بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم – نساء خالدات
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة بنات، من زوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهن: (زينب – رقية – أم كلثوم – فاطمة) رضي الله عنهن جميعاً.
اقرأ المزيدفي هذه الوقفة السريعة: نحاول اختصار ما جاء من بيان منزلة الرسول ﷺ، في ثنايا كلام رب البرية في القرآن الكريم، نحاول أن نستقي السيرة النبوية العطرة منه، ونعمق فكرنا في الآيات الناطقة بأوصاف الرسول ﷺ، ونتدبر خصاله في المصدر الأول من التشريع بيانًا وتحقيقًا لخبر الله تعالى عن نبيه حين قال عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، واهتمامًا بجوانب الاصطفاء الإلهي الذي حظي به النبي الطيب الكريم.
يقول أهل اللغة: سار سَيراً، وتَسْياراً، ومَساراً، وسار السنَّةَ أو السِّيـرةَ سلكها واتبعها، والسيرة وجمعها سير تطلق على السنة والطريقة والهيئة والمذهبُ، ووصفُ السلوك، والحالة التي يكون عليها الإنسان، ويقولون أيضاً: استارَ بسَيرْ فُلاَن، أي: مشى على خطته واستن بسنته “المعجم الوسيط”، ونحن أمة محمد ﷺ مطالبون بالسير على خطاه، وباتباع سننه بقدر المستطاع، حتى ننال الأجر والثواب {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، ويقول تعالى: {َوأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
وعليـه فإن السيرة النبوية يكون المقصود بها، كيف كانت طريقة النبي ﷺ مع الناس طوال حياته، من مولده إلى وفاته، ومن ثم يمكن تعريف السيرة النبوية اصطلاحًا: (ذكر أحداث حياة النبي ﷺ من مولده إلى وفاته، وما يتعلق بذلك من أشخاص ووقائع مع ترتيبها ترتيبًا زمنيًا).
السيرة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن والسُنة، ودراستها تساعد على الفهم الصحيح والدقيق لكتاب الله عز وجل وأحاديث النبي ﷺ، إذ إنّ كثيرًا من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية، تفسرها وتُجَلِّيها الأحداث والمواقف التي مرت بالنبي ﷺ خلال حياته كلها.
وقع في القرآن الكريم أساليب متنوعة لذكر الأنبياء والمرسلين، إلا أنّ أكثر الأنبياء نصيبًا في الذكر هو النبي محمد ﷺ كيف لا؟ وقد تنزلت عليه آيات الذكر الحكيم، وجعله الله خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد توزعت معها الأغراض والمقاصد البلاغية والإرشاد، وذلك من أجل الاقتداء بأخلاقه العالية التي أثنى عليها الخالق – عز وجل، وقد بلغ عدد الإشارات الى النبي بذكر اسمه صراحة او بالضمير (1,200) مرة وآية، وهذا العدد يشير إلى أهمية الامر.
ولد النبي ﷺ يوم الاثنين (12) من شهر ربيع الأول عام الفيل، وهو العام الذي توجّه فيه أبرهة لهدم الكعبة، إلّا أنّ العرب تصدّت له، وأخبره عبد المطلّب بأنّ للبيت ربٌّ يحميه، فقدم أبرهة مع الفيلة، فأرسل عليهم الله طيورًا تحمل حجارةً من نارٍ أهلكتهم، وبذلك حمى الله البيت من أي أذى، وقد توفي والده وهو حملٌ في بطن أمه على الصحيح من أقوال العلماء، فوُلد الرسول يتيمًا، قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}.
تروي السيدة عائشة -رضي الله عنها- فتقول: دخَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ -هكذا دون مقدمات، ولا سلام، ولا كلام، لم يُعرِّف نفسَه، ولم يسأل الرسول عن نفسه، يخاطبه وكأنه يعرفه منذ زمن، ويقول له: اقرأ، والرسول لا يدري أي شيء يقرأ، فالرسول أمّيّ لا يعرف القراءة ولا الكتابة، يقول له: اقرأ- فقال ﷺ بأدبه الجمّ: “مَا أَنَا بِقَارِئٍ”.
لم يسأله الرسول ﷺ من أنت؟ وماذا تريد؟ فقد بُهت بدخوله عليه فجأة، وقوله له: اقرأ، قال الرسول ﷺ: ما أنا بقارئ، ففوجئ برد الفعل الذي أفزع الرسول ﷺ، هذا الرجل اقترب من الرسول، ثم احتضنه بشدة، يقول الرسول ﷺ: فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي (يعني احتضنني)، حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ (أي كان الأمر شاقًّا جدًّا عليه، والرسول ﷺ لم يكن ضعيفًا، بل كان قوي البنية، فمعنى ذلك أن هذا الرجل قوته هائلة)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي (تركني)،
ثم َقَالَ: اقْرَأْ (المرة الثانية)، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ؟ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ (المرة الثالثة)، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ؟
فقال: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي.
ولكن، لماذا كل ذلك العنف في التبليغ؟! ذلك ليعلم ﷺ أنه لا يحلم وأنه يعيش واقعًا حقيقيًّا، وأن الكلام الذي سيقوله الرجل الآن يحتاج إلى تركيز ووعي، لست تحلم يا محمد هذه حقيقة.
فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
بدأ الرسول ﷺ بالدعوة الإسلاميّة في مكّة المُكرَّمة بأمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ*وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ*وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}، فبدأ الرسول بدعوة أهل بيته، ثمّ الأقربين فالأقربين، وكانت الدعوة حينها سرّيةً، وقد وصل عدد المُستجيبين لها إلى (40) شخصا منهم: (خديجة بنت خويلد، وزيد بن حارثة، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصدّيق، وغيرهم).
وعُرِفت تلك الخطوة عبر الدعوة بـ”الخطوة الأرقميّة”، نِسبةً إلى دار الأرقم، إذ كان الرسول ﷺيُعلّم الصحابة أمور الدين فيها، وذلك قبل الهجرة إلى المدينة المُنوَّرة، حيث كان رسول الله ﷺ يجتمع بهم في شِعاب مكّة المُكرَّمة، ولمّا عَلِمت قريش بأمرهم، تصدّت لهم، فتوجّه بهم رسول الله إلى دار الأرقم الواقعة على جبل الصفا، واستمرّت الدعوة سرّا مدّة ثلاث سنواتٍ، ثمّ أتى الأمر من الله بالجهر فيها.
بدأت الدعوة بمرحلتها الثانية، وانتقلت من المرحلة السرّية إلى المرحلة الجهريّة، وذلك بنزول قول الله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، فما كان من قريش إلّا أن تصدّت لتلك الدعوة، وبدأت تُعارضها بجميعّ ما تملكه من أساليب واتِّجاهات، إذ لجأت إلى التهديد، والتخويف، والتذليل، وغيرها، ومع ذلك ثبت رسول الله على دعوته، واستمرّ الجهر بالدعوة إلى حين الهجرة إلى المدينة المُنوَّرة.
خرج رسول الله ﷺ عبر مكّة مُتوجِّهاً إلى الطائف في السنة العاشرة للبعثة، ورافقه في تلك الرحلة زيد بن حارثة، وكان يدعو كل قبيلةٍ يمرّ بها أثناء سَيره، إلّا أنّهم رفضوا دعوته كما رفضها أهل الطائف، وبقي فيها عشرة أيّامٍ حتى طردوه، وتَبِعَه السفهاء منهم، وضربوه بالحجارة، وسبّوه، فتصدّى لهم زيد بن حارثة، ووقف أمام رسول الله ﷺ يحميه حتى ضُرِب في رأسه.
كان رسول الله ﷺ حريصًا على استغلال موسم الحجّ في دعوة القبائل العربية إلى الإسلام، وكان يتحرّى أماكن تجمُّع الحجّاج، كالأسواق، مثل: (سوق عُكاظ، وسوق مجنّة، وسوق ذي المجاز).
لمّا أراد الله للدعوة الظهور والانتشار، وتحقيق العِزّة والمَنَعة للنبيّ ﷺ، خرج رسول الله ﷺ في موسم الحجّ، فالتقى رجالًا من قبيلة الخزرج، ودعاهم إلى الإسلام في مكانٍ اسمه “العقبة”، فقَبِلوا ما عُرِض عليهم، وخرجوا مُتوجّهين إلى قومهم، ليدعوهم إلى ما آمنوا به.
بدأ الناس في الجزيرة العربيّة ومكّة المُكرّمة بالهجرة إلى المدينة المُنوَّرة، وأقام رسول الله ﷺ والمسلمون فيها، وعاشوا أوضاعًا تختلف عمّا عاشوه في مكّة، ومع اختلاف فئات الناس، وطبقاتهم، واتّجاهاتهم، إلّا أنّهم خضعوا لرسول الله ﷺ، وساروا بأمره، كما لَقي رسول الله ﷺ المهاجرين الذين هجروا بيوتهم، وأهليهم، وأموالهم، ابتغاء فضل الله، ورضوانه، قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، فكان لا بُدّ من تنظيم العلاقة بين جميعّ الفئات بوجود القيادة، وتحديد الحقوق، والواجبات لجميعّ مَن هو ضمن دائرة مجتمع المدينة، وذلك من خلال:
أتمّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المُؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ليكونوا مُترابطين مُتكافلين، قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
لتنظيم العلاقات بين الناس في المدينة المُنوَّرة، ضمن نصوصٍ مكتوبةٍ تُبيّن لكل منهم ما له وما عليه، وقد مثّلت الوثيقة أوّل دستورٍ شرعيٍّ في الدولة الإسلاميّة في المدينة المُنوَّرة، ولم تهجر الوثيقة قبيلةً من قبائل المدينة إلّا وضعت لها بندًا، وقانونًا، ونظّمت العلاقة بين القبائل، كما نظّمت الوثيقة حركة المسلمين وغيرهم بين مكّة والمدينة، ومن هنا بدأ رسول الله بنَشر بالدعوة عن طريق الجهاد في سبيل الله.
تشكّلت ملامح المجتمع المسلم، وأصبح مثالاً للخيرٍ، بما تضمّنه من الصلاح، والخُلوّ من الفساد، والضياع، والفقر، والضعف، فقد طبّق رسول الله بنود الوثيقة تطبيقًا عمليًّا، ولم يجعلها مُجرَّد بنودٍ وحسب، وإنّما تشكّلت إنسانيّة المسلم وِفق ما أتى فيها من الأخلاق، والسلوك، ومن أبرزّ العناصر التي قام عليها المجتمع كماليّة الدين، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
بعد عام الحزن الذي فقد فيه رسول الله ﷺ عمه ونصيره أبو طالب، الذي كان يحميه من أذى قريش، وبعد وفاة أول المؤمنين والمؤمنات رفيقة دربه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، يحدث حادث عظيم في حياة النبي ﷺ، ألا وهو حادثة الإسراء والمعراج.
قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، أراد الله سبحانه وتعالى أنْ يكرم نبيه المصطفى ﷺ، ويخفف من آلامه ويواسيه ويثبت قلبه، فكانت هذه الحادثة التي أشار بها إلى عظمة القدس والمسجد الأقصى، فلم يرد الله تعالى أن يكون المعراج مباشرة من مكة إلى السماء، وإنما اختار أن يكون من صخرة بيت المقدس، حتى يعرف المسلمون والناس أجمعون أن القدس بلد عظيم مقدس عند المسلمين.
ورد ذكر غزوة أحد في سورة آل عمران في آيات، أولها قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
بعد الخطأ والتنازع الذي وقع فيه الرماة، وما جرَّ ذلك من التفاف خيل المشركين: بدأت جولةٌ ثانية من المعركة، وأصيب الرسول ﷺ وشُجَّ رأسه وكُسرت رباعيته، بعد هذه الجولة تحدّث القرآن وصارح المسلمين بخلجات نفوسهم، وعرض ما كان فيها من صراع نفسي واضطراب بين نوازع الثبات أو التخلي.
عرض ذلك دون أن يخفي شيئًا تحدّثت به نفوسهم؛ وذلك لأنّها نفوس إنسانية تصظرع فيها نوازع القوّة والضعف، عرض صورة من القلق قبل المعركة: {إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} تغلّبَ الإيمان والثبات، وعزموا على المضي مع رسول الله ﷺ، والسرّ في قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}، وإنّ عصيان الرماة واتجاههم نحو الغنائم {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا} حوّل مسار المعركة.
وهناك طائفة أخرى فرّوا بعد الصدمة المفاجئة، ولكنّهم ندموا ورجعوا، والله -سبحانه- يعاتبهم على تصرّفهم هذا، أصابهم غمّ الهزيمة، وغمّ الإشاعة أنّ محمدًا ﷺ قد قتل، وغمّ الجِراح التي أصابتهم؛ فهو غمّ متتابع وليس غمًّا واحدًا ولا غمّين اثنين، خاصّة وهناك طائفة اختُلف في أمرها، هل هم من ضعاف الايمان أو من المنافقين، وذلك بسبب ظنونهم الجاهلية.
بعد هذه المصارحة والمكاشفة لما في النفوس حتى تَبْرَأَ مما فيها، جاء العتاب في سورة آل عمران رقيقًا، فلم يعنَّفوا تعنيفًا شديدًا على خطئهم وعصيانهم لأوامر قائدهم الرسول ﷺ، بل أزال عنهم آثار الجراحات وما أصابهم من الغمّ، وآنسهم بأنّهم هم الأعلَون، لتقوية نفوسهم وإحياء عزائمهم، وقال لهم أنّ هناك حكمة أخرى مما حدث: وهي أن يتميز المؤمنون من المنافقين.
وقال -سبحانه- مخاطبًا رسوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر }، وهذا من أحسن التربية؛ لأنّه لو شدّد عليهم زيادة عما هم فيه من الآلام، فلربّما وهن العزم منهم.
اشتد إيذاء كفار قريش للنبي ﷺ ومن معه من المؤمنين، حتى بلغ الجهد والبلاء منهم كل مَبْلغ، ثم أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله ﷺ، قال الله تعالى: { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ}.
طلب رسول الله ﷺ من صديقه أبي بكر الصديق شراء جملين للرحلة، و أتى أمر الله بالرحيل ليلاً فأمر ابن عمه على بن ابى طالب أن ينام فى فراشه وأعطاه عباءته وترك المنزل، و فى ذلك الوقت كانت فتيان قريش تنتظر خروج محمد ﷺ بالخارج لقتله بضربة سيف واحد، ولكن قدرة الله تعالى كانت فوق كل شيء، فخرج الرسول أمام هؤلاء الفتية، وأخذ حفنة من التراب وألقاها على وجوههم، فأعماهم الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يبصرون}.
إقرا أيضا: عمر بن الخطاب وفتح الشام
وفي الختام: شارك هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
السيرة النبوية و كيف كان الرسول يقضي يومه؟
لغة: سار سَيراً، وسار السنَّةَ أو السِّيـرةَ سلكها واتبعها، والسيرة وجمعها سير تطلق على السنة والطريقة والهيئة والمذهبُ، ووصفُ السلوك، والحالة التي يكون عليها الإنسان،
اصطلاحا: (ذكر أحداث حياة النبي ﷺ من مولده إلى وفاته، وما يتعلق بذلك من أشخاص ووقائع مع ترتيبها ترتيبًا زمنيًا).
السيرة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن والسُنة، ودراستها تساعد على الفهم الصحيح والدقيق لكتاب الله عز وجل وأحاديث النبي ﷺ، إذ إنّ كثيرًا من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية، تفسرها وتُجَلِّيها الأحداث والمواقف التي مرت بالنبي ﷺ خلال حياته كلها.
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}
نعم في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
قال الله تعالى: { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ}.
فأعماهم الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يبصرون}.
الله هو الذي رباه ﷺ: فإن الله أثنى على أخلاق الرسول ﷺفقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وقال ﷺ: (أدبني ربي فأحسن تأديبي).
2-تتجلى بقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}،
3-الله جعله رحمة للعالمين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.
4-التأدب في حضرة الرسول ﷺ: فقد أوجب الشارع سبحانه على المؤمنين التزام الأدب عند التعامل بحضرة رسول الله، فقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}،
شكرا جزيلا على الجهد الكريم المبارك، ولكن مزيد من التوفيق والقبول ، نفع الله بكم الاسلام والمسلمين