حياة الرسول ﷺ (علاقته مع الناس)
كان الرسول ﷺ بشرًا لكنه خير البشر ونموذجًا لهم وأسوة، إنسانًا يعيش مع أصحابه ويتفاعل مع الناس منْ حوله، تصيبه الآلام والمِحن فتدمع عينيه يعش الصبر ويُعلّمه
اقرأ المزيدالدولة العثمانية كان لها مصائب في أيامها الأخيرة، كما كان لها أمجاد عظيمة في عهودها الأولى: (فتحوا القسطنطينية – صدوا الحملات الصليبية – فتحوا شرق أوروبا – تفننوا في العمارة الإسلامية)، وتحقق الكثير من هذه الأمجاد زمن السلطان العثماني “سليمان القانوني”، والذي لا يعرف الناس عنه إلا التاريخ المشوّه، فما هي أعظم إنجازاته؟
دعونا نتعرف على الإنجازات الحضارية، من خلال قصة هذا السلطان العظيم.
ولد السلطان سليمان القانوني في طرابزون عام (900هـ – 1495م) بعد سقوط الأندلس بثلاثة سنوات. اهتم به والده السلطان سليم الأول، فنشأ محبًّا للعلم وللعلماء والأدباء والفقهاء،
اشتهر منذ شبابه بالجدّية والوقار، تولى الخلافة بعد وفاة والده عام (926هـ – 1520م) وعمره (26) سنة، أنجز في فترة حكمه أعمالا كثيرة ذات شأن عظيم في حياة الدولة العثمانية، بل والمسلمين بشكل عام.
استطاع السلطان بسط هيبة الدولة، وضرب يد كل من خرج عليها طامحا إلى الاستقلال وتفريق الأمة، معتقدين أنّ صغر سنّ السلطان فرصة سانحة حتى يحققوا آمالهم، لكنهم تفاجؤوا بعزيمة السلطان القوية التي لا تلين، فقضى عليهم الواحد تلو الآخر: (الغزالي في الشام، أحمد باشا في مصر، الجلبي في قونيا ومرعش).
شملت أراضي الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني أجزاء من:
كما نمت وزادت قوة البحرية العثمانية في عهده، وسيطرت على البحار التي تطل عليها، ومن أشهر قادة البحرية العثمانية: القائد “خير الدين بربروس“، الذي كان يهاجم الشواطئ الإسبانية والسفن الصليبية في البحر المتوسط،
وأنقذ بسبع رحلات خاضها (70) ألف مسلم بعد سقوط الأندلس، وحاولت إسبانيا القضاء على أسطوله لكنها هزمت، وأشد هزيمة كانت لها في معركة “بروزا”.
وانضم أسطول “خير الدين بربروس” إلى الأسطول الفرنسي في حربهما ضد إيطاليا، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة “نيس” من قبضة الإيطاليين، فتنازلت فرنسا عن ميناء طولون الفرنسي للعثمانيين، وصار قاعدة متقدمة لهم.
استلم السلطان سليمان الدولة ومساحتها (6) ملايين متر مربع، وتركها وهي (15) مليون متر مربع، ولم يترك الجهاد قط، حتى لما أصابه المرض في آخر عهده، عندما كان عمره (74) سنة بلغه أنّ ملك “الهسبرد” أغار على ثغر من ثغور المسلمين، فقام للجهاد بنفسه إلى مدينة “سيكتوار” المجرية، ونصحه الأطباء ولكنه قال: (أحب أن أموت غازيًا في سبيل الله).
بدأ القتال شديدًا واستمر الحصار (5) أشهر، استعصت حصون المدينة على المسلمين، واشتد المرض على السلطان فجعل يدعو: (يا رب العالمين، افتح على عبادك المسلمين وانصرهم، وأضرم النار على الكفار أعدائهم)،
استجاب الله دعاء السلطان فأصاب أحد مدافع المسلمين خزانة البارود داخل الحصن، فانفجرت بالأعداء وانهارت حصونهم، فتقدم المسلمون وفتح الله لهم، ولما وصل الخبر للسلطان فرح وقال: (الآن طاب الموت).
كان السلطان سليمان القانوني: (شاعرًا، وخطاطًا من الطراز الأول، وملمًا بعدة لغات أحدها العربية، وبصيرًا بالأحجار الكريمة، ومغرمًا بالبناء والتشييد الحضاري).
ظهر ذلك في آثار دولته فأنفق بسخاء على المنشآت الكبرى، وظهر في عهده أشهر مهندسي التاريخ الإسلامي “سنان باشا”، الذي اشترك في الحملات واطلع على الكثير من الطرز المعمارية، فاستقام له أسلوبه الخاص الفريد، ومن أشهر ما بناه: (جامع سليمان القانوني أو السليمانية)، وتميز بفن “المنمنمات”.
كما قام السلطان سليمان القانوني بـ (توسعة هامة في بيت الله الحرام، ومهد درب الحج الشامي)، وقامت السلطانة “خم” زوجة السلطان سليمان بـ (إيصال مياه عين زبيدة إلى مكة المكرمة)، فأكملت ما بدأته السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد بعد انقطاع الماء فيها.
ظهر في عهده عدد من العلماء الكبار وفي مقدمتهم: أبو السعود أفندي صاحب التفسير المعروف (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم).
وبنى مكتبة السليمانية: التي تحتوي على (80) ألف مخطوطة لم تطبع حتى الآن، ووضع نظام القراءة والإعارة فيها.
لمع في هذ العصر العديد من الخطاطين من أعظمهم: “حسن أفندي الجلبي” الذي كتب خطوط جامع السليمانية، وأستاذه “أحمد بن قره حصاري” الذي خط كتاب الله بيده، ويعد من روائع الخط العربي والفن الرفيع.
وصل السلطان إلى القمة في: (الإدارة، والقوانين، والعمارة، والفنون، والآداب، والحضارة).
كما كان السلطان سليمان القانوني ورعًا حريصًا على ألا يخالف الشريعة في شيء، ومما يدل على ذلك:
أهم ما اشتهر به السلطان سليمان القانوني: هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته، فوضعها بالاشتراك مع شيخ الإسلام “أبو السعود أفندي”، وكانت تراعي الظروف الخاصة لكل قطر في الدولة، وحرص أن تتفق جميع القوانين مع الشريعة الإسلامية، والقواعد التي تعارف عليها العلماء والناس، فلذلك سمي بالقانوني.
شكّلت القوانين التي وضعها السلطان سليمان: (3) مجلدات من أصل (12) مجلد تشمل كامل القوانين العثمانية، وشمل الدستور الذي دونه أكثر من (200) قانون، حولت الشريعة إلى أحكام قانونية واضحة التطبيق، وهذا أمر أساسي في بناء الحضارة الإسلامية الحديثة،
وعرفت هذه القوانين باسم (قانون ناما السلطان سليمان)، وظلت تطبق حتى مطلع القرن التاسع عشر الميلادي والثالث عشر الهجري، ونحن ما زلنا اليوم بحاجة إلى من يدوّن لنا دستور متفق عليه للدولة الإسلامية يتوافق مع الشريعة.
لقب “القانوني” الذي أطلقه الشعب على السلطان سليمان، لا يمثل تدوينه القوانين وإنما تطبيقه للقوانين بعدالة، فكان عهده العهد الذي تمت فيه إدارة أعظم دولة في العالم بأرقى نظام إداري.
لم يكتف السلطان بالمجد العسكري، فقد كان (سلطان المثقفين ومثقف السلاطين)، أين هذا من الصورة التي أظهره بها مسلسل حريم السلطان؟! (زير نساء ومحب للخمر)، إنّ الهدف من هذا التشويه هو:
من خلال: دس قصص غرام وهمية تمامًا، كما فعل “جورجي زيدان” في روايات تاريخ الإسلام.
توفي السلطان في صفر (974هـ – 1566م)، عندما علم المسلمون بخبر وفاة السلطان “سليمان القانوني” عمّهم الحزن، أما على الجانب الأوروبي ما فرحوا بعد وفاة “بيازيد” الأول ومحمد الفاتح، كما فرحوا بوفاة السلطان سليمان المجاهد، فجعلوه عيدًا ودقت فيه أجراس كنائسهم .
وجد العلماء أثناء التشييع أنه قد أوصى بوضع صندوق معه في القبر، فتحيروا وظنوا أنه قد يكون مليء بالمال والجواهر وهذا لا يجوز، فقرروا فتحه وفوجئوا أنه قام بوضع فتاوى العلماء التي حولها إلى قوانين، فراح الشيخ أبو السعود يبكي ويقول: (أنقذت نفسك يا سليمان، أي سماء تظلنا وأي أرض تقلنا؟! إن كنا مخطئين في فتيانا).
قال السلطان سليمان القانوني: (عندما أموت أخرجوا يدي من التابوت لكي يرى كل الناس، أنه حتى السلطان خرج من هذه الدنيا بيد فارغة).
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
صناعة الحضارة و الإسلام ببساطة و فتح القسطنطينية
شملت أراضي الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني أجزاء من:
قارة أوروبا: سيطر على "بلغراد"، وأجزاء من المجر بما فيها العاصمة "بودابست".
قارة آسيا: قام بثلاث حملات ضد الدولة الصفوية التي تبنت المذهب الشيعي بتطرف، وواجه نفوذ البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي، فاستولى "أويس باشا" والي العثمانيين على مدينة "تعز"، ودخلت في عهده (عمان والاحساء وقطر) ضمن سلطان الدولة العثمانية.
قارة إفريقيا: سيطر على ليبيا، والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي، والصومال.
لغه أنّ ملك "الهسبرد" أغار على ثغر من ثغور المسلمين، فقام للجهاد بنفسه إلى مدينة "سيكتوار" المجرية، وكان عمره 74 سنة ونصحه الأطباء ولكنه قال: (أحب أن أموت غازيًا في سبيل الله).
بدأ القتال شديدًا واستمر الحصار (5) أشهر، استعصت حصون المدينة على المسلمين، واشتد المرض على السلطان فجعل يدعو: (يا رب العالمين، افتح على عبادك المسلمين وانصرهم، وأضرم النار على الكفار أعدائهم)، استجاب الله دعاء السلطان فأصاب أحد مدافع المسلمين خزانة البارود داخل الحصن، فانفجرت بالأعداء وانهارت حصونهم، فتقدم المسلمون وفتح الله لهم، ولما وصل الخبر للسلطان فرح وقال: (الآن طاب الموت).
نمت وزادت قوة البحرية العثمانية في عهده، وسيطرت على البحار التي تطل عليها، ومن أشهر قادة البحرية العثمانية: القائد "خير الدين بربروس"، الذي كان يهاجم الشواطئ الإسبانية والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وأنقذ بسبع رحلات خاضها (70) ألف مسلم بعد سقوط الأندلس، وحاولت إسبانيا القضاء على أسطوله لكنها هزمت، وأشد هزيمة كانت لها في معركة "بروزا".
كان (سلطان المثقفين ومثقف السلاطين).
لكن الغرب أخذ يشوه صورته والهدف من هذا التشويه هو:
تحطيم القدوات والنماذج الإنسانية القيادية التي تركت بصمتها في التاريخ.
تحطيم معنويات الأمة بتشويه تلك النماذج وتسفيهها، وقتل التقدير لها في النفوس والعقول.
بسبب وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته، فوضعها بالاشتراك مع شيخ الإسلام "أبو السعود أفندي"، وكانت تراعي الظروف الخاصة لكل قطر في الدولة، وحرص أن تتفق جميع القوانين مع الشريعة الإسلامية، والقواعد التي تعارف عليها العلماء والناس، فلذلك سمي بالقانوني.
شكّلت القوانين التي وضعها السلطان سليمان: (3) مجلدات من أصل (12) مجلد تشمل كامل القوانين العثمانية، وشمل الدستور الذي دونه أكثر من (200) قانون،