يوم القيامة العلامات الصغرى والكبرى
يوم القيامة آتٍ بلا شك، إلا أن موعد قدومه لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى…
اقرأ المزيدالحسين بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله ﷺ وريحانته، ابن فاطمة الزهراء عليها وعلى أبيها أفضل الصلاة والسلام، أبوه علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ابن عمّ رسول الله ﷺ ورابع الخلفاء الراشدين، كان رسول الله ﷺ يحبّه فكان يقول: «اللهم إني أحبه فأحبه»، وقال أيضًا:
«الحسَنَ والحُسَيْنَ سيِّدا شبابِ أَهْلِ الجنَّةِ»، خرج ثائرًا لأجل حفظ الدين من إلغاء مبدأ الشورى وجعل الحكم وراثة، فكان معلمًا للأمة كيف تضحي حفظًا لمبادئها.
لا يمكن لإنسان أن يتعرّف على الحسين إلا ويحبه، ولا يمكن لإنسان أني يحبه حب حقيقي إلا إذا تعرف عليه، فدعونا ننطلق للتعرف عليه..
فلما ولد الحسين قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربا. قال: «بل هو حسين»، فلما ولد الثالث جاء النبي ﷺ قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربًا قال: «هو محسن»، ثم قال: «إني سميتهم بأسماء ولد هارون».
ثورة الحسين بن علي على يزيد بن معاوية رضي الله عنهما وعلى أبويهما، كانت من أخطر الثورات ضد الأمويين، فالحسين كان يمثل ضمير الأمة الراغبة في التمسك بحقها في منح السلطة لمن يستحقها، فلا يفرض عليها أحد، فالنبي ﷺ أخبرنا أنّ أول ما يتغير من الإسلام الحكم وآخر ما يتغير الصلاة،
فتبدل الحكم من الشورى إلى التعيين، فثار الحسين رافضًا هذا التحريف، فشهادة الحسين كان عامل شحن عاطفي قوي ضد الأمويين، أدى لمجموعة من الثورات انتهت بإسقاط حكمهم، كما كانت أحد المآسي التي عصفت بالأمة.
انتقل الحسين إلى المدينة المنورة فعاش فيها، وذلك بعد أن تنازل الحسن إلى معاوية رضي الله عنهما في عام الجماعة؛ إعلاء منه لقدسية وحدة الأمة، وكان من شروط الصلح أن يكون الحسن هو الخليفة بعد معاوية ولكنّه توفي رحمه الله، فبقي معاوية خليفة للمسلمين بعد الصلح (20) عامًا.
ولما شعر معاوية بن أبي سفيان بدنو أجله، قرر تعيين ابنه يزيد خليفة للمسلمين، فبايعه معظم الناس ولكن عارضه عدد من كبار الناس على رأسهم:
حاول معاوية أن يضغط على هؤلاء الكبار، عبر واليه على المدينة؛ ليبايعوا ابنه يزيد، ولكنه توفي ولم يفلح في ذلك.
بعد وفاة معاوية تولى ابنه يزيد الخلافة، فآثر كل من عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس بيعته خوفًا من الفتنة، أما عبد الله بن الزبير فلم يبايع يزيدًا وكان يرى فضل الحسين عليه، ولكنه من الناحية السياسية كان لا يثق بأهل العراق، فنصح الحسين بعدم الذهاب إليهم والبقاء في الحجاز أو الذهاب إلى اليمن.
كانت الكوفة عاصمة خلافة علي كرم الله وجهه، فجعل أنصاره يراسلون الحسين يطلبون منه القدوم إليهم لينصروه، وهذا كان أحد أسباب خروج الحسين إليهم، والأمر الآخر أنّ والي يزيد على المدينة اشتدّ عليه وعلى ابن الزبير في مسألة البيعة، فخرجا منها إلى مكة المكرمة، ولكن الحسين لم يعلن ثورته في مكة حتى لا تستحلّ حرمتها.
لما أكثر أهل الكوفة رسائلهم إلى الحسين؛ أرسل إليهم ابن عمه “مسلم بن عقيل”، وطلب منه أن يتبين حقيقة أمرهم، فلم وصل الكوفة بايعه سرًا نيابة عن الحسين (12) مقاتل، فكتب إليه يقول: (أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، إن جميع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تنظر في كتابي).
لما وصل كتاب مسلم ابن عقيل بدأ الحسين يتجهز للخروج إلى الكوفة، فجاءته النصائح تباعًا تحذره خذلان أهل العراق له كما خذلوا أباه من قبل، فأول من جاء ينصحه أخوه محمد بن الحنفية وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن جعفر ثم جاءه عبد الله بن عباس فقال:
(يا ابن عمّي إني لأتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قوم غدر فلا تغترن بهم، إلى أن ينفي أهل العراق واليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن فيها حصونًا وشعابًا، ولأبيك فيه شيعة وأنصارًا).
فقال الحسين: (يا ابن عم، والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير)، فقال ابن عباس: (فإن كنت ولا بد سائرًا؛ فلا تسر بأولادك ونسائك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه).
هذه النصائح كلها تظهر معرفتهم بخذلان أهل الكوفة وأنهم ليسوا أهلًا للثقة، كما تظهر الوعي بأن مكانة الحسين لن تمنع قتله كما قتل أبيه، ومن قبله عثمان رضي الله عنهم أجمعين، فتوقع الجميع استشهاد الحسين فكانت كلمات الوداع والحزن بادية، أما الحسين -رغم كل هذا- أصر على موقفه وعزمه على المضي مضحيا بنفسه إعلاء لمبدأ الشورى العظيم.
شعر يزيد بن معاوية بخطورة الموقف، فضمّ ولاية الكوفة إلى حاكم البصرة القوي عبيد الله بن زياد، بدأ ابن زياد التحرك بجمع المعلومات في الكوفة، وعلم إقامة “مسلم بن عقيل” في دار أحد وجهاء الكوفة “هانئ بن عروة”.
فألقى القبض عليه وضغط عليه وضربه، فبلغ الخبر “مسلم بن عقيل” فأسرع واستعجل فخرج بأربعة آلاف مقاتل وحاصر قصر “عبيد الله بن زياد”.
كان عند ابن زياد في ذلك الوقت أشراف الكوفة، فأمرهم أن يخذلوا الناس عن مسلم ووعدهم بالعطايا، وخوفهم بجيش الشام، فصار الأمراء يخذلون الناس عن مسلم، وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحيدًا يمشي في طرقات الكوفة لا يدري أين يذهب، فطرق الباب على امرأة وطلب منها الماء فأسقته، وأخبرها عن حاله فرقت له.
فلما قدم ولدها ذهب إلى محمد بن الأشعث فأخبره الخبر، فجاء إلى مسلم وأعطاه الأمان، فطلب منه “مسلم” أن يرسل إلى الحسين برسالة يقول فيها:
(ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة، فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني، وليس لكاذب رأي)، وذهب ابن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد طالبًا الأمان لمسلم، فأرسل ابن زياد الشُرط إلى مسلم فقتله، ثم قتل “هانئ” وصلبهما في سوق الكوفة.
سار الحسين رضي الله عنه بأهله إلى الكوفة، وهو لا يدري بما حلّ بمسلم بن عقيل، وفي الطريق التقى الفرزدق الشاعر، وسأله عن حال أهل الكوفة، فأخبره أن قلوبهم معه وأيديهم عليه، وبلغ مسيره إلى يزيد بن معاوية فأرسل إلى عبيد الله بن زياد يحذره ويقول:
(بلغني أن حسينًا قد سار إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلاد، وابتليت به من بين العمّال، فعندها تعتق أو تعود عبدا كما تستعبد العبيد).
لما اقترب الحسين من الكوفة أرسل رسله إلى “مسلم بن عقيل”، فألقي القبض عليهم وقتلهم ابن زياد، والحسين لا يدري بالأحداث، جاءه خبر مقتل مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة وخذلان أهل الكوفة له، فخطب الحسين في أتباعه:
(إنه قد أتانا خبر فظيع، قُتِلَ مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف غير حرج، ليس عليه ذمام).
فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينًا وشمالًا، وبقي معه فقط أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ونفر قليل، وقال له بعض أصحابه:
(ننشدك الله إلا رجعت من مكانك؛ فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف عليك أن يكونوا عليك)، فوثب بنو عقيل وقالوا: (والله لا نبرح حتى يدرك ثأرنا أو نذوق كما ذاق مسلم)، فقال الحسين: (لا خير في العيش بعد هؤلاء).
التقى الحسين بطلائع جيش الكوفة، يقودهم “الحر بن يزيد الرياحي التميمي” ومعه ألف فارس، وكان الحر رجل عاقل فقال للحسين:
(إني لم أؤمر بقتالك، إنما أمرت ألا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإذ أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة، تكون بيني وبينك نصفا، حتى أكتب إلى الأمير، وتكتب إلى يزيد أو إلى عبيد الله؛ فلعل الله إلى ذلك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك).
وافق الحسين على ما قاله الحر وسار معه، وكان الحر وجيشه إذا حضرت الصلاة اصطفوا واقتدوا بالحسين، ولما اقتربوا من كربلاء وصلت الفرق الرئيسية من جيش الكوفة يقودهم عمر بن سعد بن أبي وقاص في (4 آلاف) مقاتل، فأبلغ الحسين أنه مأمور أن يصحبه إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة، فرفض الحسين وأعطاه ثلاث خيارات:
أرسل عمر إلى عبيد الله بعرض الحسين، فرفض حتى يمكنه من نفسه ثم يفعل هو به ما يريد، وبدأت المناوشات بين الطرفين وجعل أصحاب الحسين يقدمون البطولات والتضحيات، ثم حوصر الحسين دون أن يجرأ أحد على قتله، فكانوا يتمنون أن يستسلم لكنه كان صامدًا ثابتًا على الحق، إلى أن تجرأ الشقي “شمر بن ذي الجوشن” فقتله وأرسل برأسه إلى عبيد الله
استشهد الحسين في العاشر من محرم سنة 61هـ في كربلاء بأرض العراق، وقتل معه (72) رجلًا من أهله وأصحابه، وقتل من جيش الكوفة (88) رجلًا، فعلمنا الحسين ومن معه التضحية في سبيل الحق، فدون تضحيات لا قيامة لحق ولا نهضة لأمة.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
الحسن بن علي و بنات رسول الله و محمد بن الحنفية
فاطمة بنت الرسول
سيدا شباب أهل الجنة أولاد علي وفاطمة عليهما السلام. جدهما رسول الله
الشقي "شمر بن ذي الجوشن"
نعم توفي النبي ﷺ سنة 11 هـ، والحسين حينها بين السادسة والسابعة من عمره.
المصادر