عمر بن الخطاب وفتح مصر

أعظم ما قام به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد إقامة العدل الشامل في دولة الإسلام: هو الفتوحات الإسلامية، وأعظم بجيش كان بإيمانه القوي بالله قادر على تحرير بلاد شاسعة، والقضاء على دول وممالك طال بها الزمن، هدفه الأسمى تحرير البشر من حياة العبودية، وإرشادهم إلى طريق السعادة والكرامة، والفوز بالدارين، فتعالوا بنا نقف مع عمر بن الخطاب وفتح مصر.

أسباب فتح عمر بن الخطاب لمصر

  • تمثل مصر قوة عسكرية واقتصادية للدولة البيزنطية، وفتحها يضعف الروم وبالمقابل يضم هذه القوة للمسلمين.
  • عدم فتح مصر قد يشكل تهديداً بيزنطياً للمسلمين في الشام والجزيرة العربية، وقد يشنوا هجمات لاسترداد البلاد التي أخذها المسلمون من أيديهم.
  • محاولة عمرو بن العاص إقناع الخليفة بضرورة فتح مصر، فقد اجتمع عمرو بن العاص بعمر بن الخطاب في الجابية حين جاء إلى بلاد الشام بعد طاعون عمواس، وشرح له أهمية التعجيل بالأمر، فقال:إِنَّكَ إن فَتَحْتَهَا كَانَت قُوَّةً للمُسْلِمِين وَعَوْنًا لَهُم، وَهِيَ أَكْثَرُ الأَرْضِ أَمْوَالًا وَأَعْجَزَهَا عَنِ القِتَالِ وَالحَربِ.

اقتنع عمر بعد تردد بِفكرة عمرو بن العاص بِضرورة الزحف من الشَّام إلى مصر، وأعدّ له جيشاً قوامه (4,000) مقاتل، وعهد إليه بِقيادة الجيش، وطلب منه أن يسير بِجُنده سيرًا هنيًّا، وأن يتريث حتى يأتيه الأمر.

 

أحداث فتح مصر

سار عمرو بن العاص إلى مصر مُخترقًا صحراء سيناء، وبينما هو في الطريق جاءه رسول من الخليفة، وتوقع عمرو ما يحمل الرسول فقرر ألا يقابله إلا بعد دخول مصر، فأخذ يسرع في المسير حتى يتجاوز رسول الخليفة فيسبقه بدخول مصر، فلما دخلها قابل رسول الخليفة، فقرأ الكتاب فإذا فيه أمر من الخليفة لعمرو أن يرجع بجيشه إذا لم يكن قد دخل مصر، أما إذا كان قد دخلها فليكمل، فاستكمل عمرو المسير، وأرسل إلى عمر أن يمده بالمدد.

بعد طاعون عمواس، كان من الصعوبة إعداد جيش كبير لمؤازرة جيش عمرو، لكن عمر بعث إلى عمرو بجيش قوامه (4,000) معهم أربعة من خيرة قادة المسلمين، كل واحد منهم يعدل عند أمير المؤمنين ألف رجل، فيهم: (الزبير بن العوام، وعبادة بن الصامت، والمقداد بن الأسود).

 

فتح العريش والفرما

وصل عمرو إلى العريش، فلم يجد فيها أحداً من قُوَّات الروم فدخلها، وأكمل عمرو بن العاص استئناف التقدُّم.

ثم وصل عمرو إلى الفرما وحاصرها، وجرت بعض المعارك بين الطرفين استمرَّت مدة شهر، ثمّ اقتحمها المُسلمون.

 

فتح بلبيس

تابع عمرو إلى بلبيس، وحاصرها شهراً ثم فتحها، وكان الروم قد تحصنوا داخلها، فقتل منهم (1,000) وأسر (3,000).

فتح أم دنين

اشتهرت أُم دنين بِحصانتها، وكان يُجاورها مرفأ على النيل فيه سُفنٌ كثيرة، وجرت بين المسلمين وحامية المدينة مُناوشات لأسابيع دون نتيجة حاسمة.

لرفع معنويات جيشه: ترك عمرو قسم من جنده في حصار أُم دنين، وقاد القسم الثاني إلى مدينة عين شمس لتحقيق بعض الانتصارات.

وصلت الإمدادات والتي تقدر بنحو (4)آلاف جُنديّ بِقيادة الزُبير بن العوَّام، فشدَّد عمرو حِصاره على أم دنين حتَّى سقطت، وهُزمت حاميتها الروميَّة.

 

معركة عين شمس

عسكر عمرو في عين شمس استعداداً لِمُهاجمة حصن بابليون، واستفز الجُنود البيزنطيين ليخرجهم ويقاتلهم خارج الحصن، ولما تقابل الجيشان، خرجت فرقة الكمين الذي أعدَّهُ عمرو من خلف الجيش البيزنطي، فحلَّت بالروم كارثة إذ وقعوا بين فكيّ الكمَّاشة، فحاولوا الفرار نحو أُم دنين، فأطبقت عليهم الفرقة الأُخرى، وأضحوا بين ثلاثة جُيوش، فانحلَّ نظامهم.

 

فتح حصن بابليون

وصل عمرو حصن بابليون وضرب عليه حصارًا، وكان من أقوى الحُصون بعد الإسكندريَّة، واستمر الحصار (7) أشهر، وقد قام الزُبير بن العوَّام بعملية فدائية، فقُذف من فوق السُّور بالمنجنيق، فقاتل الحرس حتى فتح باب الحصن فدخل أفراد الجيش، فأرسل المُقوقس يطلب من عمرو التفاوض، فرد عمرو يُخيِّرُ المُقوقس بين: (الإسلام أو الجزية أو القتال)، فاختار المقوقس الصلح والجزية، فتصالح المقوقس مع عمرو.

اتفاقية الصلح

(بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على: أنفسهم وملَّتهم وأموالهم وكنائسهم وصُلبهم وبرِّهم وبحرهم، لا يزيد شيء في ذلك ولا ينقص ولا يُساكنهم النُّوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصُلح وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف وعليه ممن جنى نُصرتهم.

فإن أبى أحد منهم أن يُجيب رفع عنهم من الجزى بقدرهم وذمتنا ممن أبى برية، وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رُفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صُلحهم من الروم والنًّوب فله ما لهم وعليه ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، ويخرج من سُلطاننا وعليهم ما عليهم أثلاثًا في كُلِّ ثُلثٍ جباية، ثُلُث ما عليهم على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته وذمة رسوله ﷺ وذمة الخليفة أميرُ المؤمنين وذمم المُؤمنين، وعلى النُّوبة الذين استجابوا أن يُعينوا بكذا وكذا رأسًا وكذا وكذا فرسًا، على أن لا يغزوا ولا يُمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة، شهد الزُبير وعبدُ الله ومُحمَّد ابناه، وكتب وردان وحضر).

قبول قرار الاستسلام لم يكن عامًا، فقد كانت هناك فئة من الجند رفضت الصلح مع المسلمين، علم المسلمون برفض هرقل لعهد الصلح، فانتهت بذلك الهدنة، واستأنف الطرفان القتال، حتى فتح الله على المسلمين.

 

فتح الإسكندرية

واصل عمرو زحفه نحو الإسكندريَّة، كانت الإسكندريَّة:

  • أعظم الديار المصريَّة.
  • وثاني عواصم الإمبراطوريَّة الرومانية بعد القُسطنطينيَّة.
  • ومن أعظم المدن التجاريَّةٍ عالميا.

إن سقطت في أيدي المُسلمين زال سُلطان الروم من مصر، كانت الإسكندريَّة مدينةً منيعة، ذات حُصونٍ عظيمة، وقد عسكر الجُند المُسلمون بالقُرب منها،

كان عدد الجنود الروم بعد الإمدادات التي أرسلها الإمبراطور البيزنطي (50) ألف جُندي، فوضع عمرو بن العاص خطَّة عسكريَّة، قضت بِتشديد الحصار على المدينة حتَّى يتضايق المُدافعون عنها ويدبُّ اليأس في نُفوسهم، فيضطرّوا للخُروج للاصطدام بالمُسلمين لِتخفيف وطأة الحِصار.

وهكذا يستدرجهم ويحملهم على الخُروج من تحصيناتهم، ويبعدهم عن طرق إمدادهم ثُمَّ ينقضُّ عليهم، وتم له ما أراد، ثم عاد إلى الإسكندرية، ودخلها بعد أن فرَّ البيزنطيّون منها ، وأذعن سُكَّانها من المصريين، واستبقى عمرو أهلها ولم يقتل ولم يسبِ وجعلهُم ذمَّة كأهل حصن بابليون.

 

أوضاع مصر بعد الفتح

الأوضاع الدينية

كان من أثر تسامح المسلمين أن أقبل غالبية أهل مصر على الإسلام، وبقيت فئة على المسيحيَّة، وأصبحت مصر إحدى أهم وأبرز معاقل الإسلام.

الأوضاع الاقتصادية

من أعظم ما قام به عمرو، حفر خليج يصلُ النيل بالبحر الأحمر، ويُسهِّلُ الاتصال بشبه الجزيرة العربيَّة، وعُرف بخليج أمير المؤمنين.

الأوضاع الإدارية

أنشأ عمرو مدينة الفسطاط وجعلها عاصمة مصر بدلاً من الاسكندرية، وبنى فيها أوَّل جامعٍ في مصر عُرف باسمه، وواصل عمرو بن العاص فتوحات الشمال الأفريقي، ونظم أمر العطاء والإعمار والبناء والزراعة والريّ، حتى أمره الفاروق بالتوقف نظرًا لقلة عدد جيشه.

 

وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.

كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات

تاريخ الأندلس و معارك المسلمين مع الروم و الخلافة العثمانية – دولة حملت الراية

 

ما سبب فتح مصر في عهد عمر بن الخطاب؟

1-تمثل مصر قوة عسكرية واقتصادية للدولة البيزنطية، وفتحها يضعف الروم مقابل ضم هذه القوة للمسلمين.
2-عدم فتح مصر قد يشكل تهديداً بيزنطياً للمسلمين في الشام والجزيرة العربية، وقد يشنوا هجمات لاسترداد البلاد التي أخذها المسلمون من أيديهم.
3-محاولة عمرو بن العاص إقناع الخليفة بضرورة فتح مصر.

من الصحابي الذي فتح مصر؟

عمرو بن العاص رضي الله عنه.

ما نتائج فتح مصر؟

1- كان من أثر تسامح المسلمين أن أقبل غالبية أهل مصر على الإسلام.
2- واصل عمرو بن العاص فتوحات الشمال الأفريقي ونظم أمر العطاء والإعمار والبناء والزراعة والري، حتى أمره الفاروق بالتوقف نظرا لقلة عدد جيشه.
3- أصبحت مصر إحدى أهم وأبرز معاقل الإسلام.

اترك تعليقاً