أبناء رسول الله وأحفاده تراث إسلامي عظيم
تزوج النبي ﷺ من خديجة ـ رضي الله عنها ـ بمكة وهو ابن خمس وعشرين…
Read moreمن العلماء والمصلحين والمجددين من يبقى مشروعه فكرة في رأسه، لا تجد طريقها إلى التطبيق في حياته، بل ينمو مشروعه ويتكامل بعد وفاته، ومنهم من يمد الله تعالى في أجله، فينجز مشروعه ويراه في حياته.
ومن النوع الثاني العالم المجدد سعيد النورسي، الذي ظهر في تركيا، وطال به العمر حتى تجاوز (80) عاماً، عاصر فيه عدة خلفاء عثمانيين، كان له ولرسائل النور التي ألفها دور كبير في الوقوف أمام المد العلماني، الذي أراد أن يمسح الإسلام من الحياة، وينزع الإيمان من القلوب.
فمن هو بديع الزمان النورسي؟ وما الدور الذي قام به في تركيا والعالم؟ ما علاقته بما نشهده اليوم في هذا البلد المسلم العظيم من تطورات على مستويات متعددة تلفت النظر وتثير التساؤل؟
ولد سعيد النورسي في قرية (نورس) الواقعة شرقي الأناضول، في تركيا عام (١٨٧٧م) من أبوين صالحين، إذ ينتهي نسبه لأبيه إلى الحسن بن علي عليهما السلام، وينتهي نسبه لأمه إلى الحسين بن علي عليهما السلام، فهو حسني حسيني.
ظهرت عليه علامات الفطنة والذكاء منذ طفولته، فقد حفظ (90) كتاباً عن ظهر قلب، فضلاً عن حفظ القرآن الكريم في وقت مبكر، فبهر العلماء بقوة ذاكرته، وبداهته، وذكائه، ودقة ملاحظته، وقدرته على الاستيعاب والحفظ، مما دفع بأحد العلماء إلى إطلاق لقب (بديع الزمان) عليه.
خلال مطالعته لأحد الكتب، قرأ أن وزير المستعمرات البريطاني (غلادستون)، وقف في مجلس العموم البريطاني، وهو يحمل القرآن الكريم بيده، ويهزه في وجوه النواب، ويقول لهم بأعلى صوته: (ما دام هذا الكتاب موجوداً، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان، لذا لا بد لنا من أن نعمل على إزالته من الوجود، أو نقطع صلة المسلمين به).
فقرر سعيد النورسي تغيير الأمة من خلال القرآن وقال: “لأبرهنن للعالم أجمع، بأن القرآن العظيم شمس معنوية لا يخبو سناها، ولا يمكن إطفاء نورها“.
كان هدفه إيقاد شعلة الإيمان في قلب أفراد الأمة، وقد نظر إلى واقع التعليم في تركيا، فرآه مقسوماً إلى قسمين: التعليم الديني متمثلاً في المدارس التقليدية، والتعليم الحديث متمثلاً بالمدارس الحديثة، فنظر إلى العلاقة بين العلوم الدينية والحديثة، فلخصها بقوله:
(ضياء القلب هو العلوم الدينية، ونور العقل هو العلوم الكونية الحديثة، بامتزاجهما تتجلى الحقيقة، وبإفرادهما تنشأ الحيل والشبهات في هذا، والتعصب الذميم في ذاك).
فعمد إلى إصلاح مشروع التعليم (منهجية أسلمة العلوم)، فسافر إلى اسطنبول، وقدم مشروعه للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لكن الحكومة لم تتبنى هذا المشروع، فقام هو بنفسه بوضع حجر الأساس لمشروعه في عهد السلطان محمد رشاد، لكن إسقاط الخلافة العثمانية حال دون إتمام مشروعه.
في سنة ١٩١١م سافر إلى دمشق، وألقى في المسجد الأموي خطبة حضرها (10) آلاف من علماء الشام، عرفت باسم الخطبة الشامية، وقد وصف فيها أمراض الأمة الإسلامية، ووسائل علاجها.
فحصر أمراض الأمة في ستة أمور:
أما طرق علاجها فلخصه في ستة أشياء:
لما اندلعت الحرب العالمية الأولى، هب الشيخ سعيد في وجه الطامعين الروس، وقاد بنفسه مجموعة من المتطوعين، فلم يكن عالم دين نظري فقط، بل كان عالماً عاملاً بأحكام الدين.
وهو في ساحات القتال، أملى على أحد طلابه كتابه ( تفسير إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز)، وقد فسّر فيه سورة الفاتحة مع (33) آية من سورة البقرة.
جرح في إحدى المعارك، وتم أسره ونُفي إلى منطقة سيبيريا الباردة، وبقي فيها قرابة السنتين، ثم أطلق سراحه فعاد إلى تركيا فكرمته الحكومة التركية، وعينته عضواً في (دار الحكمة الإسلامية)، وهي أعلى هيئة دينية في تركيا.
نذر النورسي نفسه لخدمة القرآن الكريم، ومحاولة اكتشاف الإيمان كأساس للنهضة وأساس كل خير.
دخل في مرحلة القلق الروحي، مما دفعه للتفكير العميق بالحياة، والموت، وبكل آيات القرآن، وأخذ يخلو إلى نفسه، ثم اطلع على كتابين أولهما للشيخ الجيلاني، والآخر للسرهندي، فاحتار أيهما يتبع في أفكاره،
إلى أن قرأ جملة للسرهندي (وحّد القبلة)، فنظر فوجد أن القرآن الكريم هو قبلة المسلمين أجمعين، وهذا ما كان يعمل عليه سابقاً فأيقن أن فهم القرآن الكريم هو أساس الصحوة.
في سنة (1922م) دُعي إلى أنقرة، لإلقاء خطبة أمام مجلس النواب، فتحدث عن الإيمان والجهاد وأهميتهما في الحياة ومسيرة الدولة العثمانية، طبعاً لم تعجب الخطبة العلمانيين، وجرى حوار بين النورسي وأحد العلمانيين، وعرض عليه منصباً في الدولة ليكسبه إلى صفه، فرفض الشيخ، فلجؤوا إلى تهديده إما التعاون وإما النفي، فرجع إلى موطنه شرق تركيا واعتزل الناس.
في تلك الأثناء، اندلعت ثورة شرقي البلاد لكن النورسي رفض دعمها معتبراً أنها حرب بين المسلمين، ورغم ذلك اعتقلته السلطات، واتهمته بالضلوع في الثورة، فحكم عليه بالسجن، ونقل إلى وسط الأناضول عام (1925)، وبقي يُنقل من منفىً إلى منفى، ومن سجنٍ إلى سجن حتى عام (1950).
عرض عليه خلال هذه الفترة مغادرة تركيا حتى ينتهي من معاناته، لكنه قال: (والله لو كنت في مكة لرجعت إلى تركيا لأنها هي ميداني).
وقد أيقن أن مقاومة العلمانية لا تكون بالعمل السياسي بل بالتمسك بالقرآن وحقائقه.
هي رسائل في تفسير القرآن الكريم، كلها تدعو إلى إحياء الإيمان الحقيقي في القلوب، الذي هو سبب إصلاح أحوال الأمة مصداقاً لحديث رسول الله:
(ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، عدد هذه الرسائل (130) رسالة، تشكِّل تسعة مجلدات، وتحوي أكثر من (5000) صحيفة، ترجمت إلى (60) لغة، وهي منتشرة من خلال طلاب النور في كل بلاد العالم.
أما وقت كتابتها فامتد من عام (1927) حتى عام (1950)، وقد كتبها خلال منفاه، الذي شاركه فيه كثير من طلاب النور، كان يكتب لهم هذه الرسائل، فأحيا الإيمان في قلوبهم، وجعلهم يضحون بكل شيء لأجل دينهم، فهم آمنوا أن لا نهضة للأمة إلا بالإيمان.
وصل تعداد طلاب النور إلى الملايين، وقد شاركوا بانتخابات سنة (1950)، وكان لهم دور بارز في إبعاد حزب الشعب الجمهوري العلماني عن السلطة، وانتخاب الحزب الديمقراطي الذي كان أخف وطأة من الحزب الجمهوري.
رحم الله الشيخ سعيد النورسي بديع الزمان وأعلى في قدره.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
الرسول الإنسان و الإسلام ببساطة و القيادة الفردية المستبدة
ولد سعيد النورسي في قرية (نورس) الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام (١٨٧٧م) .
ظهرت عليه علامات الفطنة والذكاء منذ طفولته، فقد حفظ (90) كتاباً عن ظهر قلب، فضلا عن حفظ القرآن الكريم في وقت مبكر، فبهر العلماء بقوة ذاكرته، وبداهته، وذكائه، ودقة ملاحظته، وقدرته على الاستيعاب والحفظ، مما دفع بأحد العلماء إلى إطلاق لقب (بديع الزمان) عليه
قرأ أن وزير المستعمرات البريطاني (غلادستون)، وقف في مجلس العموم البريطاني، وهو يحمل القرآن الكريم بيده، ويهزه في وجوه النواب يحذرهم منه.
فقرر سعيد النورسي تغيير الأمة من خلال القرآن وقال: "لأبرهنن للعالم أجمع، بأن القرآن العظيم شمس معنوية لا يخبو سناها، ولا يمكن إطفاء نورها".
فنظر إلى العلاقة بين العلوم الدينية والحديثة، فلخصها بقوله: (ضياء القلب هو العلوم الدينية، ونور العقل هو العلوم الكونية الحديثة، بامتزاجهما تتجلى الحقيقة، وبإفرادهما تنشأ الحيل والشبهات في هذا، والتعصب الذميم في ذاك)، فعمد إلى إصلاح مشروع التعليم (منهجية أسلمة العلوم)، فسافر إلى استنبول، وقدم مشروعه للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لكن الحكومة لم تتبنى هذا المشروع.
فقام هو بنفسه بوضع حجر الأساس لمشروعه في عهد السلطان محمد رشاد.
حصر أمراض الأمة في ستة أمور: 1- اليأس 2- موت الصدق 3- محبة العداوة 4- الجهل بالرابطة النورانية بين المسلمين 5- الاستبداد السياسي 6- الأنانية الشخصية.
أما طرق علاجها فلخصه في ستة أشياء: 1- التمسك بالقرآن الكريم 2- إحياء الإيمان في القلوب 3- التسلح بالأمل والتخلص من اليأس 4- التمسك بالصدق 5- التحابب فيما بين المسلمين 6- اتخاذ الشورى منهجاً في الحكم لإلغاء الاستبداد.
لما اندلعت الحرب العالمية الأولى، هب الشيخ سعيد في وجه الطامعين الروس، وقاد بنفسه مجموعة من المتطوعين،جرح في إحدى المعارك، وتم أسره ونُفي إلى منطقة سيبيريا الباردة، وبقي فيها قرابة السنتين، ثم أطلق سراحه فعاد إلى تركيا فكرمته الحكومة التركية، وعينته عضواً في (دار الحكمة الإسلامية)، وهي أعلى هيئة دينية في تركيا.
عرض عليه منصباً في الدولة ليكسبه العلمانيون إلى صفهم، فرفض الشيخ، فلجؤوا إلى تهديده إما التعاون وإما النفي، فرجع إلى موطنه شرق تركيا واعتزل الناس.
اندلعت ثورة شرقي البلاد لكن النورسي رفض دعمها معتبراً أنها حرب بين المسلمين، ورغم ذلك اعتقلته السلطات، واتهمته بالضلوع في الثورة، فحكم عليه بالسجن، ونقل إلى وسط الأناضول عام (1925)، وبقي يُنقل من منفىً إلى منفى، ومن سجنٍ إلى سجن حتى عام (1950).
• إحياء الإيمان الحقيقي في قلوب الكثير من الشعب التركي.
• السياسة لخدمة الدين، وليس الدين ليسخر لمصلحة البعض ( أعوذ بالله من الشيطان والسياسة).
• مقاومة العلمانية لا تكون بالعمل السياسي بل بالتمسك بالقرآن وحقائقه.
• نشر هذا المنهج في كل العالم عن طريق طلاب النور الذين يعدوا بالملايين.
• بيان مفصل لمنهج العمل الإيماني الإيجابي البناء.
• تحديد الهدف، وتحديد الجمهور المستهدف، وتحديد الطريق الذي ينبغي السير عليه.