَلْعبُ
مَنْ كان يَخْضِبُ جيدهُ بدموعِهِ فَنُحُورُنا بِدِمَائِنا تَتَخَضَّبُ
أو كان يُتْعِبُ خيلَهُ في باطلٍ فخيولُنا يومَ الصَّبِيْحَةِ تَتْعبُ
رِيْحُ العَبِيْرِ لكمْ ونحنُ عبيرُنا رَهْجُ السَّنابكِ والغبارُ الأطْيبُ
ولـقـد أتـانـا مِنْ مَقـالِ نبيِّنـا قَوْلٌ صحيحٌ صادقٌ لا يُكْذَبُ
لا يَسْتَوِي وغُبارُ خَيْلِ اللهِ في أَنْفِ امرئٍ ودُخَانُ نارٍ تَلْهَبُ
هذا كتابُ اللهِ ينطِقُ بَيْنَنا ليس الشَّهيدُ بميِّتٍ لا يُكْذَبُ
سأله أحدهم ما الخلاص؟ فقال: من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
– يقول “ابن عياض”: (لم يتزين الناس بشيء، أفضل من الصدق وطلب الحلال)، فقال “ابنه علي”: (يا أبتي إن الحلال عزيز)، فقال: (يا بني إن قليله عند الله كثير).