
فضل شهر رمضان: الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة
قال تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ…
اقرأ المزيدالتقوى هي صمام الأمان في حياتنا، هي التي تساعدنا في بناء الهوية الشامخة، تعلمنا كيف نسيطر على حياتنا، فمشاعرنا قد تقودنا إلى ما لا تحمد عقباه، فتأتي التقوى لتحكمنا.
لفظ (التقوى) ورد في القرآن الكريم في (258) موضع، جاء بصيغة الفعل في (182) موضع، من ذلك قوله تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة} [البقرة:24].
وجاء بصيغة الاسم في (76) موضعاً، من ذلك قوله سبحانه: {فإن خير الزاد التقوى} [البقرة:197].
ولفظ (التقوى) ورد في القرآن الكريم على خمسة معان، هي:
1- التوحيد والإيمان: من ذلك قوله سبحانه: {وألزمهم كلمة التقوى} [الفتح:26]، قال الطبري: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقال مجاهد: كلمة التقوى أي الإخلاص، ونحو هذا قوله سبحانه: {أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} [الحجرات:3] ، أي: أخلص قلوبهم لتوحيده.
2- الإخلاص: من ذلك قوله تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج:32] ، أي: من يقدر شعائر الله التي شرعها حق قدرها، ويؤديها حق الأداء، فإن ذلك دليل على الإخلاص، وسلامة القصد.
3- العبادة والطاعة: من ذلك قوله عز وجل: {إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون} [الشعراء:106] ، قال الشوكاني: ألا يخافون عقاب الله سبحانه، فيصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته.
ومن هذا القبيل، قوله سبحانه: {أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} [النحل:2].
4- الخشية: من ذلك قوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء:131] ، قال الطبري: احذروا الله أن تعصوه وتخالفوا أمره ونهيه، ونحو ذلك قوله سبحانه: {وإياي فاتقون} [البقرة:41] ، أي: فاخشوني.
5- ترك المعصية: من ذلك قوله عزّ من قائل: {وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله} [البقرة:189] ، أي: البر من اتقى الله فخافه وتجنب محارمه، وأطاعه بأداء فرائضه التي أمره بها.
ونحو هذا، قوله تعالى: {واتقون يا أولي الألباب} [البقرة:197] ، قال الطبري: خافوا عقابي باجتناب محارمي التي حرمتها عليكم، تنجوا بذلك مما تخافون من غضبي عليكم وعقابي، وتدركوا ما تطلبون من الفوز بجناتي، وأكثر ما ورد لفظ (التقوى) في القرآن الكريم على هذا المعنى.
قال بعض أهل العلم: حقيقة (التقوى) تنزيه القلب والجوارح عن الذنوب، ألا ترى إلى قوله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} [النور:52] ، ذكر (الطاعة) و (الخشية) ثم ذكر (التقوى)، فعُلم بهذا أن حقيقة (التقوى) بمعنى غير (الطاعة) و (الخشية)، وهي الابتعاد عن المعاصي.
وقد ذكر الرازي أن لفظ (التقوى) يأتي أيضاً بمعنى (التوبة)، ومثَّل له بقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم} [الأعراف:96] ، أي: تابوا، ولم نجد غير الرازي من المفسرين من ذكر هذا المعنى للفظ (التقوى).
في ذكر ما أَمر أو وَصى به النبي – ﷺ – أمته فيه بالتقوى:
روى أبو داود برقم (5156) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان آخر كلام رسول الله ﷺ: «الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم».
روى البخاري برقم (5063) ، ومسلم (1401) ، عن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة نفر إلى رسول الله ﷺ، فقال أحدهم: لا أتزوج النساء، وقال الآخر: لا أفطر، وقال الثالث: لا أنام، فقال رسول الله ﷺ: «أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني».
روى أبو داود برقم (4607) ، والترمذي (2676) ، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، فإنه من يعيش منكم؛ فسيرى اختلافًا كثيرًا».
روى الإمام أحمد (3/ 351) ، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال يوم أحد: «عليكم بتقوى الله، والصبر عند البأس، وإذا لقيتم العدو، وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا».
روى الإمام البخاري برقم (7420) ، عن أنس رضي الله عنه قال: جاء زيد بن حارثة يشكوا زوجته، فجعل النبي ﷺ يقول له: «اتق الله، وأمسك عليك زوجك».
وروى أبو داود برقم (2231) ، عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لبريرة عندما أُعتقت: «يا بريرة اتقي الله؛ فإنه زوجك، وأبو ولدك»، ورجاله ثقات.
وقال العلامة الألباني في “صحيح أبي داود” برقم (1952): صحيح، وأخرجه البخاري.
قلت: وأصله في “البخاري” برقم (2536) ، و”مسلم” (3858).
روى البخاري برقم (258) ، ومسلم (1623) ، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا الله، وأعدلوا بين أولادكم».
عن المقدام بن شريح الحارثي عن أبيه، قال: قلت لعائشة: هل كان النبي ﷺ يبدو؟ قالت: نعم كان يبدو إلى هذه التلاع، فأراد البداوة مرة، فأرسل إلى نَعَم من إبل الصدقة، فأعطاني منها ناقة محزمة، ثم قال لي:
«يا عائشة عليك بتقوى الله، والرفق، فإن الرفق لم يك في شيء قط إلَّا زانه، ولم ينزع من شيء قط إلَّا شانه»، رواه أحمد برقم (25,039) ، ورجاله ثقات، إلا شريك القاضي، وقد اعتمده مسلم، كما في “التقريب”.
روى مسلم برقم (1651) ، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من حلف على يمين، ثم رأى أتقى لله منها؛ فليأت التقوى».
روى أبو نعيم في “الحلية” (1/ 26- 27) ، عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إن روح القدس قد نفث في روعي، أنها لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب».
وللحديث شاهد عند “الحاكم” (2/ 4) ، وابن حبان برقم (3239) ، من حديث جابر رضي الله عنه، وحديث جابر هذا على شرط مسلم.
روى مسلم برقم (1731) عن بريدة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله ﷺ إذا أمَّرَ أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا».
روى مسلم برقم (1218) ، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله».
روى أبو داود برقم (2545) ، عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: مرَّ رسول الله ﷺ ببعير قد ألحق ظهره بطنه، فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة».
روى أحمد (3/ 135) ، والترمذي برقم (3894) ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بلغ صفيه أن حفصة قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي ﷺ وهي تبكي،
فقال: «ما يبكيك» فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي، فقال النبي ﷺ: «إنك لابنة نبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟ ثم قال: اتقي الله يا حفصة»، ورجاله ثقات. والحديث في “صحيح الترمذي” برقم (3055).
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لفاطمة: «فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فإنَّه نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ».
روى البخاري برقم (375) ، ومسلم (2075) ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: أُهدي إلى النبي ﷺ فروج حرير، فلبسه فصلَّى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له، وقال: «لا ينبغي هذا للمتقين».
وروى مسلم برقم (2578) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دمائهم، واستحلوا محارمهم».
وروى البخاري برقم (1395) ، ومسلم (121) ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال له: «اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
وروى الإمام أحمد (3/ 153) ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرًا؛ فإنه ليس دونها حجاب».
ذكر الله عز وجل التّقوى في الكثير من الآيات، وأوجب على المسلمين أن يلتزموا بها.
ومثال ذلك من الآيات قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ الله وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.
وقد دلت نصوص كثيرة من القرآن والسنة وكلام علماء المسلمين المتأخرين والمتقدمين على اختلاف مذاهبهم على ذلك، وتوصف بأنها أوجب الواجبات ففي القرآن يخبر الله تعالى أنه وصى الأولين والآخرين، أهل الكتب السابقة واللاحقة بالتقوى
بقوله: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء: 131].
ولقد وصف أهل العلم هذه الآية بأنها رحى آي القرآن كله؛ لأن جميعه يدور عليها، والنبي ﷺ قد أمر بالتقوى، فعن أبي ذر قال: قال لي رسول الله ﷺ: «اتَّقِ الله حيثما كنت».
ذكر الله علامات لأهل التقوى في كتابه الكريم في عدة آيات منها:
من درجات التقوى اتّقاء النار من خلال التبرّؤ من الشرك والإيمان بالله وحده، وشهادة أنّ محمَّدًا عبده ورسوله، فبهذا تكون قد اتّقيت الخلود في النار لقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «مَن شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، حَرَّمَ اللَّهُ عليه النَّارَ».
بعد أن يبرأ المرء من الشرك، عليه بترك الكبائر والآثام، وأن يجاهد نفسه في ترك الصغائر، فلو جاهد كلّ امرئ نفسه في تقوى الله، بوركت حياته، ولأصبحت حياة الناس أقرب إلى الفضيلة، فلا خوفٌ ولا أذى، فالجميع يتّق الله، ومن يتّق الله لا يفعل السوء أبدًا.
وهي مرحلةٌ تتجاوز اتقاء المعاصي فقط، بل يصبح الإنسان يتجنّب الشبهات خوف الوقوع في الحرام والمعصية؛ التزامًا بقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ»، كالمال المشبوه أو المخلوط بالربا، فيتّقيه المؤمن براءةً له، وورعًا عنه فهو أسلم وأفضل.
وهي أن تتقي بعض المباح، زهدًا فيه، فهؤلاء لا يفكرون في الدنيا ولا تشغلهم إلّا الآخرة، فالبيت الواسع مباحٌ، ولكنّ الزاهدين لا يتّخذونه مسكنًا لكي لا يلتهي أحدهم بإرضاء رغباته عن طاعة الله وتقواه، وهذه مرحلةٌ عظيمةٌ من التقوى،
إنّ تقوى الفكر تعني أن ينشغل الإنسان عن كلّ شيءٍ يصرفه عن الله، فيزهد بها ويضع الله نصب عينه في كلِّ مكان، فالغاية هي الآخرة عنده فقط، يأكل لكي يتقوّى على العبادة، ويرقد للأمر ذاته، فهو لا يرى إلّا الله، فقد بلغ مقام المشاهدة، وهو المقام الذي يصبح فيه الإنسان متعلِّقًا بربّه، ولا همّ له سوى التقوى منه.
وليعلم المسلم دائمًا أنّ خير درجات التقوى، ما جاهد نفسه إليها ولم يستطع إلّاها، فالناس تتفاوت في الظروف، وكذلك في القدرات والطاقة، فلا بأس أن تكون في أيّ درجةٍ منهما، مجاهِدًا نفسك الإقلاع عن الذنوب والالتزام بأوامر الله.
التقوى هي أساس الدين، وبها يرتقى المرء إلى مراتب اليقين، وهي زاد القلوب والأرواح فبها تقتات وبها تتقوى وعليها تستند في الوصول والنجاة.
التقوى هي الجوهر والغاية والحصيلة من كلّ جوانب الدين عقيدةً وعبادةً، ونظاماً، يقول تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات/ 13).
إنّ كلمة التقوى هي صبغة التجمُّع الإيماني ومحوره، وعماد تماسكه، ومبعث قوّته فالهدف من عبادة الله تعالى الوصول إلى التقوى، كما أنّ العبادة يمكن أن تكون تعبيراً عن هذه التقوى. وهي ملكة الوازع الديني التي تجعل للإنسان قوّة وصلابة في تحديد مصيره، وتدفعه للخير والصلاح في جميع الأمور، وتمنعه عن الرذائل والمعاصي.
الأسئلة الشائعة
سفينة النجاة يوم القيامة وهي التزام طاعة الله وطاعة رسوله، وهي اتباع نهج النبي محمد وسيرته بالتزام ما فرضه الله واجتناب ما حرم، وجاء في القرآن: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾
لفظ (التقوى) ورد في القرآن الكريم في (258) موضع، جاء بصيغة الفعل في (182) موضع، من ذلك قوله تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة} البقرة:24.
وجاء بصيغة الاسم في (76) موضعاً، من ذلك قوله سبحانه: { فإن خير الزاد التقوى}
الخشية والخوف من الله تعالى، "وقد سأل عمر رضي الله عنه أُبَي بن كعب فقال له: ما التقوى؟ فقال أُبَي : يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك؟ قال: نعم.. قال: مافعلت؟ ..قال عمر: أشمّر عن ساقي وأنظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة..فقال أُبَي بن كعب: تلك التقوى..! "، فهي تشمير للطاعة ونظر في الحلال والحرام وورع من الزلل ومخافة وخشية من الكبير المتعال سبحانه وتعالى..
محبة الله والملائكة للعبد- المخرج من كل ضيق ومصدر للرزق- تسهيل الأمور - البصيرة من أعظم ما يرزق به المتقي- معية اللهِ الخاصة- حُسنُ العاقبةِ- الفوزُ بولايةِ الله- عِظَمُ الأجرِ- المنزلةُ الرفيعةُ- حصولُ الفلاحِ- التوفيق للعلمِ النافعِ- الهدايةُ للحقّ والصواب- الفوزُ بالجنة- النجاةُ من النارِ