ماذا لو أطاع إبليس الأمر الإلهي كما فعلت الملائكة الكرام، وسجد لآدم.. هل كان ليطرده الرحمن من الملأ الأعلى ويطرده أيضاً من رحمته؟ هل كان سيصبح إبليس رمزاً للخير كما الملائكة، يدفع نحو الخير ويقف ضد الشر؟ بل أين الشر في مثل هذا الاحتمال؟ هل كان حليفاً وصديقاً للمخلوق الطيني؟،وهذا يعني انعدام الشر نظراً لانعدام الغواية والوسوسة المحرضة على الشر بأنواعه، فما هي قصة إبليس من البداية إلى النهاية؟
معنى ابليس ولماذا خلقه الله
أصل التسمية
سمي أبو الجن بإبليس؛ لأنه أبلس أي يئس من رحمة الله، قال (ابن كثير) في تفسيره: وسماه إبليس إعلاماً له بأنه قد أبلس من الرحمة.
وقال (البغوي) في تفسيره: وكان اسمه عزازيل بالسريانية، وبالعربية الحارث، فلما عصى غير اسمه وصورته، فقيل: إبليس لأنه أبلس من -رحمة الله- أي يئس.
خلقه
قال ابن القيم”: أما قولهم أيّ الحكمة في خلق ابليس وجنوده؟ ففي ذلك من الحكم ما لا يحيط بتفاصيلها إلا الله، فمنها:
أنْ يكمل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة عدو الله وحزبه ومخالفته ومراغمته في الله.
خوف الملائكة والمؤمنين من ذنبهم بعد ما شاهدوا من حال إبليس بعد ما رأوا من سقوطه من المرتبة الملكية إلى المنزلة الإبليسية يكون أقوى.
أنه سبحانه جعله عبرة لمن خالف أمره وتكبر عن طاعته وأصرَّ على معصيته، كما جعل ذنب أبي البشر عبرة لمن ارتكب نهيه أو عصى أمره ثم تاب وندم ورجع إلى ربه، فابتلى أبوي الجن والإنس بالذنب، وجعل هذا الأب عبرة لمن أصرّ وأقام على ذنبه، وهذا الأب عبرة لمن تاب ورجع إلى ربه.
المادة النارية فيها الإحراق والعلو والفساد، وفيها الإشراق والإضاءة والنور، فأخرج منها سبحانه هذا وهذا، كما أن المادة الترابية الأرضية فيها الطيب والخبيث والسهل والحزن والأحمر والأسود والأبيض.
تجسد الشيطان
أولاً تجسد الشيطان على حقيقته:
ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يمكن لأحدٍ من الإنس – واستثني من ذلك النبي ﷺ وإخوانه الأنبياء – رؤية الجن على أصل خلقتهم، وهي غير معلومة أصلاً، فالجزم بأنها على صورة معينة لا يسلم لقائله، واستدل القائلون بعدم إمكانية رؤيتهم على صورتهم الحقيقية بقول الله تعالى:﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف:27].
قال (الشافعي) رحمه الله: من زعم من أهل العدالة أنه يَرى الجن أبطلتُ شهادته؛ لأن الله عز وجل يقول ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾، إلا أن يكون نبيّاً.
قال (ابن حزم) رحمه الله: والجن حق، وهم خلْق من خلق الله عز وجل، فيهم الكافر والمؤمن، يروننا ولا نراهم.
ثانياً تجسد الشيطان في القدرة على التشكل:
جعل الله تعالى للجن القدرة على التشكل على صورة إنس وبهائم، وقد صحّت بذلك أدلة، وعُلم ذلك بالواقع المشاهد، فعنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ) [صحيح مسلم-2236].
قال شيخ الإسلام “ابن تيمية“ رحمه الله: “والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم ، فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها، وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير، وفي صور الطير، وفي صور بني آدم، كما أتى الشيطان قريشاً في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر، قال تعالى ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال:48]”.
وقال أيضاً: “الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود؛ لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة”.
وقال الدكتور (عمر الأشقر) حفظه الله : “أحياناً تأتي الشياطين الإنسان لا بطريق الوسوسة، بل تتراءى له في صورة إنسان، وقد يسمع الصوت ولا يرى الجسم، وقد تتشكل بصور غريبة، وهي أحياناً تأتي الناس وتعرفهم بأنها من الجن، وهي في كل ذلك تحدث بعض الناس وتخبرهم بالكلام المباشر، أو بواسطة شخص منهم يسمَّى ” الوسيط “، تتلبس وتتحدث على لسانه، وقد تكون الإجابة بواسطة الكتابة، وقد تقوم بأكثر من ذلك فتحمل الإنسان وتطير به في الهواء وتنقله من مكان إلى مكان، وقد تأتي بأشياء يطلبها، وقد ذكر القدامى والمحدثون من هذا شيئا كثيراً لا مجال لتكذيبه والطعن فيه لبلوغه مبلغ التواتر” .
هذا وقد جاءت الآيات الكثيرة التي تؤكد أن الشيطان لا يملك إلا الوسوسة.
هل إبليس من الملائكة ؟
الفرق بين الملائكة والجن أن الملائكة مخلوقات لا يعصون الله ما أمرهم﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء:20] وليس لهم حرية الاختيار، أما الجن فلهم حرية الاختيار.
وإبليس يعتبر من أعظم الجن ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف:50]كان مطيعاً لله فأكرمه الله ورفعه إلى السماء.
قال شيخ الإسلام (ابن تيمية): “والشياطين هم مردة الإنس والجن، وجميع الجن ولد إبليس”.
توعده لآدم وذريّتُهُ
إبليس كان يرى نفسه من أفضل المخلوقات، لأنه أعطي حرية الاختيار فأطاع الله، فكبر عليه كيف يخلق الله خلقاً ويعطيه حرية الاختيار، ثم يكون أفضل منه، وقد يكون هذا المخلوق هو الحاكم عليه فاغتاظ منه، وقال للملائكة قولة تدل على حسده لآدم على مكانته العظيمة فقال: “لئن سلطت عليه لأهلكنه، ولئن سلط علي لأعصينه”.
فعداوة إبليس لآدم بدأت قبل نفخ الروح، حسداً لمكانة آدم العظيمة
فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، سجدوا إلا إبليس بقي واقفاً ولم يسجد، هو الوحيد الذي عصى، فناداه الله عز وجل ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [الأعراف:12]، فرد برد قبيح: ﴿قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾، فتكبر إبليس ورفض أوامر الله عز وجل، وناقش، وجادل، فغضب الله عليه غضباً عظيماً فأنزل عليه اللعنة وأمره أن يخرج من الجنة ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ﴾.
معركة الشيطان مع الإنسان مستمرة إلى قيام الساعة، يقول (ابن القيم): تتكون معارك الشيطان من 6 جولات بالترتيب: والاستعداد لها واجب على كل مسلمٍ ومسلمة، فإذا انتصر بها الإنسان على الشيطان، دخل الجنة، فما هي هذه الجولات؟
1- الكفر
وله صورتين: أ. الصورة الأولى الكفر بوجود الله، بأن يقول (لا إله)، ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية:24]، هذا الصنف من أتباع الشيطان (الملاحدة) أنكر أنّ الله هو الذي خلق الخلق، وهو الذي يدير شؤون الخلق كله، وهم قليلون جداً.
ب.الصورة الثانية الشرك بالله: يؤمن بوجود الله، لكنه يشرك معه آلهة أخرى، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [العنكبوت:61]، وهذا النوع كثير منتشر،مثل كفار قريش، والنصارى، واليهود، والبوذيين، كلهم يؤمنون بوجود الله ولكن يشركون مع الله آلهة أخرى ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [الزمر:38].
2- بدع العقيدة
فإذا لم يفلح الشيطان في جعل الإنسان يكفر، يحاول أن يوقع في عقيدته الكثير من الأخطاء والبدع، علماً أنه لا يستطيع أحد حمايتك إلا الله، حتى رسول الله لا يستطيع أن يحميه أحد إلا الله ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ [الجن:21].
فربما يدخل الشيطان على الإنسان من باب الحماية والحفظ.
أو يدخل على بعض النساء من باب أن يرزقهم ولد، بأن اذبحولي كذا، أو تقربوا إلى هذا القبر، أو علِّقوا هذه التميمة.
وربما يأتي من باب التقرب للصالحين، وربما يكون المتقرب منه منحرف عن الدين، لكن الشيطان زيّن للناس صلاحه، فيوسوس لهم بالتقرب إليه في حياته وبعد مماته.
وربما يأتيهم من باب وحدة الوجود: يقولون أن الله هو الأصل وما سواه فرع، فكل ما تراه من حولك لا وجود له إلا بوجود الله، فالله موجود في كل شيء وفي كل مكان بالنسبة إليهم، وهذا مخالف لقول الله سبحانه وتعالى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:5]، استوى بكيفية تليق بجلاله.
النذر لغير الله، أو الاستغاثة بغير الله.
الادعاء بمعرفة الغيب: كالمنجمين والكهنة والأبراج وغيرها.
القول في القدر: بأننا مسيّرين ليس لنا حرية الاختيار.
أو من يقول إن القرآن ليس كلام الله، أو أن القرآن مخلوق.
قضايا الانحراف في الولاء والبراء ضد غير المسلمين.
3- الكبائر
فإذا انتصر الإنسان من الوقوع في البدع، يأتيه من خلال الأعمال التي ربما تصل به إلى الكفر:
كمن أنكر تحريم شرب الخمر فهو كافر، أما من شربها محرماً لها فهو مرتكب كبيرة يحد عليها.
أو من ينكر وجوب الصيام فهو كافر، لكن إن لم يصم كسلاً أو تعباً فهذا مرتكب للكبيرة.
أو من ينكر حجاب المرأة فهذا كافر.
ومن الكبائر سبّ أصحاب النبي ﷺ.
ومن الكبائر أكل الربا، وأكل مال اليتيم.
ومن الكبائر الزنا، والطعن في الأعراض، وقذف المحصنات.
الإصرار على فعل الصغائر يحولها إلى كبائر.
4- الصغائر
فإذا انتصر الإنسان من إتيان الكبائر، أتاه الشيطان من باب الصغائر.
الإنسان من طبيعته الوقوع في الأخطاء، وهذا ليس بالأمر الخطر، لكن الخطورة بعد الوقوع في الخطأ هل تاب هذا الإنسان أم لا؟ هل يصر على فعلها مرات ومرات أم يستغفر ويعقد العزم على عدم العودة؟
يقول الشيطان: ما استطعت جعل هذا الإنسان يكفر، وما استطعت إيقاعه في البدع، وما استطعت أن أوقعه في الكبائر، فلو استطعت أن أكثر عليه من الصغائر، حتى تصبح الكبائر صغيرة في عينه.
فالإنسان الذي يكثر من النظر إلى الحرام، ويذهب إلى أماكن اللهو، سيأتي عليه يوم يشرب فيه الخمر ويزني.
الإدمان على المخدرات أساسه التدخين، فمن يمتنع عن التدخين تكون نسبة إدمانه على المخدرات ضئيلة مقارنة بالمدخنين.
أما العلاج فيكون بالبعد عن الصغائر، فإذا نظر إلى الحرام فعليه أن يستغفر، ويقطع الباب على نفسه وعلى أولاده من أول الطريق، والتزام الصحبة الصالحة، وفعل الخيرات، والتزام المساجد.
5- الانشغال بالحلال عن الطاعات
فإذا نجى الإنسان من شرك الشيطان في جولاته السابقة، أتاه من باب الاستكثار من الحلال، كيف؟
يوسوس لك بشراء سيارة فارهة على أن تشتري سيارة عادية، أما قصد الشيطان فأن لا تصرف باقي النقود التي حافظت عليها من اقتناعك بسيارة رخيصة الثمن في مصارف الطاعات.
أو يشغل الناس بالهمّ، فبدل أن يكون همّه أمر الدين ونهضة الأمة، تلقاه منصرفاً إلى الأسواق، وشراء العطور، والثياب، علماً أن هذا لا يعد حراماً ولكنه صرف للأموال والوقت والتفكير بالحلال.
ثم يزداد عليه الحلال إلى أن يصبح الإنسان مرتبطاً بالدنيا ارتباطاً شديداً، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [التوبة:38]، وأوصى رسول الله ﷺ عبد الله بن عمر فقال له: (كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل) [البخاري-6416].
6- إقناعنا بالأعمال قليلة الأجر
فإذا انتصر الإنسان في كل الجولات السابقة، يعمد الشيطان إلى تقليل درجاتنا في الجنة، من خلال الوسوسة للإنسان بعمل الطاعات القليلة الأجر، فيعمد إلى إقناع المسلم بالاعتكاف في المسجد، بدلاً من خدمة إخوانه من المسلمين، لأن أجر خدمة المسلمين أعظم من أجر الاعتكاف في المسجد.
يجب على المرء أن ينظر في أموره ويبحث عن الأعمال التي يحصل بها أجوراً أعظم فيعمد إلى فعلها.
عائلة ابليس وعرشه
زوجة ابليس
قال الله تعالى:﴿أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً﴾ [الكهف:50]،ورد في (تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن): اختلف هل لإبليس ذرية من صلبه:
فقال الشعبي: سألني رجل فقال: هل لإبليس زوجة؟ فقلت: إن ذلك عرس لم أشهده، ثم ذكرت قوله “أفتتخذونه وذريته أولياء” فعلمت أنه لا يكون ذرية إلا من زوجة فقلت: نعم.
وقال قوم: ليس له أولاد ولا ذرية، وذريته أعوانه من الشياطين.
قال القشيري أبو نصر: والجملة أن الله تعالى أخبر أن لإبليس اتباعاً وذرية، وأنهم يوسوسون إلى بني آدم وهم أعداؤهم، ولا يثبت عندنا كيفية في كيفية التوالد منهم وحدوث الذرية عن إبليس، فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح.
والنتيجة:
لم يرد دليل قطعي يثبت صحة أحد وإنما هي اجتهادات من العلماء.
وعليه فلا يوجد في الدين الإسلامي ما يدل على وجود زوجة لإبليس.
عرش ابليس
جاء في (البداية والنهاية): وله عرش على وجه البحر، وهو جالس عليه، ويبعث سَرَايَاهُ يُلْقُونَ بين النَّاسِ الشَّرَّ والفِتَنَ…
ولهذا لما قال النبي ﷺ لابن صياد (ما ترى؟) قال: أرى عرشاً على الماء، [مسلم-2925]، فعرف أن مادة مكاشفته التي كاشفه بها شيطانية مستمدة من إبليس الذي هو يشاهد عرشه على البحر، ولهذا قال له اخسأ فلن تعدو قدرك، أي لن تجاوز قيمتك الدنيا الخسيسة الحقيرة.
والدليل على أن عرش إبليس على البحر ما رواه الامام أحمد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: (عرش إبليس في البحر يبعث سراياه في كل يوم يفتنون الناس فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة للناس) [أحمد-14814].
ابليس في المنام
إنّ من أغراض الشيطان أن يدخل الحزن على المؤمنين، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة:10].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة، والرؤيا ثلاثة:فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس) [ مسلم-2263].
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
نعم إبليس من الجن بدليل قول الله تعالى: {إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدل}.
هل ابليس كان من الملائكة؟
إبليس ليس من الملائكة، إذ الفرق بين الملائكة والجن أن الملائكة مخلوقات لا يعصون الله ما أمرهم ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ وليس لهم حرية الاختيار، أما الجن فلهم حرية الاختيار. أما إبليس فيعتبر من أعظم الجن ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ﴾ كان مطيعاً لله فأكرمه الله ورفعه إلى السماء. والملائكة مخلوقة من نور، والجن مخلوقة من مارج من نار. قال شيخ الإسلام "ابن تيمية": والشياطين هم مردة الإنس والجن، وجميع الجن ولد إبليس.
هل ابليس كافر؟
نعم إبليس كافر، وقد توعده الله بالخلود في نار جهنم.
ما الفرق بين ابليس والشيطان وَالْجِنِّ؟
الفرق بين ابليس والشيطان وَالْجِنِّ الجن هو ذلك العالم الخفي الذي خلقه الله تعالى من النار، خلقه الله تعالى لعبادته، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الذاريات/56. وقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس جميعاً . أما الشيطان: قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم : الشيطان مشتق من البعد على الصحيح، ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا، قال الله تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}.
ما هو عقاب ابليس يوم القيامة؟
عقاب ابليس يوم القيامة: إبليس سيدخل جهنم خالداً فيها: فهذا مما لا شك فيه، وقد ذكر الله تعالى مصيره في الآخرة في عدة آيات، ومنها: قال تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ).