حسن الصباح ومنهجية الإرهاب
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - قصة وفكرة - جديدنا

عندما يعجز بعض القادة عن الإصلاح والتغيير، يلجؤون أحياناً إلى الاغتيالات، وهذا عجز عن مواجهة الفكر بالفكر، والتاريخ يحدثنا عن حركة تخصصت في فن الاغتيالات، كان معتقدها الأول هو الاغتيال.

والهدف من وراء ذلك المال والشهوة وغياب العقل، كانت هذه الحوافز التي تحرك أتباع هذه الحركات الارهابية، وقد تم استخدام هذه الحركة من قبل السياسيين للتخلص من خصومهم، عن منهجية الارهاب نتحدث ورائدها حسن الصباح.

من هو حسن الصباح؟

حسن بن علي الصبَّاح، شيخ الجبل، مؤسس الطائفة الإسماعيلية النزارية الشرقية (الحشاشون).

المولد والنشأة

ولد في مدينة (قُم) جنوب طهران عام(430هـ – 1037م)، وهي معقل الشيعة الاثني عشرية، وقد أخذ المذهب عن والديه، وبقي متمسكاً بتعاليمه حتى انتقلت عائلته إلى الريّ وعمره 17 سنة.

انضمام حسن الصباح إلى طائفة الإسماعيلية

كانت الريّ مركز الطائفة الإسماعيلية، فتأثر الصباح بأفكارهم وانضم إليهم وبايعهم، وأخذ يتدرج في المناصب، فلما بلغ الثلاثينات من عمره لم يبق أمامه إلا مبايعة زعيم الطائفة “عبد الملك بن العطاش”، الذي رأى فيه بذرة حسنة يمكن له استغلالها، (فقد كان بارعاً في الفلسفة والحساب والهندسة والفلك والسحر وغيرها، إضافة للعلوم الشرعية).

فعينه نائباً له، ثم بعثه إلى مصر وعاش في بلاط الخليفة الفاطمي ثلاث سنوات.

المستنصر بالله وبدر الدين الجمالي

كان عصر المستنصر بالله يشهد تدهوراً اقتصادياً وانفلاتاً أمنياً وسياسياً، لم يستطع المستنصر ضبط مصر من خلاله، فاستنجد بقائده حاكم عكا “بدر الدين الجمالي” فلبى بدر الدين الطلب.

وقدم مصر فأعاد الأمن لها، واستقرت في فترة حكمه، وصار هو المتحكم بالقرارات، فلم يعجب حسن لهذا الأمر، لأن المستنصر كان أميره، فأدى ذلك لاحتكاك وتماس مباشر بين الصباح وبدر الدين، فما كان من بدر الدين إلا أن سجنه في الإسكندرية، ثم طرده من مصر.

حسن الصباح ونظام الملك السلجوقي

  • كان السلاجقة يحكمون بلاد فارس، وهم اتباع المذهب السني، “نظام الملك” كان وزير الدولة السلجوقي العادل، وكان يحارب المذاهب الفكرية الباطنية، فأنشأ مجامع علمية، ومدارس راقية عرفت بالمدارس النظامية.
  • واستجلب أفضل العلماء والشيوخ، ليواجه بهم الفكر المتطرف، من بينهم الشيرازي والغزالي، وتلاميذ هذه المدارس كان لهم دور في بناء جيل صلاح الدين الأيوبي محرر القدس.
  • توجه حسن الصباح إلى أصفهان سنة (1081)، وبنى علاقة قوية مع الوزير نظام الملك، الذي أعجب بعلم حسن الصباح وقدراته، فقربه وأكرمه ولم يكن يعرف بخبايا ومعتقدات الصباح الهدامة.
  • عاش الصباح في كنف نظام الملك (9) سنوات، مخفياً هويته واعتقاده، لكنه لم يفتر عن الدعوة لهذه المعتقدات بعيداً عن المدن، فتوجه إلى القرى النائية، في مجتمعات الفلاحين والبدو، فأخذوا يقتنعوا بأفكاره، وانتشرت دعوته في الأرياف.

تأسيس الاسماعيلية النزارية

وفي مصر التي كان يحكمها بدر الدين، بعد وفاته استلم ابنه “الأفضل” وخلف والده في نهجه، فلما مات الخليفة الفاطمي المستنصر، قام الأفضل بمبايعة ابن الخليفة المستنصر ويدعى “المستعلي”.

رغم أن ولي العهد كان ابن المستنصر الأكبر “نزار”، لكن “الأفضل” نصب المستعلي لأنه كان ابن أخت بدر الدين، فانقسمت الإسماعيلية في مصر إلى فرقتين:

  1. أولاهما (الإسماعيلية المستعلية) نسبة للمستعلي.
  2. الثانية (الاسماعلية النزارية) نسبة لنزار.

وأعلن حسن الصباح أنه يدعم نزار في خلافته، وأخذ يدعو له في المشرق، فكان حسن هو مؤسس الإسماعيلية النزارية في بلاد المشرق، وأصبح زعيمًا على هذه الطائفة في كل المشرق.

قام أتباع الحسن بنشر دعوة الإسماعيلية النزارية في كل مكان، فذاع صيتهم وأخذوا بمناظرة العوام، ثم حدث أن ناظروا مؤذناً لأحد المساجد فأقام عليهم الحجة، فخافوا من افتضاح أمرهم بين العوام.

فلجؤوا إلى قتله وكانت هذه أول عملية اغتيال بحق من يخالفهم أو يهدد وجودهم، فلما وصل الخبر إلى نظام الملك وانكشف الصباح، أصدر أمراً بملاحقة الصباح وأتباعه.

حسن الصباح وشراء قلعة الموت والحشاشون

بعد مطاردة السلاجقة له، لم يجد حسن الصباح حماية أفضل من قلعة الموت المنيعة، حيث إنها حصن قديم ارتفاعها يزيد عن (2,000) متر، ولا يوجد طريق لها غير طريق واحد فقط، وهو ما أعطاها القوة والحصانة لتكون مركز للدعوى وحصن للحماية.

حيث أن الطريق المؤدي لها شديد الوعورة والانحدار. وأي شخص سيحاول مهاجمتها واقتحامها سيكون موته لا محالة وخسارته كبيرة عند المواجهة وقطع الطريق عليه.

وصف قلعة الموت (الاموت وتعني عش النسر)، وقد اشتراها الصباح من أميرها بـ (3,000) آلاف دينار ذهبي.

كانت تدريباتهم على:

  • السمع والطاعة العمياء.
  • فنون القتال.
  • فنون التخفي والتورية.

سبب تسمية الحشاشون بهذا الاسم

  • قيل عن هذه القلعة: أن فيها حدائق تشبه حدائق الجنة، وقيل أنهم كانوا يأتون بمن يريد تنفيذ عملية اغتيال، فيعطوه جرعة من الحشيش، ثم يجلسوه تحت أشجار الحديقة، ويجلبوا له الجواري الحسان.
  • ويقولون له أن هذه الجنة، وأنه سيعود إليها بعد تنفيذ المهمة الموكلة إليه، ومنها أخذوا لقب الحشاشين، نسبة للحشيش المعطى لهذا المضلل.
  • لكن من باب الإنصاف للخصوم، فهذا ليس له أساس من الصحة، فمن زار القلعة يجد أن الثلوج تكسوها طيلة (7) شهور، وأنهم اكتسبوا تسمية الحشاشون من لفظة أطلقها الغرب على هذه الطائفة، يقصدون بها فرقة منفذوا الاغتيالات، لكنها لما عُرّبت أصبحت تلفظ حشاشون.

علاقة حسن الصباح باغتيال الوزير نظام الملك

قام نظام الملك بإرسال جيش للقضاء على الحسن وأتباعه في القلعة، لكنه لم ينجح لأنها كانت حصينة كما مرّ ذكرها، فأصبح نظام الملك هو العدو الأول للصباح، فأخذ يخطط لأكبر اغتيال في ذلك الوقت، اغتيال الوزير السلجوقي، فأرسل إليه رجلاً على هيئة صوفي، فدنا منه وسلمه رسالة.

فلما بدأ نظام الملك بقرائتها، قام هذا الرجل بطعن الوزير، وقال له هذه هدية من شيخ الجبل السيد حسن الصباح، لم يُقتل هذا الرجل لأن نظام الملك عفا عنه، ثم استشهد هذا الوزير الصالح.

ثارت الدولة السلجوقية على طائفة الحشاشين، وأرسلوا جيشاً ضخماً للقضاء عليهم، لكن لم يستطع أن يفعل شيئاً لمناعة القلعة، فعاد أدراجه، لكن الحسن قام بهجوم عكسي واغتال ابن نظام الملك ” فخر الملك”.

اغتيالات الحشاشين

أطلق على الجماعة فيما بعد اسم “القاتل المأجور”، إذ لم تبق اغتيالاتهم محصورة بمن خالفهم، أو عادى دعوتهم، بل أصبحوا مرتزقة تدفع لهم الأموال ليقوموا باغتيالات لا علاقة لهم بها، وأشهر اغتيالاتهم:

  1. وزير الدولة السلجوقية “نظام الملك”.
  2. وزير الدولة السلجوقية “فخر الملك” ابن نظام الملك.
  3. الأمير “مودود” حاكم الموصل، وهو أول من تزعم الجهاد ضد الصليبيين، وجاء من بعده عماد الدين زنكي.
  4. الخليفة العباسي “المسترشد”، الذي تم أسره بعد معركة مع السلجوقيين، ثم عُفي عنه، لكن قائد الجيش السلجوقي استأجر طائفة من الحشاشين واغتالوه في معتقله.
  5. الخليفة الفاطمي في مصر “الآمر بأحكام الله” سنة (1130).
  6. تحالفوا مع القائد الصليبي ريمونت ضد نور الدين زنكي.
  7. ثم قتلوا “ريمونت” نفسه في طرابلس.
  8. حاولوا اغتيال “صلاح الدين” أكثر من مرة لكنهم لم يفلحوا.

وقد اعتُبر الصباح عدواً للسلجوقيين والعباسيين والفاطميين والأيوبيين.

وفاة حسن الصباح

مكث حسن الصباح باقي حياته في هذه القلعة حتى توفي عام (1124)، وكان يقضي وقته بها في وضع الخطط ومراسلة الدعاة الذين ينشرون الدعوة في جميع الأقطار، لم يترك وريثاً له لعدم وجود أولاد له، لكنه خلف كتابين: أحدهما يتحدث عن حياته الشخصية، والآخر عن الإلهيات.

الحشاشين بعد حسن الصباح

خلفه “بزرك أميد” في زعامة الطائفة، وسار على نهج الصباح في الإرهاب وسياسة الاغتيالات.

نهاية الحشاشين

استمر إرهاب طائفة الحشاشين حوالي (200) سنة، أي قرنين من الزمان، حتى احتل هولاكو بغداد وقضى على الخلافة العباسية، واحتل قلعة الموت، وأحرقها وقضى على شوكتهم في الشرق، ثم أكمل الظاهر بيبرس مسيرة القضاء عليهم في الشام فاستأصل شوكتهم سنة (1273).

نلمس من خلال قراءة سيرة هذه الطائفة الارهابية بعض النقاط:

  • الفكر هو الذي يوجه السلوك: فالفكر السليم ينتج سلوكاً حسناً، والفكر السقيم ينتج سلوكاً سيئًا.
  • الإرهاب هو سلاح أرباب الفكر الخالي.
  • يتكون الإرهاب من خلال تعطيل الفكر وسلب العقول.
  • الحل الأمثل للتعامل مع الإرهاب يكون: (بالحوار البناء الهادف مع من لم يحمل السلاح، والضرب بيد من حديد على من حمل السلاح، وأراد تقويض حالة السلم والأمن في المجتمع).

وأخيراً، يمكنكم الاستفادة، والاطلاع على المزيد من المقالات:

غاندي والسلمية و ابن العلقمي والخيانة العظمى و توماس اديسون الاسم الذي لا ينطفىء

الأسئلة الشائعة

من هو حسن الصباح تاريخياً ؟ وأين ولد؟

حسن بن علي الصباح شيخ الجبل، مؤسس الطائفة الإسماعيلية النزارية الشرقية (الحشاشون).
ولد في مدينة قم جنوب طهران

كيف حدث انضمام حسن الصباح إلى طائفة الإسماعيلية؟

انتقلت عائلة حسن الصباح إلى الري كانت الري مركز الطائفة الإسماعيلية، فتأثر الصباح بأفكارهم وانضم إليهم وبايعهم وترقى في المناصب حتى أصبح نائب زعيم الطائفة

ما علاقة حسن الصباح ونظام الملك السلجوقي؟

بعد طرده من مصر توجه حسن الصباح إلى أصفهان سنة (1081)، وبنى علاقة قوية مع الوزير نظام الملك، الذي أعجب بعلم حسن الصباح وقدراته، فقربه وأكرمه ولم يكن يعرف بخبايا ومعتقدات الصباح الهدامة.
عاش الصباح في كنف نظام الملك (9) سنوات، مخفياً هويته واعتقاده،

كيف تأسست الاسماعيلية النزارية ؟

بعد وفاة بدر الدين الجمالي، استلم ابنه "الأفضل" فلما مات الخليفة الفاطمي المستنصر، قام الأفضل بمبايعة ابن الخليفة المستنصر ويدعى "المستعلي"، رغم أن ولي العهد كان ابن المستنصر الأكبر "نزار"، لكن "الأفضل" نصب المستعلي لأنه كان ابن أخت بدر الدين، فانقسمت الإسماعيلية في مصر إلى فرقتين: أولاهما (الإسماعيلية المستعلية) نسبة للمستعلي، والثانية (الاسماعلية النزارية) نسبة لنزار، وأعلن حسن الصباح أنه يدعم نزار في خلافته، وأخذ يدعو له في المشرق، فكان حسن هو مؤسس الإسماعيلية النزارية في بلاد المشرق، وأصبح زعيما على هذه الطائفة في كل المشرق.

لماذا سميت فرقة الحشاشين بهذا الاسم؟

سبب تسمية الحشاشون بهذا الاسم

قيل عن هذه القلعة: أن فيها حدائق تشبه حدائق الجنة، وقيل أنهم كانوا يأتون بمن يريد تنفيذ عملية اغتيال، فيعطوه جرعة من الحشيش، ثم يجلسوه تحت أشجار الحديقة، ويجلبوا له الجواري الحسان، ويقولون له أن هذه الجنة، وأنه سيعود إليها بعد تنفيذ المهمة الموكلة إليه، ومنها أخذوا لقب الحشاشين، نسبة للحشيش المعطى لهذا المضلل.
لكن من باب الإنصاف للخصوم، فهذا ليس له أساس من الصحة، فمن زار القلعة يجد أن الثلوج تكسوها طيلة (7) شهور، وأنهم اكتسبوا تسمية الحشاشون من لفظة أطلقها الغرب على هذه الطائفة، يقصدون بها فرقة منفذوا الاغتيالات، لكنها لما عُرّبت أصبحت تلفظ حشاشون.

كيف مات حسن الصباح؟

مكث حسن الصباح باقي حياته في هذه القلعة حتى توفي عام (1124)، وكان يقضي وقته بها في وضع الخطط ومراسلة الدعاة الذين ينشرون الدعوة في جميع الأقطار، لم يترك وريثاً له لعدم وجود أولاد له، لكنه خلف كتابين: أحدهما يتحدث عن حياته الشخصية، والآخر عن الإلهيات.

نهاية الحشاشين؟

استمر إرهاب طائفة الحشاشين حوالي (200) سنة، أي قرنين من الزمان، حتى احتل هولاكو قلعة الموت، وأحرقها وقضى على شوكتهم في الشرق، ثم أكمل الظاهر بيبرس مسيرة القضاء عليهم في الشام فاستأصل شوكتهم سنة (1273).

اترك تعليقاً