كيف كان الرسول يقضي يومه ” الإنسان الكامل “
كيف كان الرسول يقضي يومه, رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو القدوة لكل مسلمٍ…
اقرأ المزيدفنُ الصدقةِ، فن الإحسان، فنُ الكرمِ والجود، لأنهُ من لا يَرحم لا يُرحم، ولنا في رسولِ الله ﷺ أسوةٌ حسنة، حيثُ كانَ يرّبي الصحابةَ الكِرام على معاني الكَرم والجودِ والإحسان، فهُناكَ مِن الناسِ من حببَ لهُ العبادة، وهناكَ من حُبب لهُ العلم، وهناكَ من حُبب لهُ الكرمُ والجود وإعانةُ المحتاجين.
المالُ هو كلّ ما فيه منفعةٌ للإنسان، وهو مالُ الله تعالى والإنسانُ مُستخلفٌ فيه، فهو بيدهِ أمانةٌ سيثحاسبُ عليها، وأوجبَ إخراجَ جزء منه وهو الزكاة، ودعاهُ تطوّعًا لإنفاقِ أجزاءٍ أُخرى في مجالاتٍ شتى وهي الصدقة.
والصدقة في اللغة: مأخوذةٌ من الصِدق، فهي دليلٌ على صدقِ مُخرجها في إيمانه، وفي الاصطلاح: إنفاقُ المالِ تطوعًا من غيرِ إيجاب الشرع تعبّدًا لله تعالى.
وتطلقُ الصدقةُ على جميعِ أنواعِ البرّ والخير، قال ﷺ: «كل معروفٌ صدقة»
قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، وقال أيضًا: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
كان لأبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه منهجٌ خاص في التعاملِ مع المال، فكانَ يعتبرُ أنّ أيّ أموال يبقيها الإنسان فوقَ حاجةِ يومٍ واحد هي كنز يُعاقب عليه يوم القيامة، فكان ينُفق يوم بيوم، ويعيشُ يومه، ويقول في المال ثلاثة شركاء:
يؤكدُ هذا المعنى النبي ﷺ في حديثِ عائشة رضي الله عنها: (ذلك أنّهُم ذبحوا شاةً، فقال النبي ﷺ: ما بقي منها؟ قالت عائشة رضي الله عنها: ما بقيَ منها إلا كتفُها -أي: أنهم ذبحوا الشاة ووزعوها للمحتاجين ولم يبقَ منها إلا الكتف- قال: بقي كلها غير كتفها).
لا ينحصرُ مفهوم أفضلِ الصدقات بشيءٍ مُعيّن، وإنّما يختلفُ باختلافِ الأشخاص والأحوال والأموال، فالإسلامُ فتحَ لنا أبوابًا وأبوابًا من الإحسان وكل إنسان مُيسرٌ لما خُلق له.
يقول الله تعالى: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، تشير الآية إلى حسنُ الصدقة في العَلن إلا أنّ الصدقة الخفية أفضل، ففيها صفاء القلب والنقاء من الرياء والقصدِ لوجهِ الله.
إلا أنّ العُلماء استثنوا خيريّة الإعلان إذا كانَ في المسألة تشجيع للآخرين على الإنفاق من حديث النبي ﷺ الذي يرويه جابر بن عبد الله البجلي لما جاء قوم عراة عليهم آثار الفاقة، فأمرَ النبي ﷺ بِلالًا فأذَّنَ وأقام، فصلَّى ثمَّ خطَبَ: فقَالَ:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾، تصدَّق رجلٌ من دينارِه، من درهمِه، من ثوبِه، من صاعِ بُرِّه، من صاعِ تمرِه، حتَّى قال: «ولو بشقِّ تمرةٍ».
فجاءَ رجلٌ من الأنصارِ بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجزُ عنها، ثم تتابعَ النَّاسُ حتَّى رأيتُ كومينِ من طعامٍ وثيابٍ، حتَّى رأيتُ وجهَ رسولِ اللهِ ﷺ يتهلَّلُ كأنَّه مُذْهبةٌ؛ فقال: «مَنْ سَنَّ فِي الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فله أجرُها، وأجرُ مَنْ عمِل بها مِنْ بعدِه من غيرِ أنْ يَنقُصَ من أجورِهم شيءٌ».
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: «أن تَصَدَّقَ وأنت صحيحٌ شَحِيحٌ، تخشى الفقر وتَأَمَلُ الغِنى، ولا تُمْهِلْ حتى إذا بلغتِ الحُلْقُومَ قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان».
وكان رسولُ الله ﷺ أجود ما يكون في رمضان، يصفونه كالريح المرسلة التي تنشر الخيرات على العباد.
من أفضلِ أنواعِ الإنفاق التي يغفلُ عنها الكثير من الناس: إنفاق الإنسان على نفسه، وعلى من يعول وأهله وورثته، وعلى عمّاله وخدمه.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول ﷺ: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك».
قال رسولُ اللهِ ﷺ: لا، فقلت: فالشطر؟ قال: لا، ثم قال رسولُ اللهِ ﷺ: «الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت حتى ما تجعل في فيّ امرأتك».
الصدقةُ والإحسان فنّ قدّم لنا فيه رسول الله ﷺ والصحابةِ الكرام والصالحين نماذجٌ فريدة، يقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: ما رأيتُ امرأتين قط أجودَ من عائشة وأسماء، وجودهُما مختلف، أما عائشة: فكانت تجمع الشيء على الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسّمته، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئًا لغد.
دعونا نتعرّف على بعض النماذج الفريدة في الصدقة:
الوقف واحد من أهم أشكال الصدقة، والمسلمون تفننوا فيه حتى أنشأوا “وقف الصحون” يقدّمون فيه الأطباق لمن كسرها من الأولاد والخدم، والوقف مشروع دائم في الأرباح والنفقات والصدقات إلى يوم القيامة.
يقوم صاحبه بجعل الأصل لله وينفق ثماره وما ينتج عنه على الفقراء والمحتاجين، طبعًا يجوز لصاحب الوقف أنْ يأكل منه ويطعم ضيوفه ولكن لا يستطيع أنْ يتموّل منه فيجعله مصدرًا للكسب.
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب: أَنْ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أصابَ أرْضًا بخَيْبَرَ، فأتَى النبيَّ ﷺ يَسْتَأْمِرُهُ فيها، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي أصَبْتُ أرْضًا بخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مالًا قَطُّ أنْفَسَ عِندِي منه، فَما تَأْمُرُ بهِ؟
قالَ: «إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أصْلَها جعلته وقفًا لله-، وتَصَدَّقْتَ بها -بما يخرج من ثمارها-»، قالَ: فَتَصَدَّقَ بها عُمَرُ، أنَّه لا يُباعُ ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، وتَصَدَّقَ بها في الفُقَراءِ، وفي القُرْبَى وفي الرِّقابِ، وفي سَبيلِ اللَّهِ، وابْنِ السَّبِيلِ، والضَّيْفِ لا جُناحَ علَى مَن ولِيَها أنْ يَأْكُلَ مِنْها بالمَعروفِ، ويُطْعِمَ غيرَ مُتَمَوِّلٍ.
رأينا كيف سار عمر رضي الله عنه بنموذج الوقف، أما ابنه عبد الله بن عمر فتميّز بتحرير الرّق والعبيد، ذلك أنّ الإسلام كان يحضّ ويشجع على تحريرهم، فكان عبد الله يراعي ذلك بتفكير عميق، حيث أنّه كان يكثر من شراء الرقيق ويعمل على تربيتهم وتحفيظهم القرآن الكريم، وكلما تميّز أحدهم أطلاقه في سبيل الله.
وكان بعض هؤلاء العبيد يتظاهر بالصلاح أمام عبد الله طمعًا في الإعتاق، فنبّهه على ذلك بعض أقاربه فقال قولًا أصبح شعارًا للمنفقين: (من يخدعنا في الله؛ انخدعنا له).
قال تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}، كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يومًا على راحلة -ناقة معدة للسفر- فأعجبته، عندها أمر خادمه نافع أنْ يعدّها للذبح في سبيل الله، قال نافع: لو ذبحت غيرها، فقال ابن عمر: أعجبتني.
وفي يوم مرض ابن عمر واشتهى السمك، فبحثوا وبصعوبة وجدوا له واحدة، فلما أعدّوها طرق الباب سائل، فقال من بالباب؟ قالوا: محتاج، فأمرهم أن يعطوه السمكة، فقالت زوجته وهي حزينة لحاله: لو أعطيته درهمًا لكان أنفع له، فأجابها: إنّما شهوتي أردت.
لما نزل قوله تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، قال أبو طلحة: يا رسول الله، حائطي الذي بكذا وكذا صدقة، ولو استطعت أنْ أسره لم أعلنه، فقال رسول الله ﷺ: اجعله في فقراء أهلك».
يقول المثل الصيني: _أعط المحتاج سمكة تطعمه ليوم واحد، وعلّمه كيف يصطاد تطعمه مدى الحياة).
من خلالِ مشاريعَ ضخمة، مثلًا: الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة في بلادنا لا تستثمر، فلو تم إنشاء شركات توظف المحتاجين، بما يخدم الناس والأمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
وأنواع الصدقات الجارية وأمثلتها كثيرة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ».
نسأل الله تعالى أنْ يقينا شحّ أنفسنا، ويجعلنا من المتصدقين المقبلين على الإحسان، الذين يتفننون في إيصال الخير إلى الناس.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
تعلم فنون الإقناع ومهاراته و ما هو الإبداع؟ وما هي مهاراته وأنواعه؟
في اللغة: مأخوذةٌ من الصِدق، فهي دليلٌ على صدقِ مُخرجها في إيمانه، وفي الاصطلاح: إنفاقُ المالِ تطوعًا من غيرِ إيجاب الشرع تعبّدًا لله تعالى.
وتطلقُ الصدقةُ على جميعِ أنواعِ البرّ والخير، قال ﷺ: «كل معروفٌ صدقة»
الصدقة برهان: على كمال إيمان العبد بالله،
2-الصدقة ثواب ينمّيه الله لك.
3-تدفعُ البلاء.
4-رزق يسوقهُ الله إليك.
5-سببٌ لدعاءِ الملائكة.
6-الله تعالى يعوّض المتصدقين.
7-وعد الله المتصدق بالرضا والوقاية من النار.
8-المتصدق يصبح اليسر حليفه.
9-الجنة أعدّت للمتقين المنفقين.
10-الصدقة لا تُنقصُ رزقًا.
شرطُ المال: أنْ يكونَ طيبًا حلالًا.
شرطٌ بين المُعطي وبين الله: التقوى وأن يبتغي بهِ وجه الله تعالى مُخلصًا له، لا يبتغي رياءً ولا سُمعة.
شرطٌ بين المُعطي وبين الآخذ: عدم إتباعها بالمنّ والأذى.
-الزكاةُ واجبة، والصدقةُ مستحبة.
ا-لزكاةُ لها أصنافٌ وزمان ومُقدار محدد، أما الصدقة فلا أصنافَ وزمانَ ومقدار لها.
-الزكاةُ تُعطى لـ (8) أصناف مُحددة، أما الصدقة فتُعطى لهُم ولغيرهِم.
-من ماتَ وعليه زكاة وجبَ على ورثتهِ إخراجها، أما الصدقةُ فلا.
-مانعُ الزكاة يُعذّب، أما الصدقةُ فلا يعذّب تاركُها.
-الزكاةُ لا يجوزُ إعطاؤها: (للأصول والفروع والزوجة، والغني والقوي المكسب، والكفار والمشركين)، أما الصدقة فيجوزُ أنّ تُعطى لهؤلاء
-من تلزمك نفقته.
-نفسك وأهلك وعمالك.
-الورثة.