البطانة الفاسدة – (البرامكة وهارون الرشيد)
البطانة التي تحيط بالحاكم شأنها خطير؛ إن صَلُحتْ كان فيها صلاح الحاكم والعباد والبلاد، وإن فَسَدَتْ فَسَدَ معها كلُّ شيء، كما حدث في قصة البرامكة مع هارون الرشيد.
اقرأ المزيدمن توفيق الله تعالى لهذه الأمَّة: أن هداها لسرعة اختيار خليفةٍ لرسول الله ﷺ في سقيفة بني ساعدة وهي: مكان يُستظل به، يعود لبني ساعدة، بايع تحته المسلمون أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، بعد وفاة النبي ﷺ.
وفي هذا المقال سيتمّ الحديث عن: قصة سقيفة بني ساعدة، وبعض النتائج المترتبة على اجتماع الصحابة رضوان الله عليهم في السقيفة.
ظنّ الأنصار أنّ الخليفة لا بد أن يكون منهم، لأنهم أصحاب البلد، وبسببهم قامت الدولة، فاجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة على سعد بن عبادة رضي الله عنه سيد الخزرج للخلافة، ولم يكونوا مدركين في هذه اللحظات الحكم الشرعي الذي جعله رسول الله ﷺ مرجعًا عند اختيار الخليفة، وهو أن يكون خليفته قرشيًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ:
(لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ).
كان اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وعلم المهاجرون بهذا الاجتماع، فأسرع إليهم ثلاثة؛ أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم فكان هذا الحوار.
يحدث عمر بن الخطاب فيقول: إنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه ﷺ أن الأنصار خالفونا، فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة، وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: (انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار).
فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان، فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم، وقال: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلنا: (نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار)، قالا: فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين، اقضوا أمركم، قال: (قلت والله لنأتيهم).
فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت: (من هذا ؟) فقالوا : سعد بن عبادة، فقلت: (ما له ؟) فقالوا: وجع.
قام سعد خطيبًا، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه قال:
(يا معشر الأنصار، لكم سابقة في الدين، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، إنّ محمداً عليه السلام لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن،
وخلع الأنداد والأوثان، فما آمن به من قومه إلا رجال قليل، ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله ﷺ، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيماً عُمُّوا به.
حتى إذا أراد بكم الفضيلة، ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة، فرزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على عدوه،
حتى استقامة العرب لأمر الله طوعاً وكرهاً، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين، استبِدُّوا بالأمر دون الناس، فإنه لكم دون الناس).
ثم قال: أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفت دافة من قومكم.
يقول عمر رضي الله عنه:
وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا، ويغصبونا الأمر، فلما سكت سعد بن عبادة أردت أن أتكلم، وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحدّ، فقال أبو بكر:
(على رسلك يا عمر)، فكرهت أن أغضبه، فتكلم، وهو كان أعلم مني وأوقر، فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته، أو مثلها أو أفضل، حتى سكت؛ قال:
(أما ما ذكرتم فيكم من خير، فأنتم له أهل، ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين،
فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، وهو جالس بيننا، ولم أكره شيئًا مما قاله غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر).
فقام “بشير بن سعد” الأنصاري فقال: (أتعلمون أن رسول الله ﷺ كان من المهاجرين، وخليفته من المهاجرين)، فقال قائل من الأنصار: (أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش)، فقال أبو بكر:
(نحن الأمراء وأنتم الوزراء؛ فإن رسول الله ﷺ قال: (الأئمة من قريش)، وقال ﷺ: (أوصيكم بالأنصار خيرًا: أن تقبلوا من محسنهم، وتتجاوزوا عن مسيئهم).
يقول عمر رضي الله عنه:
كثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى تخوفت الاختلاف، فقلت: (أنشدتكم الله هل تعلمون أن رسول الله ﷺ أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟) قالوا: اللهم نعم، قال:
(فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله ﷺ؟) فقالوا: كلنا لا تطيب نفسه، ونستغفر الله، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، ثم بايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار.
وكان “بشير بن سعد” قد بادر، فضرب على يد أبي بكر قبل أن يضرب عمر على يده، ثم ضرب على يده، وتبايع الناس.
اجتمع الناس في مسجد رسول الله ﷺ ، وتمت البيعة من المهاجرين والأنصار كلهم، ثم صعد أبو بكر منبر رسول الله ﷺ، فأراد أن يتكلم فبادره عمر بالكلام، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال:
(أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدًا عهدها إلي رسول الله ﷺ، ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا يقول:
يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله له، وأن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه)، فبايع الناس أبا بكر بيعة عامة بعد بيعة السقيفة.
وقف أبو بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنه خطيباً في أمَّته، فحَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال:
كانت مهمة خلافة أبي بكر لأمة الإسلام بعد رسول الله ﷺ من أصعب المهام التي تولَّاها خليفة أو ملك أو زعيم في الدنيا، وذلك لثلاثة أسباب:
لكن أعظم مناقب الصديق رضي الله عنه قاطبة أنه وُصِف بأوصاف رسول الله ﷺ، تقول عائشة رضي الله عنها: “خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَقَالَ:
أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ، فَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلاَدِكَ.
فقد وصف ابنُ الدَّغِنَة أبا بكر رضي الله عنه بالأوصاف نفسها التي وصفت بها خديجة رضي الله عنها رسولَ الله ﷺ، وذلك على غير اتفاق بينهما، فكان بحق سيد المواقف بعد رسول الله ﷺ.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين و سيرة عمر بن الخطاب
و سيرة عثمان بن عفان و سيرة علي بن ابي طالب
سنة 11 ه بعد وفاة رسول الله ﷺ.
هي: مكان يُستظل به، يعود لبني ساعدة، بايع تحته المسلمون أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، بعد وفاة النبي ﷺ
الأنصار وقائدهم سعد بن عبادة، ومن طرف المهاجرين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين.
الجواب في حديث عمر بن الخطاب إذ يقول: كثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى تخوفت الاختلاف، فقلت: (أنشدتكم الله هل تعلمون أن رسول الله ﷺ أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟) قالوا: اللهم نعم، قال: (فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله ﷺ؟) فقالوا: كلنا لا تطيب نفسه، ونستغفر الله، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، ثم بايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار.
فلم يقبل أحد من الأنصار أن يؤم الناس وفيهم من استخلفه رسول الله على إمامة المسلمين في الصلاة.
رائع جداً وما أثار مافي قلبي من المحاضرة التي القيتموها السرد الجميل بالوصف ..شكراً لكم