تفسير الأحلام بين التعبير وبيع الوهم
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - العقيدة في الإسلام فكر وتوعية - جديدنا

تفسير الأحلام وتأويل الرؤيا: ظاهرةٌ انتشرت في زمننا الحاضر بشكلٍ كبير، وأصبح لها قنواتٍ فضائية، وصفحات خاصة في الصحف والجرائد، فلماذا هذا الهوس بهذه الظاهرة؟ ومن هم زبائن هذه الظاهرة؟

ما هو تفسير الاحلام؟

شيء يَكسبه المفسّر حسب فهمه أو بالممارسة، ويقسم إلى:

1- الكشف غالباً عما يُؤّول إليه الحلم: مما تطلبه النفس وما تميل إليه، مع مؤثرات من العقل الباطن، وأحوال الجسم من تعب وضغط وتخمة.

2- محاولة للعبور إلى باطن الرؤيا إن كانت صالحة، لأنَّها قد تكون نوعاً من الإخبار بالغيب، وهي جزءٌ من النبوة.

الفرق بين الحلم والرؤيا

هما نافذة على الجانب المجهول في النفس، وفي بعض الحالات نافذة على عالم الغيب.

لا يوجد فرق بينهما في اللغة والاصطلاح: فهما لغةً (ما يراه النائم)، واصطلاحًا: إدراكات يدركها الشخص وهو نائم.

ولكنَّ الفرق  من حيث مصدرهما:

  • فالرؤيا: من الله، وربما حدثت لغير المؤمن تاريخيًا لأنها كانت مرتبطة بنبي، كرؤيا شريكا يوسف عليه السلام في السجن، قال الله تعالى حكاية عنهما: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).

ورؤيا الملك في قصة يوسف عليه السلام، يرويها الله سبحانه: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)

  • والحلم من الشيطان، كما قال رسول الله ﷺ: (الحلم من الشيطان) متفق عليه، وقال ﷺ: (وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوّذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لن تضره) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
  • وهناك أمر آخر وهو: إنّ الرؤيا تؤول، أما الحلم فلا تأويل له.

وقد يتكرر الحلم لثلاثة أسباب:

  1. مخاوف عند الحالم.
  2. أو رغبة لم تشبع.
  3. أو صراع لم يتم حلّه.

تنويه:

رأي الدكتور طارق السويدان بعد دراسة وتأمل شرعي، وقراءة لبعض الكتب العلمية: الرؤيا هي حلم يتكرر، فإذا لم تتكرر فلا وزن ولا قيمة لها.

أنواع الاحلام

  1. الرؤيا: هي حالة استثنائية وخاصة، فهو إلهام من الله يقذفه في عقل المرء في منامه، ويكون فيها إما بشارة للرائي، أو تحذير من أمر (غير مفزع)، أو إخبار بشيء سيحصل في المستقبل.
  2. الحـلم: هو حديث النفس، وهو الشائع والمعتاد، وهو ما ينشغل العلم بتفسيره، ومصدره من الشيطان و(يكون مفزعًا)، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النبيِّ ﷺ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، رَأَيْتُ في المَنَامِ كَأنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ فَاشْتَدَدْتُ علَى أَثَرِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ لِلأَعْرَابِيِّ: (لا تُحَدِّثِ النَّاسَ بتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بكَ في مَنَامِكَ) وَقالَ: سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ بَعْدُ يَخْطُبُ فَقالَ: (لا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ به في مَنَامِهِ) رواه مسلم.
  3. حديث النفس: يحدث نفسه قبل النوم بهمٍّ أصابه، مثال ذلك: مشكلة مع صاحب العمل، أو خصام مع زوجه، أو..
  4. أضغاث أحلام: أمورٍ مختلطة لا معنى لها.
  5. الحلم المتكرر.

حكم تفسير الاحلام

إنّ تفسير الأحلام شرعًا غير مرفوض، حتى إنّ الأنبياء هم الذين فسّروا الأحلام، وحاول بعض الصحابة تفسير الأحلام بوجود رسول الله ﷺ، ولم ينكر عليهم ذلك، ومنها ما روي عن أبي بكر الصدّيق عند محاولته تفسير الحلم، وذلك أنَّ رَجُلًا أتَى رَسولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ:

(إنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ في المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ والعَسَلَ، فأرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ منها، فَالْمُسْتَكْثِرُ والمُسْتَقِلُّ، وإذَا سَبَبٌ واصِلٌ مِنَ الأرْضِ إلى السَّمَاءِ، فأرَاكَ أخَذْتَ به فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا به، ثُمَّ أخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا به، ثُمَّ أخَذَ به رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ).

فَقالَ أبو بَكْرٍ: يا رَسولَ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ، واللَّهِ لَتَدَعَنِّي فأعْبُرَهَا، فَقالَ النَّبيُّ ﷺ: (اعْبُرْهَا)، قالَ: أمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلَامُ، وأَمَّا الذي يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ والسَّمْنِ فَالقُرْآنُ، حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ والمُسْتَقِلُّ، وأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ فَالحَقُّ الذي أنْتَ عليه، تَأْخُذُ به فيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ مِن بَعْدِكَ فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأْخُذُ به رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ به، ثُمَّ يُوَصَّلُ له فَيَعْلُو به، فأخْبِرْنِي يا رَسولَ اللَّهِ -بأَبِي أنْتَ- أصَبْتُ أمْ أخْطَأْتُ؟.

قالَ النَّبيُّ ﷺ: (أصَبْتَ بَعْضًا وأَخْطَأْتَ بَعْضًا)، قالَ: فَوَ اللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، لَتُحَدِّثَنِّي بالَّذِي أخْطَأْتُ، قالَ: (لا تُقْسِم).

فإذا كان أبو بكر أصاب بعضًا وأخطأ بعضًا، فكيف بمن يفسرون الأحلام في عصرنا؟ فينبغي وضع ضوابط لمن أراد تفسير الأحلام ، لكن وجود الخطأ في تفسير أبي بكر ليس دليلًا على منع تعبير الرؤيا، فقد قال النبي ﷺ: (لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ. قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ).

رؤيا الأنبياء: وحي من الله يخاطب بها أنبيائه، ولا يملك القدرة على تمييز الرؤيا عن الحلم إلا نبي، ولا يستطيع تفسير الرؤيا يقينًا إلا نبي، وربما ترتب عليها حكم شرعي، كرؤيا إبراهيم عليه السلام في مسألة ذبح إسماعيل.

مصادر الأحلام

  1. مؤثرات فزيولوجية: داخلية أو خارجية، (الأخلاط) من ناحية جسدية، كتناول الطعام قبل النوم.
  2. حديث النفس: الجوانب النفسية.
  3. رسائل غيبية تأتي من الملائكة أو الشياطين: الإحساس بوجود أشياء، يتخيلها العقل أثناء النوم كأنها مؤذية إلا انها مجرد شيء موجود في البيت.

أنواع النوم

  1. النوم الحـالم: 100% من وقته أحلام كاملة ومفصلة، وتبقى في ذهن الرائي (8) دقائق فقط بعد استيقاظه، أو حال إيقاظ النائم فيستطيع تذكرها فورًا.

وحتى نصل لهذه الدرجة من النوم؛ لا بُدّ من إتمام (90) دقيقة من النوم، عندها يتحقق النوم الحالم.

أما عن مدة الحلم فربما تأخذ (من 20 إلى 25%) من وقت النوم، وهي نسبة ثابتة علميًا.

  1. النوم العميق: 50% من وقته أحلام ليست كاملة وإنما محطات أو مقتطفات، وليست بالألوان ولا يوجد بها تفصيل، وغالبا تُنسى هذه الأحلام.

لماذا بعض الناس لا يتذكرون أحلامهم؟

  • كلما زادت نسبة النوم العميق، كلما صعب تذكر الحلم.
  • لا يستيقظون أثناء النوم الحالم، أو لا يستيقظون بعد (8) دقائق من النوم الحالم.
  • الشخص لديه درجة عالية من الكبت، فليست له الشجاعة أو الرغبة أن يستقبل مدلولات ومحتوى الحلم، فيقوم بإرسالها إلى العقل الباطن.

أهمية الأحلام

للحلم وظيفة جوهرية يؤديها سواء فُسِّر أم لا، وهي:

  • تفريغ الانفعالات المكبوتة والمتراكمة طوال النهار، حتى يقوم بعملية تنظيم للانفعالات.
  • وله علاقة بالتذكر والتعلم.

لعلماء النفس رأي في موضوع الأحلام فيقولون:

الإنسان يقضي ثلث عمره في النوم والأحلام، وتسمى (ثلث الدورة المخية)، وفي علم جديد عن النوم والأحلام توصلوا إلى أن النوم والأحلام لهم علاقة بأمراض القلب، والمناعة وأمور صحية أخرى، فإذا استطاع الحالم أن يفسر أحلامه، ربما يعيش بوضع صحي أفضل، شريطة أن يفسر أحلامه لوحده.

في الختام

يقول ابن سيرين: اتقِ الله وأحسن في اليقظة، لا يضرك ما رأيت في منامك.

لا بد من بذل الجهد الأكبر في عالم الواقع، بزيادة المهارات وتعلم العلوم، وتنمية القدرات وزيادة المعلومات، ابتعدوا عن خناجر الوهم والخرافة (تفسير الأحلام)، وألغام الدجل والشعوذة، ودعونا نرجع إلى عالمنا الواقعي، ونحول أحلام أمتنا إلى واقع.

وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء

كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:

تأثير الجن والسحر بين الإنكار والإثبات و الإسلاموفوبيا – معناها وحقيقتها

و الحجاب في الإسلام (عبادة أم عادة)

الأسئلة الشائعة

ما الفرق بين الحلم والرؤيا؟

لا فرق بينهما لغة: (ما يراه النائم). واصطلاحًا: إدراكات يدركها الشخص وهو نائم.
لكن الفرق من حيث مصدرهما:
الرؤيا: من الله، وربما حدثت لغير المؤمن تاريخيًا لأنها كانت مرتبطة بنبي،
الحلم من الشيطان، كما قال رسول الله ﷺ: (الحلم من الشيطان) متفق عليه

ما أنواع النوم؟

1-النوم الحـالم: 100% من وقته أحلام كاملة ومفصلة.
2-النوم العميق: 50% من وقته أحلام ليست كاملة وإنما محطات أو مقتطفات.

ما مصادر الأحلام؟

1-مؤثرات فزيولوجية: داخلية أو خارجية، (الأخلاط) من ناحية جسدية، كتناول الطعام قبل النوم.
2-حديث النفس: الجوانب النفسية.
3-رسائل غيبية تأتي من الملائكة أو الشياطين: الإحساس بوجود أشياء يتخيلها العقل أثناء النوم كأنها مؤذية إلا انها مجرد شيء موجود في البيت.

اترك تعليقاً