كيف تكون أب
قد يبدو العنوان مفاجئاً للكثيرين: كيف تكون أب؟ ولا شك أنّ المقصود لا ظاهر المعنى،…
اقرأ المزيدكان رسول الله ﷺ المثلَ الأعلى في الإنفاق في سبيلِ الله، وتلقى منهُ معانيه السامية صحابته الكرام، فطبقوا الإسلام عضًّا نقيًّا صافيًا كما نزل، فغدا الحرصُ على الإنفاقِ والكرم والجود واحدًا من أهمّ صفات أهل الإيمان، به يفيضونَ بالخير فينشرونَه في الدنيا ويغدون مناراتٍ يهتدي بها الناس ويقتدون.
من المعاني اللطيفة في أدب الإنفاق ما ذكرهُ المولى سبحانهُ وتعالى في القرآنِ الكريم، بل إنهُ حصرَ حقيقةَ الإحسان فيه فقال: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}،
ونهى عن بذل الأشياءِ التي فقدت قيمتها فقال: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ}، فحقيقةُ البرّ أن يُنفق الإنسان مما أحبّ ودخل في قلبهِ من أمور الدنيا، فيحققُ بذلكَ مقصدين:
كان عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهُما يومًا على راحلة -ناقة مُعدّة للسفر- فأعجبتهُ، عندها أمرَ خادمهُ نافع أنْ يُعدّها للذبح في سبيل الله، قال نافع: لو ذبحتَ غيرها، فقال ابن عمر: (أعجبتني).
وفي يومٍ مَرضَ ابن عمر واشتهى السمك، فبحثوا وبصعوبةٍ وجدوا لهُ واحدة، فلما أعدّوها طرقَ الباب سائل، فقال من بالباب؟ قالوا: مُحتاج، فأمرهم أن يعطوه السمكة، فقالت زوجته وهي حزينة لحاله: لو أعطيته درهمًا لكان أنفع له، فأجابها: (إنّما شهوتي أردت).
عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبيِّ ﷺ قال: «أيُّما مسلمٍ كسا مسلمًا ثوبًا على عُري؛ كساه الله من خضر الجنة، وأيُّما مسلمٍ أطعم مسلمًا على جوعٍ؛ أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيُّما مسلمٍ سقى مسلمًا على ظمأ؛ سقاه الله من الرحيق المختوم».
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: (يا رسول الله، أيُّ الناس أحبُّ إلى الله؟ فقال: أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل، سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا،
ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحبُّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهرًا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له؛ ثبّت الله قدميه يوم تزول الأقدام، وإنّ سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل».
يقول الله تعالى: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، تشير الآية إلى حسنُ الصدقة في العَلن إلا أنّ الصدقة الخفية أفضل، ففيها صفاء القلب والنقاء من الرياء والقصدِ لوجهِ الله.
إلا أنّ العُلماء استثنوا خيريّة الإعلان؛ إذا كانَ في المسألة تشجيع للآخرين على الإنفاق، وذلك من حديث النبي ﷺ الذي يرويه جابر بن عبد الله البجلي لما جاء قوم عراة عليهم آثار الفاقة، فأمرَ النبي ﷺ بِلالًا فأذَّنَ وأقام، فصلَّى ثمَّ خطَبَ: فقَالَ:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾، تصدَّق رجلٌ من دينارِه، من درهمِه، من ثوبِه، من صاعِ بُرِّه، من صاعِ تمرِه، حتَّى قال: «ولو بشقِّ تمرةٍ».
فجاءَ رجلٌ من الأنصارِ بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجزُ عنها، ثم تتابعَ النَّاسُ حتَّى رأيتُ كومينِ من طعامٍ وثيابٍ، حتَّى رأيتُ وجهَ رسولِ اللهِ ﷺ يتهلَّلُ كأنَّه مُذْهبةٌ؛ فقال: «مَنْ سَنَّ فِي الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فله أجرُها، وأجرُ مَنْ عمِل بها مِنْ بعدِه من غيرِ أنْ يَنقُصَ من أجورِهم شيءٌ».
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس».
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «قال رجل: لأتصدقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد!، لأتصدقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّق الليلة على زانية،
فقال: اللهم لك الحمد على زانية!، لأتصدقنّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّق على غني، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غن !، فأُتي فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله».
وعد الله المتقين بالجنة وجعل أول صفاتهم الإنفاق وشهد لهم بمحبّته: قال تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (134) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}،
دعوة من الله تعالى للإقبال على مغفرته وجنته، للمتقين الذين ينفقون أموالهم عند الضيق وعند السّعة، ثم أفاض كرمه عليهم فقال: {والله يحبّ المحسنين}.
فالإنفاق فنٌّ: عن يزيد بن أبي حبيب قال: كان أبو الخير أوّل أهل مصر يروح إلى المسجد، وما رأيته داخلًا المسجد قط إلا وفي كُمّه صدقة: إما فلوس، وإما خبز، وإما قمح، حتى ربما رأيت البصل يحمله، قال: فأقول يا أبا الخير، إن هذا ينتن ثيابك، فيقول:
يا ابن حبيب، أما إني لم أجد في البيت شيئًا أتصدّق به غيره، إنه حدثني رجل من أصحاب رسول الله ﷺ أنه قال: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ -أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ -»، قال يزيد: وكان أبو الخير لا يُخْطِئُهُ يوم إلا وتصدق بشيء: ولو كعكة أو بصلة..
فدعونا ندخل السرور على الناس، دعونا نبحث عن حاجات الناس، دعونا نفرّج الكربات نقضي الدين، فهذا من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
الصدقة فن الإحسان و ما هو الإبداع؟ وما هي مهاراته وأنواعه؟
الزكاة: حقّ الله وفرض واجبٌ على الأغنياءِ للفقراء.
الصدقة: تطوّع وكرم وجود.
الوقف: يُحبسُ أصلًا وينفق أرباحهُ في سبيل الله.
الكرم والجود: عطاء للمعارف والأصحابِ والضيفان
بناءُ المساجد، وبناءُ المدارسِ الإسلاميّة، وبناءُ المراكزِ الصحيّة.
كفالة الأيتامُ والأرامل والمُهجّرين.
الجهادُ في سبيل الله.
الدعوةُ إلى الله تعالى: من خلالِ نشرِ الكُتب الإسلاميّة باللغاتِ المُختلفة.
إطعامُ الطعام، وإفطار الصائمين: ولو بخبز، أو سُقيا الماء، أو شقّ تمرة.
إغاثةُ الملهوف والسعي في حاجتِه.
قال ﷺ: «أيُّما مسلمٍ كسا مسلمًا ثوبًا على عُري؛ كساه الله من خضر الجنة، وأيُّما مسلمٍ أطعم مسلمًا على جوعٍ؛ أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيُّما مسلمٍ سقى مسلمًا على ظمأ؛ سقاه الله من الرحيق المختوم».
2-جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: (يا رسول الله، أيُّ الناس أحبُّ إلى الله؟ فقال: أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل، سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحبُّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهرًا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له؛ ثبّت الله قدميه يوم تزول الأقدام، وإنّ سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل».
وعد الله المتقين بالجنة وجعل أول صفاتهم الإنفاق وشهد لهم بمحبّته