من هم المنافقون
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - العقيدة في الإسلام - جديدنا

من هم المنافقون؟.. صفات المنافقين وخطرهم

لم يكن ظهور المنافقين في صدر الإسلام إلا شكلاً من أشكال المكائد التي تحاك لهدم هذا الدين العظيم، وقد حرص المنافقون منذ ظهورهم على الإساءة لمن حولهم، إلى درجة إساءتهم  للنبي ﷺ.

سنتعرّف في هذا المقال على صفات المنافقين وخطرهم على المجتمع والدين، وما هي السورة التي نزلت بحق المنافقين، وآيات القرآن الكريم التي ورد فيها ذكرهم.

من هم المنافقين ؟

النفاق لغةً: هو إظهار الإنسان خلاف ما يبطن أو يُخفي بداخله، أما النفاق في الإسلام فينقسم إلى قسمين بمعنى يشابه المعنى اللغوي.

  1. النفاق الأكبر: ويكون في العقيدة، حيث يُظهر فيه المنافق الإسلام ويُبطِن الكفر.
  2. النفاق الأصغر: ويكون في السلوك، حيث يعمل الشخص بعمل من أعمال المنافقين، أو يتّصف بصفة من صفاتهم، مع بقاء الإيمان في القلب.

يقول ابن القيم في كتابه صفات المنافقين: “النفاق هو الداء العضال الباطن الذي يكون الرجل ممتلئاً منه، وهو لا يشعر، فإنه أمر خفيّ على الناس، وكثيراً ما يخفى على من تلبَّس به: فيزعم أنه مُصلح وهو مفسد“.

المنافقين في القرآن والسنّة

جاء ذكر النفاق والمنافقين في القرآن الكريم بكثير من المواضع، كما خصص الله سبحانه سورة تحمل اسم “سورة المنافقون” بدأت بقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1].

كما اقترن ذكر المنافقين بالذم والوعيد في كتاب الله، كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145]، وهو النفاق الأكبر المتعلق بالعقيدة كما أوّله علماء التفسير.

وساوى الله سبحانه وتعالى بين الكفار والمنافقين بضرورة محاربتهم وجهادهم، كما ساوى سبحانه بينهم بمصيرهم المحتوم في جهنّم، وذلك في الآية التي وردت في موضِعَين من القرآن الكريم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: 93] – [التحريم: 9].

أما النفاق الأصغر فقد ذكره النبي ﷺ في حديث يُبَين خصال المنافق، إذ قال النبي ﷺ: (أَرْبَعُ خِلالٍ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنافِقًا خالِصاً: مَن إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فَجَرَ، ومَن كانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حتَّى يَدَعَها) [البخاري – 3178].

سبب نزول سورة المنافقون

  • جاء في كتاب (أسباب النزول) لأبي الحسن “الواحدي النيسابوري” عن سبب نزول سورة المنافقون؛ أنَّ رسول الله ﷺ خرج إلى الغزو مع أصحابه، وكان معهم بعض الأعراب، الذين كانوا يسارعون إلى الآبار ليملئوا منها بركاً من الماء، ويكوّموا حولها الحجارة، ويغطوها بقطع من الجلد؛ لمنع الآخرين من الاقتراب والشرب منها.
  • فجاء رجل من الأنصار لسقي جماله، فضربه أعرابي على رأسه بقطعة خشب، فأصابه، فاشتكى الرجل إلى رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ ابن سلول، الذي أمر أصحابه بأن لا ينفقوا  على من عند رسول الله  ﷺ حتى يتفرّق الأعراب من حول الرسول ﷺ.
  • ثم قال ابن سلول لأصحابه: عندما نعود إلى المدينة سيخرِج الأعزُّ (ويقصد نفسه) منها الأذلَّ (ويقصد النبي ﷺ حاشاه)، فلما سمع زيد بن الأرقم كلام ابن سلول؛ أخبر عمه الذي أخبر بدوره النبي ﷺ.
  • عندما سأل النبي ﷺ ابن سلول عن قوله؛ أنكر ذلك وأقسم أنه لم يقل هذا القول، فصدّقه رسول الله ﷺ وكذّب زيداً، الذي تعرض للوم الشديد من عمّه، وأنه لم يجني من قوله سوى مقت النبي ﷺ والمسلمين له.
  • وقال زيد بن الأرقم عن ذلك: “فَوقَع عليّ من الغَمّ مَا لَم يقع على أحد قطُّ، فَبَينما أنَا أسير مع رَسُول اَللَّه ﷺ، إِذ أَتانِي فَعرَك أُذُني، وَضحِك فِي وَجهِي، فمَا كان يَسرنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا، فَلمَّا أصْبحْنَا قرأ رَسُول اَللَّه ﷺ وَسلَّم سُورَة المنافقين”.
  • وبذلك ظهرت براءة زيد رضي الله عنه، وانفضح عبد الله بن أُبي بن سلول الذي نزلت السورة بحقه وحق كل المنافقين.

سورة المنافقون

صفات المنافقين

للمنافقين عشرات الصفات التي يتصفون بها، والتي تظهر عليهم بالرغم من محاولتهم إخفاء ذلك، وعلى المسلم معرفة هذه الصفات حتى يعرف المنافقين ويحذرهم ويجاهدهم، وأيضاً ليراقب نفسه خشية أن يحمل صفة من هذه الصفات وهو لا يدري.

وقد ذكر النبي ﷺ صفات أو خصال المنافق، التي إن كانت فيه كلّها كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق، وهذه الصفات هي: (الحديث الكاذب، ونقض الوعد، والغدر بعد العهد، والفجور في الخصام، وخيانة الأمانة).

وهناك العديد من صفات وعلامات المنافقين التي وردت في القرآن الكريم والسنّة النبوية، والتي أحصاها العلماء، ونذكر من هذه الصفات:

  1. التخلف عن صلاة الجماعة: لقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ولَعَمْرِي لو أنَّ كُلَّكم صَلَّى في بيتِه لترَكْتُم سُنَّةَ نَبيِّكم، ولو تركْتُم سُنَّةَ نبيِّكم لضَلَلْتُم، ولقد رأيتُنا وما يتخَلَّفُ عنها إلَّا مُنافِقٌ مَعلومُ النِّفاقِ) [ابن ماجه – 777].
  2. الفرح بمصيبة المؤمن: يقول الله سبحانه: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [التوبة:50].
  3. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف: قال الله في كتابه العزيز: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة:67].
  4. البخل والشحّ وقبض اليد: {يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} [التوبة:67].
  5. نسيانهم لله ونسيان الله لهم: إذ قال الله في نهاية الآية السابقة: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة:67].
  6.  الخوض والوقوع في أعراض المسلمين: لقوله تعالى (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ) [الأحزاب:19].
  7. التكذيب بوعد الله ورسوله: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12].
  8. الجهل بالدين: أو عدم الفقه في الدين، إذا قال الله في القرآن عنهم: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 7].
  9. الاهتمام بالشكل الظاهر وإهمال الباطن: ويقول عنهم ابن القيم: “هم أحسن الناس أجساماً وأخلبهم لساناً، وألطفهم بياناً وأخبثهم قلوباً” إذا قال الله عنهم: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 12].
  10. التعامل بوجهين: وجه أمام المؤمنين، ووجه يَنْقلب به المنافق إلى عشيرته من من الملحدين، وقال الله في ذلك: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14].

خطر النفاق والمنافقين

يعتبر خطر المنافقين أشد وأعظم من خطر الكفار وحتى المشركين، لأن ضررهم خفّي وقد لا يشعر المؤمنون به، أما الكفر والشرك فهو واحد وبيّن.

ولخطورة النفاق والمنافقين دلالات كثيرة نذكر منها:

  • نبّه الله سبحانه نبيه المصطفى ﷺ بأنه المنافقين هم العدو: إذا قال الله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: 4].
  • جعل الله نصيب المنافقين من العذاب أشد من الكفّار: لأن أذيتهم أكثر خفاءً وأكبر ضرراً، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء:145].
  • أفرد الله لمنافقين سورة في القرآن الكريم: تفضح مكائدهم وأخلاقهم ودقائق صفاتهم.

الأسئلة الشائعة

ما هي صفات المنافقين؟

صفات المنافقين كثيرة، منها الكذب والخيانة ونقض العهد والغدر الفجور في الخصام.

من هم المنافقين عند الله؟

المنافقين عند الله الذي يبطنون الكفر ويُظهرون الإيمان.

سبب نزول سورة المنافقين؟

سبب نزول سورة المنافقون هو عبد الله بن أُبي بن سلول.
وذلك أنَّ رسول الله ﷺ خرج إلى الغزو مع أصحابه، وكان معهم بعض الأعراب، الذين كانوا يسارعون إلى الآبار ليملئوا منها بركاً من الماء، ويكوّموا حولها الحجارة، ويغطوها بقطع من الجلد؛ لمنع الآخرين من الاقتراب والشرب منها.
فجاء رجل من الأنصار لسقي جماله، فضربه أعرابي على رأسه بقطعة خشب، فأصابه، فاشتكى الرجل إلى رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ ابن سلول، الذي أمر أصحابه بأن لا ينفقوا  على من عند رسول الله  ﷺ حتى يتفرّق الأعراب من حول الرسول ﷺ.
ثم قال ابن سلول لأصحابه: عندما نعود إلى المدينة سيخرِج الأعزُّ (ويقصد نفسه) منها الأذلَّ (ويقصد النبي ﷺ حاشاه)، فلما سمع زيد بن الأرقم كلام ابن سلول؛ أخبر عمه الذي أخبر بدوره النبي ﷺ.
عندما سأل النبي ﷺ ابن سلول عن قوله؛ أنكر ذلك وأقسم أنه لم يقل هذا القول، فصدّقه رسول الله ﷺ وكذّب زيداً، الذي تعرض للوم الشديد من عمّه، وأنه لم يجني من قوله سوى مقت النبي ﷺ والمسلمين له.
وقال زيد بن الأرقم عن ذلك: "فَوقَع عليّ من الغَمّ مَا لَم يقع على أحد قطُّ، فَبَينما أنَا أسير مع رَسُول اَللَّه ﷺ، إِذ أَتانِي فَعرَك أُذُني، وَضحِك فِي وَجهِي، فمَا كان يَسرنِي أنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا، فَلمَّا أصْبحْنَا قرأ رَسُول اَللَّه ﷺ وَسلَّم سُورَة المنافقين".

اترك تعليقاً