قواعد واساليب التعليم الحديث
التعليم هو رافعة المجتمعات ويعكس ثقافتها، ونتيجة التحولات الكبيرة التي نعيشها في عالمنا اليوم، انعكس…
اقرأ المزيدالكاهن: هو الشخص الذي يعتبرونه الوسيط بين الله والشعب، وفيه يتجلى مفهوم الشرك إذا ما اعتبر مصدر التشريع، فيمنع الشعب من نقاش هؤلاء الكهنة ولا يخالفهم، ومن يعترض عليهم يصبح كافرًا وخارجًا من الدين، هكذا كانت الأوضاع في أوروبا لأكثر من ألف سنة.
كما بقيت كنيسة واحدة تهيمن على أوروبا الغربية بأكملها، إنها “الكنيسة الكاثوليكية الرومانية” التي تحتكر الدين الرسمي الوحيد، والبابا فيها هو الذي يتوج الملوك ويرسل الحملات الصليبية فتعيث في الأرض الفساد، إلا أنّ هذه الكنيسة قد هدمت قبل خمسة قرون بفعل ثورة دينية شاملة قادها راهب ألماني يدعى “مارتن لوثر”.
فمن هو مارتن لوثر؟ وكيف استطاع القيام بثورته الإصلاحية؟
لم يكن مارتن لوثر في البداية يسعى لتأسيس مذهب ديني جديد، ولا ليكون مصلحًا من المصلحين، بل إنه صرّح أنّ الله قد قاده إلى هذا الدرب كما يقاد الحصان الأعمى.
ولد مارتن لوثر سنة (1483م) في ألمانيا التي كانت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وكان يحكمها الإمبراطور متحالفاً مع البابا، كان مارتن كاثوليكيًا رومانيًا، عُمِّد في صباح اليوم التالي لمولده في (عيد القديس مارتن) فتسمى باسمه، ووالده أحد أربعة مثلوا مدينة (مانسفيلد) في المجلس المحلي.
رغب والده أنْ يصبح ولده محاميًا فأرسله إلى عدة مدارس متطورة، بعضها كان مدارس دينية يديرها الرهبان، واهتم بالفنون الثلاثة: (النحو – البلاغة – المنطق)، لما بلغ عمره (19) التحق بجامعة (إيرفورت) وحصل منها على درجة الماجستير في الفنون العقلية، ثم تابع بكلية الحقوق.
وفي عام (1505م) قرر مارتن لوثر الانخراط في الرهبنة بعد نجاته من صاعقة رعدية نزلت بقربه، فنذر أن يهب حياته للرب وتعهد ألا يفسخ نذره مهما حدث، فترك كلية القانون وباع كتبه ودخل دير من أديرة الرهبنة يدعى “الأوغسطينية”، غضب والده لكنه أصرّ على قراره.
خلال حياته كراهب خصص وقت طويل من يومه للصوم والتأمل والاعتراف للرب بقصوره، ويصف لاحقًا هذه الفترة من حياته بأنها وصلت لمرحلة من اليأس، يقول: فقدت فيها الاتصال بالمسيح المعزي، ورأيت المسيح تجسد في البابا ورهبان الكنسية الذين تحولوا إلى سجّانين يضطهدوا الفقراء.
غابت العدالة والانصاف وتحالفت الكنيسة مع الامبراطور وكرّسوا الظلم الشديد، كيف يتحالف ممثلي الرب مع الطغاة فيؤيدوا الظلم على الشعوب والقتل، فوصل لقناعة أنّ هؤلاء لا يمثلوا الإله الذين آمن به.
قرر رئيس الرهبنة أنّ على مارتن الابتعاد عن هذه الأجواء، وأنه بحاجة ليعمل فينصرف عن التأمل والتفكير، فأمره أن يتحول للتدريس والعمل الأكاديمي، وعينه أستاذًا للكهنوت في مدينة “كان”، ثم بدأ بتدريس اللاهوت في جامعة “فيتنبرغ”، ثم حصل على درجة دكتوراه في أصول الدين، والدكتوراه في الكتاب المقدس، وعاد إلى جامعة فيتنبرغ حيث قضى معظم حياته.
ما الذي يفتح ويعبد طريق الإصلاح؟
سار مارتن لوثر على هذا الطريق فاستنتج: إنّ المسيحيين لا يفوزون بالخلاص نتيجة مجهوداتهم الشخصية وإنما برحمة الله، هذا دفعه لرفض بعض المبادئ والمعتقدات الأساسية في الكنيسة الكاثوليكية، التي تعتقد أن التوبة وحدها لا تكفي للغفران، بل يجب أن يترافق هذا مع أعمال صالحة وضعوا لها حدودًا تتعلق بـ: (الولاء للكنيسة، والولاء للإمبراطور، والتبرع بالمال للكنيسة مقابل صكوك الغفران)، فلعبوا بتعاليم الدين.
في عام (1517م): بدأت نتائج إصلاحات مارتن لوثر تظهر للعيان عندما أعلن الأطروحات الـ 95 (95 خلل في الكنيسة يجب أن يتغير؛ لأن فيها انحرافًا عن منهج الرب كما يقول).
ومن بين أطروحات مارتن لوثر كان: التنديد بصكوك الغفران الموجهة لبناء كنيسة القديس بطرس في روما فقال:
(لماذا يريد البابا بناء كنيسة القديس بطرس من مال الفقراء، بدلاً من ماله أو مال الفاتيكان الخاص؟!).
هذه الأطروحات لم تكن موجهة للعقيدة المسيحية وإنما لانحرافات غريبة عنها، ترجمت أطروحات مارتن لوثر وانتشرت بسرعة مدهشة، فأثارت ردود فعل شديدة، فصار مارتن لوثر موضع تحقيق من السلطات الدينية الرومانية، فصدر قرار بإدانة أفكاره عام (1520م)، ثم كفّر وطرد من المسيحية.
وعرض على مجلس تحقيق في العقيدة، وكان المجلس يضم قضاة من مختلف أنحاء الإمبراطورية يرأسه الإمبراطور نفسه، استمر هذا الاجتماع خمسة أيام ناقشت أطروحات مارتن لوثر الـ 95 ورد الكنيسة عليها، ثم طلبوا منه التبرؤ من أطروحاته أمام الناس.
رفض مارتن أنْ ينكر ولو سطر واحد من كتاباته: (وتمسك بموقفه من استبداد رهبان الكهنوت الذين عانت منهم الأمة الألمانية العظيمة)، بهذه الكلمات مسّ عصبًا حساسًا في تلك الفترة:
(فقد مزج قضية دينية فيها مشكلة مع إحساس قومي منتشر بين الناس يرفض الظلم والطغيان)، وبذلك أصبح هذا الإشكال الديني أكثر عرضة للانفجار، فكانت نتيجة المجلس قرارًا ينص على: (أهدار دمه وتجريم كل مواطن في ألمانيا يأوي لوثر أو يقدم له مساعدة ).
كان الأمير فريدريك الثالث يحترم مارتن لوثر لإصراره على آرائه فحماه، لكنه طلب منه أنْ يعيش متنكرًا باسم وهمي، فحصل على مزيد من الوقت استفاد منه في ترجمة الإنجيل إلى اللغة الألمانية، فقد كان مكتوبًا باللاتينية وفهمه حكر على الرهبان الذين يفهمونها، هذا جعل الناس يرون شيئًا مختلفًا عما كان هؤلاء يحدثونهم به.
ثم بدأ يؤلف كتبًا ركزت على الإيمان فنصت على:
تمرد العديد من الرهبان نتيجة لأفكار مارتن لوثر ، فحطموا الأيقونات في الكنائس وأعلنوا دعمهم لأفكاره، فكتب معاتبًا مناصريه على هذه التصرفات، وطلب منهم المطالبة السلمية وعدم التمرد.
بدأ الكثير من الفلاحين يؤمنوا بأفكار مارتن لوثر، فهاجموا الرهبان مطالبين بالإصلاح الديني، فبدأت حرب الفلاحين ضد الدولة الظالمة ورهبانها، كانت المواجهة الأكثر دموية في بلدة “فرانكن هوسن” ، فقد أرسل الإمبراطور قواته فارتكبت مجزرة راح ضحيتها الكثير من الفلاحين.
لم تكن هذه التحركات خاضعة لسيطرة مارتن لوثر، بل إنه رأى فيها خطرًا على الإصلاح المنشود، إذ كان يعتبر نفسه راهبًا مصلحًا وليس سياسيًا، وهذا جعله يضع الأمور السياسية بيد السلطات الحاكمة، فلم يعد له أي تأثير في مجريات الأحداث.
تزوج مارتن لوثر من “كاترينا فون بورا”، وهي واحدة من اثني عشر راهبة كاثوليكية هربنّ من دير، وأنجب منها 6 من الولد، فصار زواجه ختمًا للموافقة على زواج الرهبان، ووجد لوثر نفسه وبشكل متزايد ينظّم كنيسة جديدة: فشكل هيئة للإشراف عليها ووضع لها الكتب والشروح باللغة الألمانية، وبدأ ينظم الصلوات بشكل مبسط بعيد عن تعقيدات الكنسية الكاثوليكية.
في عام (1546م) كانت آخر خطبة لمارتن لوثر في مسقط رأسه في كنيسة “يسلبن”، وذلك قبل ثلاثة أيام من وفاته، وبعد وفاته صار يحتفل بعيد لوثر في 18 فبراير في الكنيسة اللوثرية في الولايات المتحدة؛ أما في كنيسة إنكلترا يحتفل به مع عيد جميع القديسين في 31 أكتوبر.
وفي الختام: لا تنسى مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
البطانة الفاسدة و القيادة الفردية المستبدة و الايمان وأهدافه
مارتن لوثر راهب ألماني أسس الكنيسة البروتستانتية.
تزوج مارتن لوثر من "كاترينا فون بورا"، وهي واحدة من اثني عشر راهبة كاثوليكية هربنّ من دير، وأنجب منها 6 من الولد، فصار زواجه ختمًا للموافقة على زواج الرهبان.
ولد مارتن لوثر عام (1483م) في ألمانيا.
من بين أطروحات مارتن لوثر كان: التنديد بصكوك الغفران فقال: (لماذا يريد البابا بناء كنيسة القديس بطرس من مال الفقراء، بدلاً من ماله أو مال الفاتيكان الخاص؟!).
• كل البشر خطائين بالطبيعة وبلا رحمة الله لا يقوم الإنسان بعمل صالح.
• هاجم (التقوى الشعبية) المتمثلة بتمويل الكنائس.
• أدان فكرة اعتبار تجسيد المسيح للتضحية واعتبر ذلك من الوثنية.
• رفض مبدأ الاعتراف للكهنة بالذنوب.
• اعتبر كسر الرهبان لنذر العفة القاضي يمنع الزواج عليهم ليس خطيئة.