فضل شهر رمضان: الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة
قال تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ…
اقرأ المزيدالإمام المفسر المؤرخ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، عظيم أجبر ذاكرة التاريخ على المثول أمامه لتلتقط علومه الفريدة وأعماله الخالدة ومصنفاته الباهرة، والتي أصبحت فيما بعد منارًا للعلماء ونبعًا ثريًا لرجال الفكر والمعرفة، وتميّز في علوم التفسير والقراءات والتاريخ وله أعظم مؤلفين: (تفسير الطبري – تاريخ الطبري).
عاش ما بين عامي (224 – 310 هـ) في زمن الدولة العباسية، عاصر عددًا كبيرًا من خلفائها: فقد ولد زمن المتوكل، وعاش زمن المنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتد والمعتضد والمكتفي بالله، ومات رحمه الله في خلافة المقتدر،
كان هذا العصر من العصور الزاهرة: فقد أسست العلوم الشرعية، واستقرت المذاهب الفقهية، فنشط التأليف والتصنيف، وجمعت كتب الصحاح والسنن، وظهرت التآليف في شتى الفنون ، وتميّز هذا العصر بالاستقرار السياسي والحرية والحركة الفكرية.
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، كنيته أبو جعفر رغم أنه لا ولد له فلم يتزوّج.
ولد محمد في مدينة “آمل” في طبرستان، وهي ولاية كبيرة في بلاد فارس.
كان على جانب عظيم من مكارم الأخلاق جعلته محبوبًا بين الناس، يصف أخلاقه أحد تلاميذه فيقول: (كان أبو جعفر في ظاهره نيّفًا في حسنه من باطنه -ظاهره أقل من باطنه-، حسن العشرة لمجالسيه، متفقدًا لأحوال أصحابه، مهذّبًا في جميع أحواله، جميل الأدب في مأكله وملبسه، منبسطًا مع إخوانه يداعب من حوله أحسن المداعبة).
كان الطبري زاهدًا في الدنيا، غير مكترث بمتاعها ومفاتنها، وكان يكتفي بقليل القليل أثناء طلبه للعلم، وبما يقوم به، ويمتنع عن قبول عطايا الملوك والحكام والأمراء، قال عنه الإمام ابن كثير: (وكان من العبادة والزهد والورع والقيام في الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم، وكان من كبار الصالحين).
وهب الله تعالى الإمام الطبري (ذكاء غير عادي، وقدرة عالية في الحفظ)، ومما يدل على ذلك أنه تعلّم علمًا كاملًا في ليلة واحدة، يقول عن نفسه: (لمّا دخلت مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتخصص به،
فجاءني يومًا رجل فسألني عن شيء من “العَروض” -بحور الشعر وأوزانها- ولم أكنْ قد نشطت له قبل ذلك، فقلت له: أجيبك غدًا، وطلبت في تلك الليلة من صديق لي كتاب العروض للخليل بن أحمد، فسهرت عليه ليلتي تلك، فأمسيت غير عروضيّ وأصبحت عَروضيًّا).
كان يناظر مرّة داود بن علي الظاهري في مسألة، فوقف الكلام على داود، فشق ذلك على أصحابه، فقام رجل منهم، وتكلم بكلمة مَضَّة وموجعة لأبي جعفر، فأعرض عنه، وقام من المجلس، وصنَّف كتابًا من (100) صحيفة في الردّ على داود، ثم بلغه أنّ داود قد مات فقام إلى كتابه وقطّعه.
كان الطبري شديد التواضع لأصحابه وزواره وطلابه، دون أن يتكبر بمكانته، أو يتعالى بعلمه، أو يتعاظم على غيره، فكان يُدعى إلى الدعوة فيمضي إليها، ويُسأل في الوليمة فيجيب إليها، وكان رحمه الله لا يحمل الحقد والضغينة لأحد، وله نفس راضية، يتجاوز عمن أخطأ في حقه، ويعفو عمن أساء إليه
تعرض الطبري لمحنة شديدة في أواخر حياته، فلقد وقع خلاف بين ابن جرير الطبري ورأس الحنابلة في بغداد أبي بكر بن داود أفضت إلى اضطهاد بعض الحنابلة لابن جرير، وتعصب العوامّ على ابن جرير وغالوا في ذلك، حتى منعوا الناس من الاجتماع به.
يُقال عن سبب الخلاف أنه أغفل ذكر الإمام أحمد بن حنبل في كتابه (اختلاف الفقهاء) ، في حين أنه ذكر: أبي حنيفة والشافعي ومالك والأوزاعي وغيرهم، فلما سئل عن سبب ذلك أجاب سائليه: (لم يكن ابن حنبل فقيهًا وإنما كان مُحدِّثًا).
الطبري لم يقلل من شأن الإمام ابن حنبل، بل أعلى من شأنه كثيرا، وتابعه في موقفه من محنة خلق القرآن، وفي كتاب للطبري، عنوانه (صريح السنة) يقول ما نصُّه:
(وأما القول في ألفاظ العباد بالقرآن، فلا أثر (حديث) فيه نعلمه عن صحابي مضى، ولا تابعي قضى، ومن يقوم قوله لدينا مقام قول الأئمة الأولى: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، رضي الله عنه، ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله غير قوله؛ إذ لم يكن لنا فيه إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمقنع، وهو الإمام المتبع، رحمة الله عليه ورضوانه).
بعد هذه المحنة خلا الطبري في داره، وقيل إنّه ألّف كتابه المشهور في الاعتذار إلى الحنابلة، وذكر فيه مذهب ابن حنبل وصوّب اعتقاده وجرّح من ظنوا فيه غير ذلك، وقرأ كتابه على الحنابلة فصالحوه وكفّوا عنه، واستأنف طلابه التردد على مجالسه.
أصبح الإمام الطبري بما جمعه موسوعة معرفية، وكان يتميّز بموهبة غير عادية في التصنيف والترتيب، وكتب الله لمؤلفاته القبول والانتشار، فألف في التفسير والتاريخ والفقه والأدب، ومن أعظم ما مؤلفاته:
لخص الأستاذ محمد محمود الحلبي منهج الطبري باختصار فقال:
يعتبر تاريخ الطبري من أهم المصادر التاريخية:
(فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين، مما يستنكره قارؤه أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا من الصحة ولا معنًا في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أوتي من بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدّينا ذلك على نحو ما أديّ إلينا).
توفي الإمام الطبري: في يوم 26 من شوال سنة (310هـ/ 923م) على الأرجح، وعمره (86)، زمن خلافة المقتدر.
قال الخطيب البغدادي: (اجتمع عليه -حال الجنازة- من لا يحصيهم عددًا إلا الله، وصُلِّي على قبره عدة شهور ليلاً ونهارًا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب).
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
الفارابي فيلسوف الإسلام و ابن سينا الشيخ الرئيس
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، كنيته أبو جعفر رغم أنه لا ولد له فلم يتزوّج.
ولد محمد في مدينة "آمل" في طبرستان، وهي ولاية كبيرة في بلاد فارس
أغفل ذكر الإمام أحمد بن حنبل في كتابه (اختلاف الفقهاء) ، في حين أنه ذكر: أبي حنيفة والشافعي ومالك والأوزاعي وغيرهم، فلما سئل عن سبب ذلك أجاب سائليه: (لم يكن ابن حنبل فقيهًا وإنما كان مُحدِّثًا).
1-جامع البيان في تأويل آي القرآن.
2-تاريخ الأمم والرسل والملوك: اشتهر باسم (تاريخ الطبري).
3-تهذيب الآثار.
4-اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام.
5-الخفيف في أحكام شرائع الإسلام.
6-أدب النفوس الجيدة والأخلاق الحميدة.
توفي الإمام الطبري: في يوم 26 من شوال سنة (310هـ/ 923م) على الأرجح، وعمره (86)، زمن خلافة المقتدر.
قال الخطيب البغدادي: (اجتمع عليه -حال الجنازة- من لا يحصيهم عددًا إلا الله، وصُلِّي على قبره عدة شهور ليلاً ونهارًا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب).
عاش ما بين عامي (224 – 310 هـ) في زمن الدولة العباسية، عاصر عددًا كبيرًا من خلفائها: فقد ولد زمن المتوكل، وعاش زمن المنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتد والمعتضد والمكتفي بالله، ومات رحمه الله في خلافة المقتدر،