ابن سينا الشيخ الرئيس
أمتُنا الإسلاميّة غنية بالرجال العظام، المبدعين والقدوات في كل ميدان، نقفُ لنتعرّف على أحدِ هؤلاء القامات، إنهُ ابن سينا الشيخ الرئيس، أميرُ الأطباء، أبو الطبّ الحديث، جالينوس الإسلام.
اقرأ المزيدالنساء في دين الله هن شقائق الرجال، وكم من نساء هن قدوات ورموز ونماذج بر وإحسان، نساءٌ خالدات قصصُ نسائية وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، تُعرّفنا على مكانة المرأة الجليلة في الإسلام.
نساء حول نبي الله موسى عليه السلام, أم موسى وزوجته وآسيا بنت مزاحم.
انتقل بنو إسرائيل إلى مصر في زمن نبي الله يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام، وأحسّ حكّامُ مصر بالخطر من ازديادهم، فبدأ الفراعنة يضطهدون بني إسرائيل؛ فجعلوهم يعملون في البناء والخدمات والأعمال الشاقّة، وبلغ عدد بني إسرائيل في مصر 600 ألف شخص عاشوا حياة الذل والاستعباد.
وفي ذات ليلة رأى فرعون مصر رؤيا: مفادها أن واحدًا من أبناء بني إسرائيل سينتزع الملك منه، وفي رواية أخرى: أن حاشية الملك خافوا أن تزداد أعداد بني إسرائيل على حساب المصريين، وفي الحالتين: كان القرار هو قتل أبناء بني إسرائيل والتخلص منهم في عام، وإبقاؤهم في العام الآخر.
بدأ الذبح في أبناء بني إسرائيل: فكانوا يقتلون كل مولود ذكر يولد في عام الذبح، قال تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}.
وهنا في الطرف الآخر تظهر آسيا امرأة فرعون المؤمنة، والتي كان فرعون قد سمع بجمالها فأراد أن يأخذها أمَةً بالإكراه، ثم قبل الزواج منها رغم عدم إيمانها، فقد ضحت بنفسها من أجل أهلها، وعاشت مع فرعون كارهة له محافظة على إيمانها بالله تعالى.
كانت آسيا تتمنى الولد، فلما وجدت تابوت موسى؛ جاءت إلى فرعون طالبةً منه أن يبقيه، فقد كان يريد قتله {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}، قال فرعون: (قرة عين لكِ أنتِ)، ووافق لأجلها وهم لا يشعرون بتدبير المولى سبحانه.
بعد موافقة فرعون بدأت رحلة البحث عن مرضعة لهذا الطفل، فقد كان يرفض كل النساء اللواتي جيء بهنّ، ثم تدخلت أخته في الوقت المناسب، قال تعالى:
{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}، فرجع إلى أمّه {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}، فصدّقت وعد الله لها وأجابها المولى سبحانه.
نشأ سيدنا موسى عليه السلام بين البيتين: بيت أمه كمرضعة له، وبرعاية آسيا زوجة فرعون، وكان فرعون يتحيّنُ فرصة ليتخلص منه، ثم جاءته الفرصة: لما شبّ موسى ورأى في المدينة صراعاً بين رجلين واحد من بني إسرائيل، والآخر من المصريين، فوكز المصري فقتله دون قصد،
ثم استغفر وتاب الله عليه، ولكن الخبر وصل إلى فرعون؛ فاجتمع الأعيان وقرروا قتل موسى، ووصل الخبر إلى موسى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}.
هنا بدأت مرحلة جديدة من حياة سيدنا موسى عليه السلام، فخرج من مصر باتجاه فلسطين ماشياً قاطعاً صحراء سيناء، تقطعت نعاله وأكل أوراق الشجر حتى وصل إلى “مدين” على أطراف سيناء، وعند بئر ماء في مدين كان الرعاة يسقون أغنامهم ويتدافعون على البئر.
رأى سيدنا موسى امرأتين تبعدان غنمهما عن الماء، فجاء سائلاً عن حالهما: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}،
عندما سمع ذلك منهما أخذ غنمهما ودافع الناس بقوة حتى سقى لهما، ثم جلس يدعوا المولى سبحانه بدعاء نتعلم منه الأدب مع الله: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.
وهنا جاء الفرج من الله سبحانه، إذا جاءت إحدى البنتين: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}، فذهب معها سيدنا موسى، وكان يمشي أمامها وتمشي خلفه وتشير له إلى الطريق بواسطة الحصى، كانت أول صفات هذه المرأة الحياء،
فما أجمل أن تجمع النساء بين القدرة العلمية والعملية وبين خلق الحياة، فالحياء لا يمنع المرأة من المشاركة في العلم والحياة وبناء الحضارة.
ولما وصل إلى أبيها وقص عليه ما جرى معه؛ طمأنه بالنجاة من الظالمين، ثم قالت إحدى البنتين: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}، لخصت لنا هذه المرأة بحكمة قاعدة ذهبية من قواعد التعامل البشري، عند طلب العمل يجب البحث عن صفتين:
وهنا ظهرت أيضاً حكمة الأب: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}، جاءه شاب لا يملك شيئاً فآواه وزوجه مقابل أن يعطيه شئياً من عمله خلال 8 سنين، فماذا أنتجت المغالاة في المهور:
لما أتم سيدنا موسى 10 سنوات اشتاق لزيارة أهله في مصر، وفي الطريق أصابهم البرد فرأى موسى عليه السلام ناراً من بعيد فترك زوجه وذهب إليها، وهنا كان مشهد الرسالة العظيم: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وأعطاه الله سبحانه المعجزات والآيات: العصا تنقلب حية تسعى، ويده تخرج بيضاء من غير سوء، وتلخصت مهمة رسالته بأمرين:
رجع إلى أهله فناصرته زوجته وحملت همّ الرسالة معه، ولما وصل إلى مصر زار أمّه ففرحت به أيما فرح، ثم زار آسيا ففرحت أيضاً وآمنتا به وبرسالته، ثم بدأ الصراع مع فرعون.
اقرأ أيضًا: الحوار مع مقاومة التغيير … من آيات القرآن الكريم
طلب المولى سبحانه من موسى وأخيه دعوة فرعون برفق، فكان مشهد الحوار في قصره، ولكن فرعون أبى واستكبر ووصفه بأنه ساحر: {فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ}.
بدأ التحدي بين موسى عليه السلام وسحرة فرعون أمام الناس، وظهرت المعجزة على السحر، وألقي السحرة ساجدين مؤمنين بالله رب العالمين: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (47) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (48) ربِّ مُوسَى وَهَارُونَ}.
هنا اضطرب فرعون أحس باهتزاز عرشه، فصبَّ جام غضبه على السحرة وعذبهم، وأمام هذا الرفض من فرعون تحول تركيز سيدنا موسى إلى مهمة إخراج بني إسرائيل من مصر، ولكن فرعون أبى أيضاً فجاءته الآيات تباعاً: (العصا، اليد، الجراد، القمل، الضفادع، الطوفان، الدم، الحجر، نقص الأموال والأنفس)،
ومع كل آية منها: كان يرضخ فرعون، فيدعو موسى ليكشف الله البلاء، ثم يحنث فرعون ويأبى، ومع آخر هذه الآيات وافق فرعون، فخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل سائراً من مصر نحو فلسطين في مشهد عظيم.
وفي هذه الأحداث وما قبلها: كانت هؤلاء النسوة الثلاث (أمه وزوجته وآسيا مربيته) تدعمن نبي الله موسى، ولما حانت الهجرة تجهّزت آسيا لها ولكن فرعون رفض وعذّبها ثم قتلها بحجر فماتت شهيدة رحمها الله.
ثم أردا الله أن يخلد لنا هذا النموذج في القرآن الكريم:
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، لماذا؟ وكيف؟
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
المبشرون بالجنة من الرجال والنساء
اسيا بنت مزاحم.
وصفها بخلق الحياء {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}.
{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
القوي الأمين {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}.
لما حانت الهجرة تجهّزت آسيا لها ولكن فرعون رفض وعذّبها ثم قتلها بحجر فماتت شهيدة رحمها الله.