عبد القادر الجيلاني سلطان الأولياء
عبد القادر الجيلاني، سلطان الأولياء، ذو النسب الشريف، قطب بغداد ومفتيها، عالم الشريعة والسلوك وصاجب الأخلاق العظيمة، فسيرته قدوة من أراد الوصول إلى حضرة المولى.
اقرأ المزيدأُمتنا الإسلاميّة غنية بالرجالِ العظام، المبدعين والقدوات في كلّ مَيدان، نقفُ لنتعرّف على أحدِ هؤلاءِ القامات، إنّهُ “الإمام الفقيه جعفر الصادق”، إنّ التعرّف على حياةِ هذا الإمام الجليل، ومعرفة أسباب نبوغُه وعِلمه، هو استشفافٌ لنموذجٍ فريد لرجل أنجبهُ الإسلامُ العظيم. فمن هو؟ وكيفَ نشأ وتعلّم؟ وما أسبابُ نبوغه في علمه؟
هو الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابْنِ رَيْحَانَةِ النَّبِيّ وَمَحْبُوبِهِ الحُسَيْنِ بنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وأرضاهم .
كَانَ يَقُوْلُ: وَلَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ مَرَّتَيْنِ:
فأُمُّه: هِيَ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ خليفة رسول الله ﷺ، وَأُمُّهَا: هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ خليفة رسول الله، فأمه: يتصل نسبها إلى أبي بكر الصديق من جهة أمها، ومن جهة أبيها أيضًا.
أولاد جعفر الصادق (عليه السلام) كانوا عدة أبناء، ومن بينهم:
بالإضافة إلى هؤلاء، كان لجعفر الصادق أبناء آخرين وبنات، ولكن المعلومات حولهم تختلف في العديد من المصادر والتقارير التاريخية. إن هذه الشخصيات تعتبر أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي والشيعي، حيث قادوا التيارات والمذاهب الشيعية بعد وفاة جعفر الصادق.
إنّ سر عظمته ليس كونه من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولكنه بذل جهدًا مضاعفًا في التَّعَلُّم، واستطاع أن يكبح جماح نفسه فأدَّبها، فكان في منتهى الكرم والخلق والجود.
بلغ الإمام بالكرم مبلغًا عظيمًا، وهذا ليس بغريب عن بيت النبوة، فجده رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود من الريح المرسلة، وكان صلوات الله وسلامه عليه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
يروي “هياج بن بسطام التميمي” تلميذ الإمام جعفر فيقول: (كان جعفر بن محمد يُطعم حتى لا يُبقي لعياله شيئًا).
يصفه “ابن حجر” بقوله: (صدوقٌ، فقيهٌ، إمامٌ)، فإن قالها ابن حجر؛ فاعلم أنه وصل إلى أعلى درجات العلم.
فهو شيخ أعظم الأئمة: فمن علمه أخذ “سفيان الثوري”، الذي يعدّ أفقه من أئمة المذاهب الأربعة، ومن نبعه استقى صاحب المذهب الأكثر انتشارًا في العالم الإسلامي، الإمام “أبو حنيفة النعمان“.
وقد نوّه الإمام “أبو حنيفة” بعلم أستاذه الإمام “جعفر الصادق”، ومقدار فضله حينما سُئل: (من أفقه من رأيت؟) فأجاب قائلًا: (جعفر بن محمد)، ذلك أنّه لمَّا أقدمه المنصور بعث إليه فقال: (يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد، فهيّء له مسائلك الشداد)، فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليَّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته، فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر الصادق ما لم يدخلن لأبي جعفر المنصور، فسلمت عليه فأومأ إليّ فجلست، ثم التفتّ إليه فقال: (يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة)، فقال: (نعم أعرفه).
ثم التفتّ إليَّ فقال: (ألقِ على أبي عبد الله من مسائلك)، فجعلت ألقي عليه ويجيبني، فيقول: (أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا)، فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعًا، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخلّ منها بشيء! ثم قال أبو حنيفة: (أليس قد روينا: أعلم الناس، أعلمهم باختلاف الناس؟!).
إنّ حسن استنباطه للعلل يدل على تمكنه من الفقه، وقد سُئِل مرة عن علّة تحريم الربا؟ فأجاب: (لئلا يتمانع الناس المعروف)، وكان يسعى بشكل دؤوب لمنع الخصومات بين الناس، ولو اضطر أن يدفع من ماله الخاص لإرضاء المتخاصمين.
إنّ كلَّ من كتب عن الإمام جعفر أكثر من نقل حِكَمِه وأجوبته المسكتة، والتي تبين سعة علمه وفهمه لمقاصد التشريع، فمن ذلك ما سأله عنه تلميذه “سفيان الثوري” في موسم الحج، فقال سفيان: لما قدمت مكة في موسم الحج، فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ “بالأبطح”، فقلت يا ابن رسول الله: لم جعل الموقف من وراء الحرم، ولم يكن في المشعر الحرام؟
فقال الإمام: (الكعبة بيت الله، والحرم حجابه، والموقف بابه، فلمّا قصده الوافدون، أوقفهم بالباب عند عرفات يتضرّعون، فلما أذن لهم بالدخول، أدناهم من الباب الثاني المزدلفة، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم، وطول اجتهادهم رحمهم، فأمرهم بتقريب القرابين، فلما قربوا قرابينهم، وتطهروا من الذنوب التي كانت حجابا بينهم وبين الله عز وجل، أمرهم أنْ يدخلوا بيته وهم طاهروا النفس).
ثم سأله سفيان: (لم كره الصوم أيام التشريق؟)، فقال: (لأنهم في ضيافة الله، ولا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه).
روى “أبو نعيم” في حلية الأولياء: كان الخليفة العباسي “أبو جعفر المنصور” جالسًا، فوقع عليه الذباب فذبّه، فعاد فذبّه، فعاد فذبَّه حتى أضجره كثرة الذباب، فدخل عليه جعفر بن محمد، فسأله الخليفة: (يا أبا عبد الله لم خلق الله الذباب؟)، وجعفر لا يعرف حال الخليفة مع الذباب، فقال جعفر: (ليُذلّ الله به الجبابرة).
عُرف عن الإمام جعفر الصادق اطّلاعه الواسع وعلمه الغزير، حيث شهد له بذلك الأكابر من العلماء، من كل الطوائف والمذاهب الإسلامية، فقلَّما تجدُ عالمًا تكلّم عليه بسوء:
رزقه الله هيبةً منقطعة النظير، هذه الهيبة جعلت أكبر ملوك الأرض حينها وهو “أبو جعفر المنصور” يخضع له، يروي الذهبي عن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: (دعاني المنصور فقال: إنّ جعفر بن محمد يطعن بي، قتلني الله إن لم أقتله)، يقول الربيع، فلقيت جعفر الصادق، فقلت: (أجب أمير المؤمنين)، فكأنه أحسّ، فتطهر ولبس ثيابه، فأقبلتُ به، فكان طول الطريق يتمتم بكلام لا أفهمه.
فلما وصلنا إلى “أبي جعفر” استأذنت عليه، فقال: (أدخله، قتلني الله إن لم أقتله)، فلما دخل جعفر الصادق، قام أبو جعفر المنصور من مجلسه ومشى إلى جعفر، وقال: (مرحبًا بالنقي الساحة، البريء من الخيانة، أخي وابن عمي)، وأقعده معه على سرير الملك، وأقبل عليه بوجهه وقال له: (سلني عن حاجتك؟)،
فقال: (تأخر عطاء أهل مكة وأهل المدينة، فتأمر لهم به)، قال: (أفعل)، ثم قال: يا جارية أعطني التحفة (نوع من دهن العود)، فأخذه بيده وطيبه بنفسه)، ثم انصرف جعفر فتبعته فقلت: (يا ابن رسول الله، أتيت بك ولم أشك أنه قاتلك، فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرّك شفتيك عند الدخول، فما هو؟).
فقال جعفر: قلت: (اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لا يُرَامُ، وَاغْفِرْ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، وَلا أَهْلِكُ وَأَنْتَ رَجَائِي، رَبِّ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ، قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا شُكْرِي، وَكَمْ مِنْ بَلِيَّةٍ ابْتَلَيْتَنِي بِهَا، قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا صَبْرَى، فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعَمِهِ شُكْرِي، فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلِيَّتِهِ صَبْرَى، فَلَمْ يَخْذُلْنِي، وَيَا مَنْ رَآنِي عَلَى الْخَطَايَا فَلَمْ يَفْضَحْنِي،
يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَضِي أَبَدًا، وَيَا ذَا النِّعَمِ الَّتِي لا تُحْصَى أَبَدًا، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبِكَ أَدْرَأُ فِي نَحْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَايَ، وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَايَ، وَاحْفَظْنِي فِيمَا غِبْتُ عَنْهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فِيمَا حَضَرَتْهُ، يَا مَنْ لا تَضُرُّهُ الذُّنُوبُ، وَلا تَنْقُصُهُ الْمَغْفِرَةُ، اغْفِرْ لِي مَالا يَضُرُّكَ، وَأَعْطِنِي مَالا يَنْقُصُكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، أَسْأَلُكَ فَرَجًا قَرِيبًا، وَصَبْرًا جَمِيلا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَالْعَافِيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْبَلاءِ، وَشُكْرَ الْعَافِيَةِ) .
فسبحان من جعل قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها حيث شاء.
الإمام جعفر الصادق هو شخصية دينية مهمة في الإسلام وهو الإمام السادس عشر في المذهب الشيعي الإثناعشري. يُعتبر جعفر الصادق مرجعًا دينيًا للشيعة الإثناعشرية وله دور كبير في تطوير التفكير الشيعي.
بالنسبة لأهل السنة والجماعة، يعتبرون جعفر الصادق عالِمًا دينيًا وشخصية معترف بها في التاريخ الإسلامي. يُذكر في العديد من المصادر التاريخية والفقهية السنية.
إجمالًا، يُعترف بجعفر الصادق على اختلاف المذاهب الإسلامية بأنه كان شخصية دينية هامة، والتقدير له يعتمد على المذهب الديني والمعتقدات الشخصية للفرد.
كان الإمام جعفر من أعظم الشخصيات التي تركت أثرًا في عصره وبعد عصره، وجمع إلى سعة العلم صفات كريمة اشتهر بها الأئمة من أهل البيت: كالحلم والسماحة والجلد والصبر، فجمع إلى العلم العمل، وإلى عراقة الأصل كريم السجايا.
وظل مقيمًا في المدينة، ملجأ للناس وملاذا للفتيا، ومرجعًا لطلاب العلم حتى توفِّي رحمه الله تعالى.
ودُفن جعفر الصادق في البقيع بالمدينة المنورة، إلى جانب والده وأجداده وباقي الصحابة رضوان الله عليهم.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
قصص الصحابة و الأئمة الأربعة وقصص التابعين والمبدعون
من جهة أبيه: جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابْنِ رَيْحَانَةِ النَّبِيّ وَمَحْبُوبِهِ الحُسَيْنِ بنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ علي بن أبي طالب.
من جهة أمه: هِيَ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ خليفة رسول الله ﷺ
لأنه لم يعرف عنه الكذب .
وله ألقاب أخرى: الإمام والفقيه.
سر عظمته ليس كونه من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولكنه بذل جهدًا مضاعفًا في التَّعَلُّم، واستطاع أن يكبح جماح نفسه فأدَّبها، فكان في منتهى الكرم والخلق والجود.
كان الخليفة العباسي "أبو جعفر المنصور" جالسًا، فوقع عليه الذباب فذبّه، فعاد فذبّه، فعاد فذبَّه حتى أضجره كثرة الذباب، فدخل عليه جعفر بن محمد، فسأله الخليفة: (يا أبا عبد الله لم خلق الله الذباب؟)، وجعفر لا يعرف حال الخليفة مع الذباب، فقال جعفر: (ليُذلّ الله به الجبابرة).
حسن استنباطه للعلل يدل على تمكنه من الفقه، وقد سُئِل مرة عن علّة تحريم الربا؟ فأجاب: (لئلا يتمانع الناس المعروف)، وكان يسعى بشكل دؤوب لمنع الخصومات بين الناس، ولو اضطر أن يدفع من ماله الخاص لإرضاء المتخاصمين.